الثلاثاء، 21 يوليو 2009

اولمرت يكشف اسرار العلاقات الاميركية

بقلم /محسن هاشم
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية اليوم الجمعة مقالا بقلم ‏رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود اولمرت (الذي تولى رئاسة الحكومة الاسرائيلية من ‏العام 2006 الى العام 2009) وصف فيه شراكة اسرائيل مع الولايات المتحدة بأنها احد ‏اعظم اصولها الاستراتيجية. فالولايات المتحدة تورد لاسرائيل معونات حاسمة امنيا ‏واقتصاديا ودعما سياسيا يصعب تقديره على الساحة الدولية.
ويقول اولمرت في مقاله: "ووسط التقارب المشروع الذي ‏بدأه الرئيس الاميركي اوباما مع العالم العربي والاسلامي، فان من المهم ان ننحو تجاه سوء ‏تقدير طبيعة العلاقات الاميركية المتعددة المناحي مع اسرائيل، التي يصفها اولمرت بانها ‏الدولة الديمقراطية الشرق اوسطية الحقيقية الوحيدة التي تقوم مبادئ تأسيسها على قيم الغرب ‏من الحرية والتحرر للجميع".‏
ويقول ايضا انه "خلال فترة ولاية رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون وولاية ‏حكومتي فيما بعد، قمنا بالمشاركة مع الرئيس الاميركي السابق جورج بوش بتعزيز العلاقات ‏الاميركية الاسرائيلية على جميع المستويات وبشأن معظم القضايا. وقد اقيم هذا التقدم على ‏اساس من التفاهم العميق والصادق المكتوب والشفوي".‏
‏"وخلال الانتفاضة الثانية، قدمت امريكا دعما غير مسبوق للنضال الاسرائيلي ضد الارهاب ‏الفلسطيني ولقيام اسرائيل ببناء الحاجز الامني. كما اننا وضعنا تصورنا معا "لحل الدولتين" ‏باعتباره الطريقة الوحيدة لانهاء الصراع بقبول وتنفيذ "خارطة الطريق" وتوابعها.‏
‏"وأقر الكونغرس الاميركي باغلبية ساحقة رسالة الرئيس بوش للعام 2004 التي شرح فيها ‏حق اسرائيل في الدفاع عن النفس بقوتها الذاتية ضد اي تهديد، والتي اعترف فيها بالحقائق ‏الجديدة على الارض من حيث ان مراكز سكنى اليهود في الضفة الغربية ستكون جزءا لا ‏يتجزأ من دولة اسرائيل في اي اتفاقية للوضع النهائي في المستقبل. كما اعترفت اميركا بان ‏الدولة الفلسطينية المستقبلية ستمثل حلا للاجئين الفلسطينيين من حيث اعادة توطينهم فيها ‏وليس في اسرائيل.‏
‏"وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 التقت السلطة الفلسطينية وادارة بوش واسرائيل في ‏أنابوليس حول هدف موحد لحل كل القضايا المعلقة. وقد وفر لقاء أنابوليس اطار عمل ‏لمفاوضت مباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين تنحو تجاه التوصل الى نهاية للصراع ولكل ‏الادعاءات.‏
‏"اما اليوم، فانه بدلا من المسيرة السياسية، فان قضية الانشاءات الاستيطانية تتصدر جدول ‏الاعمال بين الولايات المتحدة واسرائيل. وهذا خطأ بحد ذاته اذ انه لا يخدم المسيرة مع ‏الفلسطينيين ولا العلاقات بين اسرائيل والعالم العربي. بل اكثر من ذلك، تكمن فيه احتمالات ‏اصابة العلاقات الاميركية الاسرائيلية بهزة كبيرة.‏
‏"فقضية المستوطنات معروفة بانها مثيرة للنزاع بين اسرائيل والولايات المتحدة، اذ رغم ان ‏امريكا لم تؤيد انشاءها، الا انها في بعض المناسبات اعترفت بالحقائق التي نمت على مدى ‏‏40 عاما.‏
‏"لقد توصل شارون الى تفاهم مع الولايات المتحدة بشأن نمو وبناء المستوطنات كجزء من ‏خارطة الطريق. واشتملت التفاهمات على النقاط التالية:‏
‏-‏ عدم بناء مستوطنات جديدة.‏
‏-‏ عدم تخصيص او مصادرة اراض جديدة للانشاءات الاستيطانية.‏
