يفخر المجتمع المتديّن في إسرائيل بكونه الأفضل من حيث القيم، الأخلاق وبكونه الأكثر كفاءة في البلاد. إذ يُعتبر شبانه وأبناؤه نخبة المجتمَع الإسرائيلي، وهناك من سيقول إنهم البوصلة الأخلاقية لإسرائيل. لقد قال نفتالي بينيت، رئيس حزب "البيت اليهودي" الذي يُعتبر حزب الوسط المتدين القومي في إسرائيل، في يوم الانتخابات الأخير: "أنا فخور بالصهيونية المتدينة، وبرجالها لأنّهم مجتمع مثالي حقيقي".
هكذا يتم تصور الأمر في إسرائيل، أو على الأقل هكذا يريد المتدينون أن يتصوروا الوضع: في حين أن الإسرائيلي الذي يعيش في تل أبيب يهتم فقط بملذات الحياة: المال، المشتريات، السيارات، العلاقات الجنسية، يهتم المتدين بالنواحي النبيلة والسامية. إنه يصلي لإلهه بحرارة تامة، ويشكل العالم المادي أقل اهتماما بالنسبة إليه، وفي حين أن صديقه التل أبيبي يفكر كيف يجذب الفتيات، فهو يعمل من أجل مستقبل المجتمع كله.
حركة الشبيبة الدينية "بني عكيفا" (Flash90Kobi Gideon)
حركة الشبيبة الدينية "بني عكيفا" 
إلا أنّ هناك دوافع جنسية لدى هؤلاء الأشخاص المتدينين، ومن الصعب عليهم كبح جماح أنفسهم. لقد اشتُبه بالحاخام مردخاي ألون، أحد زعماء الصهيونية المتدينة الروحيين، وتم التحقيق معه وأدين بأفعال جنسية غير لائقة مارسها مع شبان جاؤوا لطلب مشورته. كما وشهد أشخاص عرفوا أفعال ألون أنّ الأفعال التي أدين بارتكابها هي جزء صغير فقط من شبكة من الاعتداءات الجنسية على الشبان.
بل إن فضيحة ألون أكثر تعقيدا، لأنّ الاشتباهات في قضية هذا الحاخام الكبير ظهرت منذ العام 2005، ولكنها نوقشت في منتديات مغلقة تابعة للوسط المتدين في إسرائيل، ولم يتم التحقيق فيها لفترة طويلة من قبل الشرطة. لقد حكم منتدى الحاخامات على ألون بترك مدينة القدس والانتقال إلى شمال إسرائيل، في أعقاب شكوى قدّمها ثلاثة شبان اشتكوا أنّ ألون مارس معهم أفعالا جنسية غير لائقة. لقد علمت السلطات القانونية في إسرائيل بالموضوع بعد سنوات من ذلك فقط.
وقد رفض حاخامات كبار في الوسط الديني في إسرائيل قبول هذا الحكم على الحاخام ألون، وأضافوا أنهم يعتبرونه حاخاما محترما ومهما. ففي يوم السبت فقط، دعت حركة "بني عكيفا"، وهي حركة شبيبة دينية في إسرائيل، ألون ليلقي خطابا في مؤتمر الحركة.
لقد غضب الصحفي المتدين كلمان ليبيسكيند من دعوة ألون ليتحدث أمام الشبيبة، وقال: "أولئك الذين يحترمون الحاخام ألون في موقف كهذا ينقلون إلى هؤلاء الشبيبة رسالة واضحة. وتتطرق الرسالة إلى التزامهم بمكافحة الاعتداءات الجنسية من قبل الحاخامات وذوي السلطة".
ينون مجال (فيس بوك)

وعندما يتم الاشتباه بحاخام كبير جدا في الوسط بممارسة أفعال غير لائقة وخطيرة جدا، ماذا سيقول عضو كنيست بسيط من حزب البيت اليهودي؟ لقد تم أمس الكشف عن شكاوى لنساء عملنَ في الماضي مع عضو الكنيست ينون مجال، واللواتي قلنَ إنّ مجال تحرّش بهنّ جنسيا، وعبّر أمامهنّ عن رغبته بممارسة الجنس معهنّ، وحاول تقبيلهنّ بالقوة بل وأمسك بمؤخراتهنّ. إن ينون مجال ليس شخصا متديّنا ولكنه تقليدي، وهو عضو في حزب البيت اليهودي.
ولم ينفِ مجال التهم التي نُسبت إليه، وإنما قال إنه يعتذر عن الكلام الذي قاله قبل أن يكون عضو كنيست، في محادثات بين الأصدقاء.
وهكذا يتّضح أن العنف ضد النساء والاعتداءات الجنسية هي مرض مجتمعي، ولا يوجد أي وسط في المجتمع، مهما كان أخلاقيا وقيميّا، محصّن منها. سيضطر المجتمع المتدين في إسرائيل إلى تعلّم مواجهة ذلك، ولا يمكنه استخدام صورته كنخبة أخلاقية للتهرّب من المسؤولية.