‏-‏ تظل اي انشاءات في المستوطنات ضمن حدود البناء الحالية.‏
‏-‏ لا تخصص اي اموال للحوافز الاقتصادية التي تدعو الى نمو المستوطنات.‏
‏-‏ تفكك العشوائيات غير المسموح بها التي اقيمت بعد آذار (مارس) 2001 (وهو التزام ‏لم تلتزم به اسرائيل للاسف بعد).‏
‏"وضعت هذه التفاهمات اساس العمل، وتوازنا صحيحا، في رأيي، للسماح باستقرار ‏العناصر الاساسية والحياة العادية للاسرائيليين المقيمين في المستوطنات الى ان يتم تقرير ‏مصيرهم مستقبلا في اتفاقية الوضع النهائي . وقد تمسكت بهذه التفاهمات وتابعتها بتنسيق ‏وثيق مع ادارة بوش.‏
‏"واضافة الى ذلك، فانه خلال الفترة التي سبقت أنابوليس وفي الاجتماعات التي جرت ‏هناك، شرحت بالتفصيل للادارة الاميركية وللقيادة الفلسطينية ان اسرائيل ستواصل البناء ‏في المستوطنات وفق القواعد المذكورة اعلاه.‏
‏"واسمحوا لي بان اكون اكثر وضوحا. ان مسيرة انابوليس ما كانت لتظهر باي شكل من ‏الاشكال من دون هذه التفاهمات. ولذلك فان التركيز على الانشاءات الاستيطانية الان امر ‏غير مجد.‏
‏"ان الاصرار الان على التجميد الكامل للانشاءات الاستيطانية – الذي يستحيل تنفيذه ‏بالكامل – لن يجد طريقا امام الجهود الفلسطينية لتعزيز اجراءات الامن، ولبناء ‏المؤسسات وهو امر حيوي بالنسبة لنمو الدولة الفلسطينية، ولتوفير حركة افضل ‏للفلسطينيين، او حتى لتحسين اقتصاد الضفة الغربية. كما انه لن يضعف حكومة "حماس" ‏في غزة. ولن يوفر امنا اكبر لاسرائيل، او يساعد في تحسين علاقات اسرائيل مع العالم ‏العربي، او يعزز ائتلاف الدول العربية المعتدلة او ينقل التوازن الاستراتيجي في الشرق ‏الاوسط.‏
‏"وحدها المسيرة السياسية التي تتطلب قرارات شجاعة من قادة الجانبين هي التي ستظهر ‏حل قضية الاستيطان.‏
‏"وحتى هذا اليوم، فانني لا استطيع ان افهم لماذا لم تقبل القيادة الفلسطينية الاقتراح البعيد ‏المدى وغير المسبوق الذي عرضته عليها. وقد اشتمل اقتراحي حلا لجميع القضايا ‏المعلقة: التسوية بالنسبة للارض وترتيبات الامن والقدس واللاجئين.‏
‏"ويفضل استكشاف الاسباب التي جعلت الفلسطينيين يرفضون عرضي، ويفضلون بدلا ‏منه السير بتثاقل متحاشين القرارات الواقعية. كان يمكن لاقتراحي ان يساعد في تحقيق ‏‏"حل الدولتين" وفقا لمبادئ الادارة الاميركية والحكومة الاسرائيلية برئاستي والاسس التي ‏اتبعتها القيادة الفلسطينية طوال السنين.‏ ‏"واعتقد ان من المهم اعادة النظر في الدروس الناشئة عن رفض الفلسطينيين لمثل هذا ‏العرض.‏ ‏"ان التركيز على الانشاءات الاستيطانية، في الوقت الذي تغفل فيه التفاهمات السابقة، ‏يُحول اتجاه التركيز بصورة غير عادلة بعيدا عن المسيرة السياسية الحقيقية وعن التعامل ‏مع القضايا الاستراتيجية الحقيقية التي تواجه المنطقة".‏
ويقول اولمرت انه "يجب سحب بند الانشاءات الاستيطانية من الجدول الاعمال ‏الجماهيري، وتحويله الى الحوار المكتوم مثلما كان الحال في الماضي. وسيعزز ذلك من ‏علاقاتنا الثنائية ويسمح لنا بالتعامل مع القضايا الاساسية : وهي المسيرة السياسية، ‏حرمان ايران من محاولة الحصول على اسلحة نووية، استئصال الارهاب الاسلامي، ‏وايجاد حوار ضروري لتطبيع العلاقات بين اسرائيل والعالم العربي.‏
‏"ان الوقت يمضي سريعا فيما يتعلق بالتعامل بهذه القضايا المهمة. ولا يمكننا اضاعة ‏الوقت الذي بين ايدينا في قضايا غير ذات اهمية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار