الخميس، 27 يناير 2011

وفاة فتاة بعد سقوطها من شرفة منزلها وسط القطاع

ترجمة محسن هاشم
توفيت فتاة فلسطينية بعد سقوطها من شرفة منزلها في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة, في حين أصيب مواطن بجراح متوسطة جراء إنفجار قنبلة يدوية شرق محافظة خانيونس جنوب القطاع.
وأفاد مصادر في القطاع أن الفتاة روان عبد الحكيم البحيصي 22عاما, سقطت من شرفة منزلها في دير البلح, مما أدى لوفاتها على الفور وتم نقلها لمستشفى شهداء الأقصى بالمدينة, مشيراً إلى أن الشرطة فتحت تحقيق حول الحادثة لمعرفة ملابساته.
وفي السياق ذاته أصيب مواطن بإنفجار قنبلة يدوية بمنزله في بلدة القرارة شرق محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة, وقال مراسلنا إن المواطن 23عاما أصيب بجراح متفاوته جراء إنفجار قنبلة يدوية في منطقة القرارة شرق خانيونس نقل على إثرها لمستشفى ناصر بخانيونس ووصفت حالته بالمتوسطة.
يذكر أن ثلاثة أطفال أصيبوا بجراح متفاوته جراء إنفجار جسم مشبوه أثناء لهوهم على شاطئ بحر خانيونس جنوب قطاع غزة.

قتيل وجريحان بقصف اسرائيلي على شرق غزة

ترجمة محسن هاشم
أفاد مراسل "روسيا اليوم" في قطاع غزة أن فلسطينيا قتل وأصيب اثنان آخران بجروح على الأقل جراء قصف إسرائيلي إستهدف حي الزيتون شرق مدينة غزة.
وأكد أدهم أبو سلمية الناطق باسم اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ في قطاع غزة مقتل شاب فلسطيني وإصابة اثنين آخرين وصفت جراحهما بـالخطيرة نتيجة انفجار جسم مشبوه بهم من مخلفات جيش الاحتلال في المنطقة.
ومن جهته فقد نفى الجيش الإسرائيلي أن يكون قد قصف قطاع غزة، وقالت مصادر عسكرية اسرائيلية أن التقديرات تشير إلى أن انفجارا وقع في جسم مشبوه في أرض زراعية قرب موقع ملكا العسكري الإسرائيلي شرق حي الزيتون شرق غزة، وقال أن أربعة من ناشطي حركة الجهاد الإسلامي حاولوا إطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل إلا أنه انفجر في المكان.

الاثنين، 24 يناير 2011

خبير إسرائيلي يطالب بتحالف العرب وإسرائيل ضد إيران

بقلم محسن هاشم
محاولات السيطرة الأمريكية على الغضب العربي بعد إعلانها فشل مباحثاتها مع إسرائيل للتوصل إلى حل لوقف البناء في المستوطنات ما زالت مستمرة عن طريق بعض التصريحات والوعود بالاستمرار في عملية
السلام, وعلى الرغم من ذلك فقد أعلنت مصادر أمريكية أن حكومة أوباما لن ترضى عن مبادرة السلطة يإعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد، فيما استنكرت الولايات المتحدة الأمريكية اعتراف بعض دول أمريكا اللاتينية بالدولة الفلسطينية.
على جانب آخر، أشار الأسد إلى أن إسرائيل لا تمثل شريكًا حقيقيًا للسلام, بسبب ما تقترفه من جرائم ضد الفلسطينيين, ومن ناحية أخرى، أثارت الصحف الإسرائيلية احتمال نشوب الحرب بين لبنان وإسرائيل على خلفية إعلان نتائج التحقيقات في مقتل رئيس وزراء لبنان السابق، رفيق الحريري, كما أشارت التقارير إلى أن سعد الحريري يحاول إقناع المحكمة الدولية عدم الإعلان عن هذه النتائج؛ خوفًا من أن تنشب حرب أهلية داخل لبنان.
استسلام الولايات المتحدة الأمريكية
أشارت تقارير بكل من "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس" و"معاريف" إلى أن المحاولات الأمريكية لإقناع "إسرائيل" بوقف البناء في المستوطنات قد باءت بالفشل، ونقل تقرير بجريدة معاريف تصريحات لوزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، بشأن عملية السلام أكدت خلالها أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال حتى الآن ملتزمة بعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين, ولكن المسؤولية الكبرى في النهاية تقع على عاتق الجانبين, قائلة: "الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بعملية السلام، ولكن مسؤولية إنهاء الأزمة تقع على الفلسطينيين والإسرائيليين", وقد أشار المتحدث الرسمي للحكومة الأمريكية، فيليب كراولي، أن كلينتون ستناقش القضايا العالقة بين الطرفين، وعلى رأسها قضية القدس وقضية الاستيطان إلى جانب قضية اللاجئين الفلسطينيين, "سوف تطالب كلا الجانبين أن يعملا على حل القضايا التي تشكل لب الأزمة, مثل: قضية الحدود, والترتيبات الأمنية، واللاجئين، والاستيطان, والمياه والقدس", كما أشار التقرير إلى أن كلينتون قد التقت مع زعيمة المعارضة فى إسرائيل تسيبى ليفني, ومن قبلها التقت مع كبير مفاوضي السلطة الفلسطينية صائب عريقات, الذي استغل فرصة المؤتمر الصحفي عقب هذا اللقاء وأعلن للصحفيين قرار السلطة الفلسطينية بوقف المفاوضات، بسبب الاستمرار في بناء المستوطنات قائلاً: "الإسرائيليون هم فقط المسؤولون عن فشل عملية السلام, والحكومة الإسرائيلية مطالبة بأن تختار بين الاستيطان والسلام, ولقد اختارت الاستيطان"، وأشار التقرير أيضًا إلى أن أحد مساعدي وزيرة الخارجية الأمريكية، وهو وليام بيرنس، تطرق إلى مسألة إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد, مؤكدًا على أن حكومة أوباما تعارض هذه الخطوة التي حظيت بدعم عدد من دول أمريكا اللاتينية, وأشار إلى أن هذه الخطوة لابد أن تتم في إطار التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وعلى أساس الدولتين.
وفي تقرير آخر بجريدة معاريف نقل تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، قال فيها: "إنه بالرغم من كل المحاولات الدولية لوقف البناء في المستوطنات، فإنه يمكن أن تستمر المفاوضات مع البناء في المستوطنات, وأشار التقرير إلى أن ليبرمان هو ذات الشخص الذي أعلن قبل شهرين أمام اجتماع الأمم المتحدة، أن اتفاق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لن يتم في السنوات القريبة المقبلة, وقد أكد ليبرمان في مؤتمر صحفي عقده خلال زيارته للعاصمة البلغارية صوفيا، أنه لا داعي لمد قرار وقف البناء في المستوطنات، حيث لن يؤدي ذلك إلى نتيجة مؤثرة على عملية السلام, ووفقًا لقوله فإن الاستمرار في البناء في المستوطنات لا يمنع الاستمرار في المفاوضات, كما أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فشلتا في التوصل لحل بشأن وقف البناء في المستوطنات, وقد أعلنوا أنهم سوف يحاولون إيجاد طريقة أخرى للعودة مرة أخرى إلى مائدة المفاوضات.
الأسد: إسرائيل ليست شريكًا للسلام
أشار تقرير بجريدة معاريف إلى أن الرئيس السوري، بشار الأسد، قد التقى مع الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي, وأكد له "أن الوساطة الأمريكية بين سوريا وإسرائيل لم تسفر حتى الآن عن شيء، ومازلت أنتظر النتيجة"، ووفقًا لقول الأسد: "لقد عينتم السفير جان كلود كورسان كوسيط بيننا وبين الإسرائيليين، وقد أوضحنا له وجهة نظرنا، وأنا أتوقع أن أسمع منه شيئًا جديدًا, ورغم ذلك الأمل ضعيف، وعلينا أن نواجه هذه الحقيقة"، ولم يتطرق الأسد إلى التنسيق بين المبادرة الفرنسية والتركية بهذا الشأن، حيث من المتوقع أن تحل فرنسا محل تركيا في المستقبل القريب, وقد هاجم الأسد ما تقوم به إسرائيل من أعمال استيطانية أدت إلى فشل عملية السلام، "قانون الاستفتاء الشعبي على الأراضى المحتلة يجعل إسرائيل كاللص الذي سرق بعض الأغراض، ويريد أن يبيعها مرة أخرى في السوق"، وأضاف: "أنا أشعر بغاية الأسف لعدم وجود شريك إسرائيلي للسلام، ولا داعي أن نتهم من يحمي السلام في المنطقة"، وفيما يتعلق بالأزمة اللبنانية التي نشبت في لبنان بسبب إعلان نتائج التحقيق في مقتل رئيس وزراء لبنان السابق، رفيق الحريري، قال الأسد: "لا توجد مبادرة سورية سعودية لرأب الصدع بين الأطراف المختلفة في لبنان, فسوريا ليس من شأنها التدخل في هذا الأمر، ولكن علينا أن نستمع لوجهة نظر الطرفين"، ومن جانبه أعلن ساركوزى مساندته لعمل تحقيق موحد بشأن قضية مقتل الحريري, وأشار التقرير إلى أن ساركوزي والأسد لم يتطرقا إلى مسألة مساندة سوريا لحزب الله، أو إلى قضية التعاون النووي بين سوريا وإيران, كما أشار التقرير إلى أن مصادر مخابراتية فرنسية أشارت إلى أن زيارة الأسد لفرنسا تأتي في إطار سعي سوريا لتحسين العلاقات مع الدول الأوروبية, حيث تريد أن يكون هناك تعاونًا مخابراتيًا بينها وبين هذه الدول, وما يؤكد ذلك أن علي مملوك، رئيس هيئة الأمن السورية، كان في فرنسا ليعد لهذه الزيارة
انقسام الإعلام التركي حول طبيعة العلاقات الإسرائيلية التركية
أشار تقرير بجريدة معاريف، نقلاً عن جريدة تركية، أن اللقاءات التي تمت بين المسؤولين الأتراك والإسرائيليين بهدف رأب الصدع بين الدولتين انتهت دون نتيجة, حيث لم ينجح الطرفان في التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة بينهما, التي نشبت في أعقاب أحداث أسطول الحرية بالرغم من المحاولات الإسرائيلية التي بدأت في أعقاب المساعدات التركية لإسرائيل أثناء حرائق الكرمل, ووفقًا للجريدة التركية فقد التقى ممثل إسرائيل بلجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة التي تحقق في أحداث أسطول الحرية، يوسف شحنوفر، مع ممثل تركيا بنفس اللجنة، فريدون سيريليولو, وحاولا التوصل لحل على أساس طلب تركيا باعتذار إسرائيل عن أحداث أسطول الحرية, وأشار التقرير إلى أن الجانبين نجحا في حل بعض النقاط الخلافية، ومع ذلك لا تزال الأزمة قائمة، وأكدت التقارير على أن الباب لا يزال مفتوحًا لإنهاء الأزمة إذا ما تم التوصل إلى صيغة مناسبة، وقد نقلت الجريدة التركية تصريحًا لأحد المصادر التركية قال فيه: "إذا أرادت كل من تركيا وإسرائيل حل هذه الأزمة، فعليهما أن يفتحا القاموس، ويجدا كلمة أخرى غير كلمة (اعتذار). وأشار التقرير إلى أن إسرائيل تفضل أن تعبر عن أسفها، أو اعتذارها جراء أحداث أسطول الحرية, حيث إن الحكومة الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي يرون أن الهجوم على السفينة مرمرة كان بدافع الدفاع عن النفس, وفي المقابل، نقلت جريدة هآرتس تقريرًا عن الجريدة التركية، زامان توداي، أفاد بأن الحكومة التركية قررت إنهاء الأزمة مع إسرائيل خلال الستة أشهر القادمة, كما نقلت الجريدة التركية أنباء الانقسام الداخلي بين الأطراف السياسية الإسرائيلية بشأن طلب الاعتذار التركي, ووفقًا للتقرير، فقد أبدى رئيس وزراء إسرائيل استعدادًا للاستجابة للمطلب التركي, ولكن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، يعارض هذا الموقف من قبل نتنياهو بشدة، كما أشار التقرير أيضًا إلى تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، الذي هاجم خلالها تركيا بشدة، ورفض أي محادثات بين الدولتين على أساس اعتذار إسرائيل.
أنفاق حزب الله تهدد الجيش الإسرائيلي
احتمالات أشار لها تقرير بجريدة هآرتس عن الوضع الحالي في لبنان، فهل هي دولة تشرف على الانقسام، أم أنها دولة تشرف على حرب أهلية، أم أنها دولة تشرف على الدخول في حرب مع إسرائيل؟ ففي الفترة الأخيرة كثرت التقارير حول اإستعدادات حزب الله لخوض حرب مع إسرائيل, وأشار التقرير إلى أن جريدة الرأي العام الكويتية أكدت أن حزب الله أنهى استعداداته للحرب مع إسرائيل, وتتضمن هذه الاستعدادات حفر أنفاق بكل أنحاء لبنان, ونشر هذا التقرير تخوفًا من نشوب مثل هذه الحرب كنتيجة لإعلان نتائج لجنة التحقيق التي تحقق في مقتل رئيس وزراء لبنان السابق، رفيق الحريري, وأشار التقرير إلى أن حزب الله أنهى كل استعداداته تحسبًا لأي هجمة محتملة من جانب إسرائيل, وتشمل الاستعدادات كل السواحل اللبنانية والمنطقة الشرقية بلبنان ومناطق الجبل, كما أشار التقرير أن قرار الحرب لايزال في يد حزب الله، وأن الأنفاق التي حفرها حزب الله من شأنها أن تصعب مهمة الجنود الإسرائيليين في التوصل إلى رجال حزب الله، نتيجة لتعقدها، كما أشار التقرير إلى أن حماس أيضًا قمت بحفر أنفاق من مدينة رفح إلى قطاع غزة ليس لها مثيل, وأشار التقرير إلى أنه حتى الآن لم يتم الإعلان عن موعد إعلان نتائج التحقيقات التي من المتوقع أن تكون ضد نشطاء حزب الله, كما أشار التقرير إلى أن إعلان نتائج التحقيقات قد يتسبب في نشوب حرب أهلية داخل لبنان، وأشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء اللبناني الحالي، سعد الحريري، طلب خلال لقائه مع الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ألا يتدخل في مسألة إعلان نتائج التحقيقات حتى لا يتسبب ذلك في أزمة داخلية بلبنان.
وعلى جانب آخر، تحاول كل من السعودية وسوريا التصدي لإعلان نتائج التحقيقات حتى لا يسفر ذلك عن أزمة داخلية في لبنان.
إيران تتلاعب بالعالم
أشار تقرير بجريدة هآرتس إلى أن اللقاء الذي تم مؤخرًا بين الدول الخمس الكبرى وألمانيا إلى جانب ممثلين من إيران قد أوضح فيما لا يترك مجالاً للشك أن إيران تتلاعب بالعالم، ففى حين أنها تحاول أن تظهر بأنها تتجاوب مع اللقاءات الدولية، فهي مستمرة في خطتها النووية, وتساءل التقرير عن السبب في عدم علم الإسرائيليين بالوقت الذي ستستطيع إيران أن تنتج أول قنبلة ذرية فيه, على الرغم من أن هذه القنبلة تهدد في المقام الأول إسرائيل، وأشار التقرير إلى أن إسرائيل تعلم منذ وقت طويل عن خطة إيران النووي، ومع ذلك اكتفت بأن تتحدث مع الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الشأن, وطالب التقرير بأن تتحرك المخابرات الإسرائيلية بشكل أكبر لمعرفة تفاصيل الخطة الإيرانية النووية، ومعرفة الوقت الذي تستطيع إيران إنتاج أول قنبلة ذرية فيه.
تحالف عربي إسرائيلي
في مقال للكاتب تسيفي برئيل بجريدة هآرتس تحت عنوان اكتشافات أمريكا, أشار إلى أن وثائق ويكيليكس أكدت على أن العلاقات العربية الإيرانية غير جيدة، حيث طالب عدد من زعماء العرب وفقًا لوثائق ويكيليكس بأن تتصدى أمريكا للخطر الإيراني, واقترح برئيل أن تتحد إسرائيل مع العرب من منطلق أن إيران تشكل خطرًا على كليهما معًا, وأشار برئيل أيضًا إلى أن الصحف العربية تفاجئت من اكتشافات ويكيليكس، على الرغم من أنها عكفت على تفاصيل الخلاف بين مصر والسعودية من جانب، وإيران من جانب آخر بعد الثورة الإيرانية مباشرة، واسترسل برئيل قائلاً: من يؤمن للقادة العرب. مشيرًا إلى أن قطر أشارت إلى أن حماس قد تعترف بإسرائيل، وأن الرئيس السوري، بشار الأسد، وصف قادة حماس بأنهم ضيوف غير مدعوين على أرضه, كما أشار برئيل إلى الصراع الدائر بين حماس والسلطة الفلسطينية، وخلافهم حول عملية السلام مع الإسرائيليين، مؤكدًا أن المعلومات التي نشرت من خلال الوثائق الأمريكية هي حقيقة مؤكدة، ومن شأنها أن تهدد المؤسسات في كل العالم.

اسرائيل تعلن حربًا دبلوماسية على السلطة

بقلم محسن هاشم
في مواجهة التحركات الإسرائيلية يُجري سفراء إسرائيل محادثات دبلوماسية رفيعة المستوى مع حكومات الدول لإفشال المخطط الفلسطيني بتقديم طلب للأمم المتحدة لإعلان الدولة الفلسطينية بشكل أحادي الجانب، حيث
أثار اعتراف عدد من الدول بالدولة الفلسطينية مخاوف إسرائيل من نجاح السلطة في تكوين رأي عام عالمي ضد إسرائيل, وعلى جانب آخر، أثار احتفال أسرى حماس في السجون الإسرائيلية غضب أعضاء الكنيست الذين كانوا قد طالبوا من قبل بسلب الأسرى بعض المميزات التي يحصلون عليها، متحججين بأن حماس تعامل شاليط عكس معاملة الأمن الإسرائيلي للأسرى، فيما تناولت صحف الأسبوع المنصرم العبرية شكوى تقدمت بها لبنان إلى الأمم المتحدة، بعد كشف بعض أجهزة التجسس الإسرائيلية داخل الحدود اللبنانية.
سفراء إسرائيل يشنون هجومًا على السلطة الفلسطينية
أشار تقرير بجريدة معاريف إلى أن دولة الاكوادور انضمت إلى مجموعة دول أمريكا الجنوبية التي سبق واعترفت بدولة فلسطين داخل حدود 1976, حيث سبقها كل من البرازيل والأرجنتين وبوليفيا, كما أشار التقرير إلى أنه جاء في بيان وزارة خارجية الأكوادور، أن "هذا الاعتراف جاء ليؤكد دعم الأكوادور لرغبة الشعب الفلسطيني الشرعية في إقامة دولة حرة مستقلة, كما أن هذا الاعتراف يعد أداة لتحقيق هذا الهدف", وكانت وسائل الإعلام الفلسطينية قد أعدت تقارير، في وقت سابق، تفيد بأن أبا مازن، رئيس السلطة الفلسطينية، أقام محادثات مع رئيس الأكوادور، رافئيل كوريا، حول إمكانية اعتراف الأكوادور بالدولة الفلسطينية, وأشار التقرير أيضًا إلى أن اعتراف دول أمريكا الجنوبية بالدولة الفلسطينية أثار موجة غضب شديدة في إسرائيل، وقد أعلن مدير العلاقات الخارجية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوسي ليفي، أن "إسرائيل تعبر عن غضبها من اعتراف هذه الدول بالدولة الفلسطينية، حيث يعد ذلك خرقًا لاتفاقية التفاهم التي تم توقيعها بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1995, والتي تقول بأن الوضع النهائي في الضفة الغربية سوف يتحدد من خلال المفاوضات", كما أشار التقرير إلى أن النرويج أيضًا أعربت عن تأييدها لإقامة الدولة الفلسطينية، وأصبحت أول دولة أوروبية تعترف بها, وخلال زيارة رئيس وزراء حكومة السلطة، سلام فياض، لأوسلو، أعلنت وزارة الخارجية النرويجية، أنها رفعت الدرجة الدبلوماسية للوفد الفلسطيني من "التمثيل العام" إلى "وفد دبلوماسي"، مما يعد تأييدًا للمساعي الفلسطينية لإقامة الدولة.
وفي تقرير آخر بجريدة معاريف، أشار إلى أن السلطة الفلسطينية قررت اللجوء إلى الأمم المتحدة, حيث أكد كبير مفاوضي السلطة الفلسطينية، صائب عريقات، أن السلطة سوف تتقدم بطلب إلى الأمم المتحدة لتجريم إسرائيل، بسبب استمرارها في البناء في المستوطنات، وسوف يعرض هذا الطلب على مجلس الأمن ليصوت عليه, وأشار التقرير إلى أن عريقات أعرب عن أمله في ألا تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية حق الفيتو، بهدف إفشال المحاولات لتجريم لإسرائيل، كما أشار عريقات إلى أنه في حالة فشل هذه المحاولة سوف تتوجه السلطة إلى المحكمة الدولية.
وعلى جانب آخر، أشار تقرير بجريدة هآرتس إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أعطت الضوء الأخضر لكل سفرائها بالخارج حتى يشنوا نوعًا من الهجوم المضاد على تحركات السلطة الفلسطينية التي تسعى بكل قوة في الفترة الأخيرة لإقناع دول العالم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
الكنيست يحارب أسرى حماس
أثار تقرير أعدت جريدة معاريف حول احتفال أسرى حماس في السجون الإسرائيلية بمرور 23 عامًا على إنشاء الحركة غضب أعضاء الكنيست, وقد تقدم رئيس لجنة الكنيست، يريف لوين، بخطاب إلى كل من رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، ووزير العدل، يعقوب نيئمان، ووزير الأمن الداخلي، يتسحق أهارونيفيتش، يتضمن طلبًا مسبقًا، لعدم رفض اقتراح قانون يسمح لعناصر الأمن الإسرائيلية أن يحرموا أسرى حماس من بعض الميزات التي يتمتعون بها في الوقت الحالي, وأشار التقرير إلى أن اقتراح القانون الذي سيقدمه لوين سيتضمن على الأغلب منع الزيارات للأسرى, ومنعهم من التعليم ومشاهدة التليفزيون واستخدام التليفونات المحمولة وغيرها من المميزات, وقد تم التصديق على هذا الاقتراح في شهر مايو الماضي بموافقة أغلبية الكنيست، ولكن تم الالتزام بعدم تفعيل القانون دون التنسيق مع الحكومة، ومنذ ذلك الوقت وهذا الاقتراح موجود في لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، ولكن الحكومة رفضت تفعيله, وأشار التقرير إلى أنه جاء في خطاب لوين "إن احتفال رجال حماس داخل السجون الإسرائيلية يعد حدثًا جديدًا, كما أن هذا الاحتفال يؤذي مشاعر الدولة، كما يؤذي مشاعر أهالي المصابين في العمليات الإرهابية"، وأضاف لوين: "منذ أن تم أسر الجندي، جلعاد شاليط، وهو لم يحظ بأي نوع من الزيارات، كما أن عائلته لا تعرف أي شيء عن وضعه الحالي وصحته، ولا تعلم الوسيلة التي قد ترسل له من خلالها أي شيء في الوقت الذي يتمتع فيه القتلى في السجون الإسرائيلية بمميزات خمس نجوم"، وطالب لوين رئيس وزراء إسرائيل، ووزيري العدل والأمن الداخلي بألا يقفوا أمام تفعيل هذا القانون, وعلى جانب آخر تقدم عضو الكنيست من حزب الليكود، داني دانون، إلى رئيس وزراء إسرائيل بطلب يسمح له بتقديم اقتراح قانون مماثل، ولكن طلب دانون تضمن عبارات أكثر لطفًا من خطاب لوين، حيث جاء فيه: "إن جلعاد شاليط فى يد حماس منذ 1641 يوم، وعلينا أن نتفهم أنه لا يوجد وسيلة أخرى للضغط على حماس إلا باللغة التى يفهمونها".
فياض: إسرائيل وراء أزمة "فتح" و"حماس"
أشار تقرير بجريدة معاريف إلى أن رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، صرح خلال مؤتمر صحفي برام الله، بأن الشقاق الذي حدث بين فتح وحماس هو جزء من خطة إسرائيلية, وقال: "حان الوقت لإنهاء الخلاف بين الفلسطينيين"، وأشار التقرير إلى أن هذا التصريح يأتي متفقًا مع ما جاء في وكالة الأنباء الفلسطينية "معًا" على لسان فياض، حيث أشارت إلى أنه قال أن الأزمة بين الفلسطينيين من شأنها أن تصب فى صالح إسرائيل التي تريد انقسام الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس، حتى يصبح احتمال إقامة الدولة غير ممكن, كما تطرق فياض إلى النقد الشديد الذي تعرضت له السلطة من جانب حماس، التي عبرت عن غضبها بسبب اعتقال السلطة لرجال حماس قائلاً: "منذ أن تفهمنا أولويات إدارة الدولة أدركنا أنه لابد أن نفعل كل ما نستطيع حتى نضيع على إسرائيل فرصة عزل غزة عن الضفة الغربية"، كما أشار إلى أنه لا يمكن أن تقوم الدولة دون غزة، كما أنه لا يمكن أن تقوم دون القدس, كما أكد أن السلطة تسعى لحشد الرأي العام الدولي لكسر الحصار على غزة، كما أن السلطة مستمرة في خطتها للحصول على الدعم الدولي لإقامة الدولة.
ويكليكس تكشف حقيقة التعاون بين السلطة وإسرائيل
أشارت تقارير بكل من معاريف ويديعوت أحرونوت وهآرتس إلى أن فتح نفت بشدة ما جاء في إحدى وثائق ويكيليكس، بأن فتح طلبت من إسرائيل في عام 2007 الهجوم على غزة بهدف إسقاط حكومة حماس, وأشار تقرير معاريف إلى أن جريدة الحياة الللندنية نشرت بيان فتح الذي نفت من خلاله ما جاء في وثيقة ويكليكس، حيث جاء في البيان "أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة, كما أن فتح أو السلطة الفلسطينية لم تطلب إطلاقًا من قوات الاحتلال أي طلب مماثل على الإطلاق, حيث يتنافى ذلك مع كل المبادئ القومية للحركة، "وأشار التقرير إلى أن أحد قياديي فتح أكد لجريدة الحياة، أن التعاون بين السلطة وإسرائيل قائم طوال الوقت، ولكنه تعاون من أجل توفير حياة أفضل للمواطنين الفلسطينيين, وقال المصدر: "كل التحركات داخل الضفة، والتي تتبع في أغلبها الرئيس أبو مازن، أو رئيس الوزراء، سلام فياض، تتطلب تنسيقًا مع قوات الاحتلال، وهذا التعاون نصت عليه الاتفاقيات التي وقعت عليها السلطة مع إسرائيل، والتي من شأنها أن تقودنا إلى إقامة الدولة الفلسطينية"، وفقًا لوثيقة ويكيليكس، فقد أعلن يوفيل ديسكين، رئيس وحدة الاستخبارات الداخلية، أنه على خلفية المواجهات الأليمة بين مؤيدي فتح ومؤيدي حماس في غزة عام 2007 توجه عدد من قياديي فتح إلى إسرائيل بطلب الهجوم على غزة، الأمر الذي يعمل على إنهاء الأزمة، وجاء في الوثيقة: "توجد علاقات قوية بين رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن وإسرائيل، "كما أكد ديسكين في الوثيقة على أن "إسرائيل وهيئات الأمن الفلسطينية تجمعهم علاقات عمل قوية جدًا"، ووفقًا لقول ديسكين، فإن أنظمة الأمن الفلسطينية التابعة للسلطة الفلسطينية تمد الاستخبارات الداخلية في إسرائيل بكل المعلومات التي تحصل عليها.
ومن جانبه، أكد فوزي برهوم، المتحدث باسم حماس، أن هذه الوثيقة لا تشكل مفاجأة بالنسبة له، قائلاً: "لقد أكدت حماس هذا الكلام من قبل، حيث قلنا: إن هناك تعاونًا بين السلطة وإسرائيل في غزة, ونفس الأمر نجده الآن في الضفة".
رئيس الموساد يعتذر لبريطانيا
أشار تقرير بجريدة هآرتس إلى أن رئيس الموساد الجديد، تامير باردو، سوف يبدأ مهامه بالاعتذار رسميًا أمام بريطانيا على استخدام عدد من الإسرائيليين لجوازات سفر بريطانية في أثناء عملية اغتيال قيادي حماس، محمود المبحوح، في شهر يناير الماضي, جاء ذلك خلال تقرير أعدته جريدة ديلي تليغراف, ووفقًا للتقرير، فقد أكدت مصادر داخل الموساد، أن باردو الذي سيتولى مهامه رسميًا في يناير القادم يجري حاليًا مباحثات مع نظيره البريطاني، وأيضًا مع وزيري الخارجية والدفاع البريطانيين، كجزء من إصلاح العلاقات بين الدولتين، كما أكد تقرير الديلي تليجراف، أنه من المتوقع أن يعد باردو السلطات البريطانية بأنه لن يستخدم أبدًا جوازات سفر بريطانية في عمليات الموساد.
لبنان تشكو إسرائيل في الأمم المتحدة
تقدمت لبنان بشكوى إلى الأمم المتحدة ضد إسرائيل، بعد أن كتشفت عددًا من أجهزة التجسس التي تم زرعها داخل لبنان عن طريق المخابرات الإسرائيلية، وأشار تقرير بجريدة هآرتس إلى أن وزارة الخارجية اللبنانية أعلنت ذلك بشكل رسمي، وجاء في البيان: "إسرائيل زرعت جهازين للتجسس داخل مناطق السيادة اللبنانية"، وجاء أيضًا: "أن هذه الأعمال تعد خرقًا للسيادة اللبنانية والقانون الدولي والقرار 1701 الصادر من الأمم المتحدة، كما أنها من شأنها أن تضر بالمصالح اللبنانية الأمنية، وتقضي على إمكانية تحقيق السلام في المنطقة", وأشار التقرير إلى أن أجهزة التجسس الإسرائيلية التي أعلن عنها الجيش اللبناني تم كشفها منذ أربعة أعوام على يد رجال حزب الله

إسرائيل ترتعد خوفًا من انتقام إيران لاغتيال علمائها

بقلم محسن هاشم
أعقب حادث هدم فندق شيبرد بمنطقة الشيخ جراح بشرق القدس ردود فعل عالمية غاضبة ضد إسرائيل, وصلت لأن يطالب ممثلو الاتحاد الأوروبي في القدس بتشديد المراقبة على أعمال إسرائيل غير الشرعية ضد
المواطنين الفلسطينيين, ولاسيما اعتقالهم دون وجه حق, كما أشارت تقارير أخرى إلى أن (حماس) رضخت للتحذيرات المصرية من هجوم إسرائيلي على غزة يشبه الهجوم الذي حدث في عام 2008, وطالبت الكتائب المسلحة في غزة بوقف إطلاق النار على الجانب الإسرائيلي.
على جانب آخر، أعربت الأجهزة الأمنية عن قلقها من رد الفعل الإيراني بعد اتهام الموساد باغتيال عالم طاقة نووية إيراني، وعلى الرغم من التوتر في العلاقات بين تركيا وإسرائيل في أعقاب أحداث أسطول الحرية، فإن التعاون الأمني بين البلدين يبدو مستمرًا, واتضح الأمر بعد أن كشفت صحيفة "معاريف" عن طائرة تابعة لشركة العال متوجهة إلى تركيا تحمل معدات حربية.
إسرائيل تتحدى العالم
أشار تقرير بجريدة معاريف إلى أن هدم فندق شيبرد بالقدس من أجل بناء مستوطنات للإسرائيليين أدى إلى غضب عدد من زعماء وقادة العالم, وقد صرح بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، عقب الحادث، أن هدم الفندق سيتسبب في زيادة الاحتقان بين الفلسطينيين والإسرائيليين, كما سيؤدي إلى عرقلة الجهود من أجل العودة مجددًا إلى مائدة المفاوضات, كما صرح المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، مارتين ناسيرسكي: "أنا غاضب جدًا بسبب القلق الذي أحدثه هدم الفندق، وبسبب التوسع الاستيطاني غير الشرعي للإسرائيليين", كما أعربت كل من مصر والأردن عن استنكارهما لهدم هذا المبنى التاريخي، وحذرتا من تفجر الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين, وأشار بيان وزارة الخارجية المصرية إلى أن استمرار البناء في المستوطنات سيؤدي إلى عودة الأحداث الأليمة إلى غزة من جديد, وأيضًا أرسل الاتحاد الأوروبي رسالة إلى كل ممثليه الخمسة والعشرين, أعرب خلالها عن استنكاره لأعمال إسرائيل في القدس, وجاء في خطاب الاتحاد الأوروبي: "إسرائيل لا تزال مستمرة في الاعتداء على مساكن الفلسطينيين في القدس"، وجاء أيضًا: "إسرائيل تعمل بشكل منظم وغير شرعي من أجل إنهاء تواجد الفلسطينيين بالمدينة, وهذا الأمر يتعارض مع فكرة السلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي".
وخلال زيارتها لأبو ظبي انتقدت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، الأعمال الإسرائيلية قائلة: "هذا العمل يقضي على الجهود الرامية للتوصل للسلام القائم على حل الدولتين".
وفي تقرير آخر بجريدة معاريف، أشار إلى أنه بعد موجة النقد والاستهجان من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي, طالب الاتحاد الأوروبي بالمراقبة على تصرفات إسرائيل من قريب, وبناء على تقرير تم كشف أجزاء منه عن طريق الجريدة البريطانية إندبندنت, فإن ممثلي الاتحاد الأوروبي اقترحوا القيام بعدد من الأنشطة التي تهدف إلى تأييد الفلسطينيين في شرق القدس, حيث أرسل ممثلو الاتحاد الأوروبي إلى رؤسائهم في بروكسيل اقتراحًا بنشر عدد من مراقبي الاتحاد الأوروبي بعدة مناطق بالقدس، حتى يتحسسوا نية إسرائيل في هدم منازل الفلسطينيين, ويمنعوا إخراج المواطنيين من منازلهم, وتكون لهم سلطة لمنع اعتقال الفلسطينيين دون وجه حق, كما جاء في الوثيقة التي أرسلها ممثلو الاتحاد شرح مفصل لعدد من الاقتراحات التي تهدف إلى تقوية موقف الفلسطينيين في شرق القدس, ومنها تواجد أكبر لممثلي الاتحاد في وقت هدم المنازل, كما طالبوا أعضاء الاتحاد بأن يرسلوا ممثلين لهم في المحاكم التي تنظر قضايا هدم منازل الفلسطينيين أو إقصائهم من منازلهم"، علينا التأكد من تواجد الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي تقوم فيه السلطات الإسرائيلية باعتقال الفلسطينيين, وأشار التقرير إلى أن هناك تخوفًا في الاتحاد الأوروبي من أن تؤثر أعمال الهدم الإسرائيلية على حل الدولتين, "إذا استمرت الأوضاع بهذا الشكل دون مواجهتها, فإن الأمل في إعلان شرق القدس عاصمة مستقبلية لدولة فلسطين سوف ينتهي شيئا فشيئًا".
أبو مازن يرفض لقاء باراك
استنادًا على مصادر دبلوماسية مقربة من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، أشار تقرير بجريدة معاريف إلى أن الفلسطينيين رفضوا طلبًا من جانب وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، بفتح مجال للمحادثات بينه وبين رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن. ووفقًا للمصادر فقد نقل باراك رغبته إلى الوسيط الأمريكي، دينيس روس, في أثناء لقائهما الذي عقد مؤخرًا, وكان من المفترض أن ينقل روس الرسالة إلى رام الله، ولكن بنيامين نتنياهو لم يكن متحمسًا للفكرة, وقد أعلن مكتب باراك أن هذا الأمر غير صحيح, فباراك ليس بحاجة لخط ساخن بينه وبين أبو مازن لأنهما على اتصال دائم، ويمكن أن يتحدثوا في أي وقت, ولكن التقرير أشار إلى أنه قد يبدو أن مكتب باراك لم يتفهم الأمر جيدًا، فالمسألة ليست في الحديث مع أبو مازن، ولكنها كانت محاولة لمناقشة قضايا حقيقية بين الطرفين, كما أشار التقرير إلى أن باراك قام بهذا الأمر بعد أن بات واضحًا أن أسهمه في الولايات المتحدة بدأت في الانخفاض بشكل كبير، حيث خذل باراك قادة الولايات المتحدة بعد أن وعدهم بعدة وعود لم تتحقق.
الحريري يتعقب إسرائيل
أشارت تقارير بكل من يديعوت أحرونوت وهآرتس ومعاريف, إلى أن رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، لا يزال يتعقب إسرائيل في المؤسسات الدولية, وأشار تقرير معاريف إلى أن مصدر من الحكومة اللبنانية أعلن أن الحريري طالب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بأن يتخذ إجراءات ضد "إسرائيل"، بسبب ما أسماه "الخرق الإسرائيلي للقرار 1701", كما طالب بالضغط على "إسرائيل" من أجل وقف عمليات التعدي على السيادة اللبنانية, "الحريري قال لبان كي مون: "إسرائيل" تتعدى بشكل مستمر على الحدود اللبنانية, وتستغل البترول والغاز اللبنانيين, ووفقًا للمصدر، فإن بان كي مون قال للحريري: "إنه يرى أهمية كبيرة في أن يلتزم الجانبان الصمت, ويلتزما بتطبيق القرار 1701".
إسرائيل تمد تركيا بطائرات الفانتوم
أشار تقرير بجريدة معاريف على أنه بالرغم من أحداث أسطول الحرية والتصريحات المتبادلة, فلا يزال التعاون الأمني بين الإسرائيليين وتركيا مستمرًا, واتضح هذا الأمر بعد أن قامت طائرة بضائع تابعة لشركة العال بالتوجه إلى تركيا حاملة عددًا من الوسائل الأمنية, ولكن الطائرة لم تتحرك بسبب وزارة الخارجية الإسرائيلية, ومن الوسائل الأمنية التي كانت على متن الطائرة والتي تقدر بمليوني دولار قطع غيار لطائرات الفانتوم, وأيضًا طائرات بلا طيار التي باعتها إسرائيل لتركيا, وبعض الأجهزة الإلكترونية, وقد أشار التقرير إلى أنه من دون إذن السفارة الإسرائيلية بتركيا لا يمكن للطائرة أن تتحرك, وقد توجهت هيئة الصناعة الجوية إلى لجنة العمال لتغيير الروتين هذه المرة، والسماح للطائرة بالمغادرة إلى تركيا دون إذن السفارة, وقد وافقت على ذلك شرط الحصول على إذن من وزير الخارجية، أفيجدور ليبرمان, أو رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ولكن هذا الاستثناء لم يحدث بعد.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن هناك اتفاقيتين تم توقعيهما مع وزارة الدفاع التركية, الأولى: كانت تقضي بمد تركيا بطائرات بلا طيار، وقد تم الانتهاء من هذه الاتفاقية, أما الاتفاقية الثانية، فتم توقيعها مع هيئة التصنيع الجوي, وأشار التقرير إلى أنه في أعقاب أحداث أسطول الحرية تم الإعلان عن أن الاتفاقيات والتعاون الأمني بين البلدين سيتوقف، ولن يتم توقيع اتفاقيات أخرى, والآن اتضح أن التعاون الأمني على الأقل في مجال تبادل قطع الغيار لا يزال مستمرًا, كما كان متفقًا عليه خلال الاتفاقية القديمة.
على جانب آخر، أشار تقرير بجريدة معاريف إلى أن رئيس وزراء تركيا، أردوجان، طالب الحكومة الإسرائيلية بإقالة وزير الخارجية، أفيجدور ليبرمان، بعد أن تسبب في أضرار جسيمة, مشيرًا إلى أن حكومة نتنياهو هي الأسوأ في التاريخ, وأشار في لقاء مع قناة الجزيرة إلى أن ليبرمان إنسان (مقيت)، وأنه مشكلة كبيرة جدًا لإسرائيل, وجاء ذلك في إجابة على سؤال حول موقف ليبرمان الرافض لإعتذار إسرائيل أمام تركيا، بسبب أحداث أسطول الحرية, كما أكد أردوجان أن العلاقات بين الدولتين ستتوقف إلى أن تعتذر إسرائيل"، أن لم يغيروا سياستهم, فلا يتوقعوا منا أن نغير سياستنا", واستغل أردوجان فرصة اللقاء التلفزيوني وأعلن عن دعمه لحماس: "حماس ليست حركة إرهابية, ولكنهم مجموعة من الرجال يدافعون عن أرضهم, وهي منظمة جاءت إلى الحكم عن طريق الانتخابات", وأشار التقرير أيضًا إلى أن بعض المصادر الإسرائيلية أكدت أن سفينة مرمرة التي شاركت في أسطول الحرية بمايو الماضي ستكون على رأس أسطول يضم اثنتي عشرة سفينة ستخرج من السواحل الجنوبية التركية متوجهة إلى غزة في الذكرى السنوية لأسطول الحرية, كما أن عددًا من أعضاء حركة IHH التركية التي نظمت الأسطول السابق ستشارك أيضًا في هذا الأسطول.
حماس تتلقى الأوامر من مصر
أشارت تقارير بكل من معارف ويديعوت أحرونوت وهآرتس إلى أنه بعد تحذير مصر لـ(حماس) بعدم توجيه أي أعمال ضد "إسرائيل"، خوفًا من تدهور الأوضاع في غزة, أصدر إسماعيل هنية، رئيس حكومة (حماس)، أوامر إلى الكتائب المسلحة بالحركة بوقف إطلاق النار على الجانب الإسرائيلي, بسبب التخوف من رد قوي من جانب "إسرائيل", وكانت هناك معلومات تفيد بأن الكتائب المسلحة في غزة تستعد لإطلاق عدد من الصواريخ في اتجاه "إسرائيل", من هنا جاء التحذير المصري من أن "إسرائيل" تستعد للقيام بعملية عسكرية على غرار ما حدث في ديسمبر 2008, وأشارت مصادر فلسطينية أن مصر ودولة عربية أخرى ناقشت الأمر مع (حماس).
رعب إسرائيلي من إيران
أشار تقرير بجريدة هآرتس، أن أجهزة الأمن الإسرائيلية أعربت عن قلقها من الرد الإيراني على سلسلة الاغتيالات المنظمة لعلماء الطاقة النووية الإيرانيين من جانب "إسرائيل", وأشار التقرير إلى أن شهر ديسمبر الماضي شهد اغتيال أحد العلماء، في حين أصيب آخر في عملية أخرى, كما شهد ديسمبر 2009 حادث اغتيال لعالم ثالث, وفي اعتقاد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن إيران قد تحاول أن تتعقب بعض الأشخاص الإسرائيليين والسفارات الإسرائيلية في الدول المختلفة وممثلي "إسرائيل" في الجهات المختلفة, ولفت التقرير إلى أنه منذ اغتيال القيادي بحزب الله، عماد مغنية في عام 2008,تعهد حزب الله بالانتقام له,ومنذ ذلك التاريخ قام بعدة عمليات تستهدف أهدافًا إسرائيلية، ولكن كلها فشلت

فلسطين وأكذوبة بيع الأرض

إن الأمة العربية الإسلامية، بل العالم بأسره في أمسّ الحاجة إلى تجلية الكثير من الحقائق التي تخص القضية الفلسطينية، وخصوصًا أكذوبة بيع الفلسطينيين أرضهم لليهود التي انطلت على كثير من الناس، من العرب والمسلمين وغيرهم من ضعفاء الباحثين وأشباه المثقفين.
والكتاب الذي بين أيدينا يسعى مؤلفه لتجلية الحقيقة فيما يخص هذا الأمر، وتوضيح مدى تأثير تلك الأكذوبة على القضية الفلسطينية ومسارها، ومدى تصديق الكثير لها؛ نظرًا للافتقار إلى تأريخ عربي صحيح لعملية الاقتلاع التي لم ترو إلا مجزّأة حتى الآن.
يمهد المؤلف لكتابه بإثبات كثير من الصفات السلبية التي اتصف بها اليهود على مر التاريخ، مثل الكذب الذي لا ينفك عنهم أبدًا، وطمس الحقائق، وعداء الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وكذلك المكر والخداع، وإطلاق الشائعات.
الأكذوبة.. البداية والرعاية
وتحت هذا العنوان يذكر الكتاب تفاصيل أكذوبة بيع الفلسطينيين أرضهم لليهود؛ حيث اعتبرها أكذوبة تتصاغر أمامها كل الأكاذيب التي أشاعها اليهود، والتي دفعت العالم للتساؤل: لماذا يطالب الفلسطينيون بتحرير أرضهم بعد أن باعوها؟ ولا يختلف اثنان على أن هذه الأكذوبة شوهت صورة الفلسطينيين على مستويات عديدة، وغطت على جرائم اليهود ومجازرهم الوحشية ضد الفلسطينيين.
يثبت الشيخ محمد أمين الحسيني- مفتي فلسطين- في كتابه "حقائق عن قضية فلسطين" كذب هذا الادعاء؛ من خلال الإشارة إلى أن المخابرات البريطانية، وبالتعاون مع اليهود أنشأوا عدة مراكز دعاية ضد الفلسطينيين، منها مركز للدعاية في القاهرة في شارع قصر النيل، وكان من مهامه بث الدعاية المعروفة بدعاية الهمس.
ثم يشير المؤلف بعد ذلك إلى قول الباحثة البريطانية روز ماري: إن أكثر الاتهامات إيلامًا للفلسطينيين أنهم باعوا أرضهم، وتلك الحماقة كررها على مسامعى صحافي معروف في صحيفة واسعة الانتشار عام 1968م.
ومن أسباب انتشار تلك الأكذوبة وتصديقها كثير من الأقلام المعادية التي دشّنت لها، وكتبت من أجل ترسيخها في عقول الناس، تلك الأقلام التي قالت: إن الفلسطينيين لم يدافعوا عن أرضهم، ولولا معارضتهم للحلول التي عرضتها بريطانيا لحل القضية لما وصلت الحالة إلى ما وصلت إليه، ولم تتح هذه الصحف التي فُتحت لهم الفرصة لغيرهم لرد تلك الأباطيل.
أراضي فلسطين في ظل الحكم العثماني
كانت فلسطين إحدى ولايات الدولة العثمانية طيلة أربعة قرون، وكانت القوانين تمنع بقاء اليهود في فلسطين، أو حيازتهم لأراضيها، وقد صمد السلطان عبد الحميد في وجه الأطماع اليهودية في حيازة أرض فلسطين حتى فقد عرشه، وتم عزله ونفيه.
ونجحت بريطانيا بعد ذلك في عام 1910م في الضغط على الدولة العثمانية، ومررت لقانون «تصرف الأشخاص الحكمية»، وهو قانون سمح للشركات بالتصرف في الممتلكات غير المنقولة، واستغلت المؤسسات الصهيونية بنود هذا القانون لاقتناص أراضٍ في قلب فلسطين، وتوجت الضغوط البريطانية على الدولة العثمانية عام 1911م عندما تم منح الأجانب حق التملك والتصرف في الأراضى العثمانية، ما عدا منطقة الحجاز.
واستمرت الجهود البريطانية من أجل إنجاز المشروع الاستيطاني اليهودي، إلى أن اقتنص اليهود000،650 دونم، على الرغم من أن اليهود لم يكن لهم أي حيازات للأراضي الزراعية في فلسطين حتى عام 1868م، كما لم يزد عددهم حتى عام 1877م عن 3،1% من إجمالي سكان فلسطين.
ويلخص المؤلف بعض المجهودات اليهودية التي بذلت من أجل استيطان فلسطين في العهد العثماني، منها: تزايد الهجرة اليهودية إلى فلسطين 1882م، والمساعي اليهودية بمعاونة الإنجليز 1875م؛ للسيطرة على فلسطين عن طريق شراء قناة السويس، وكذلك الدور الذي لعبته أوربا في مساعدة اليهود في الحصول على امتيازات في المنطقة، كل ذلك فضلاً عن إسهامات العائلات اليهودية الثرية، ومُلّاك الأراضي في بيع الأراضي لليهود، وخاصة اللبنانيين أمثال عائلات سرسق وتويني وقدور.
ولم يقف الفلسطينيون موقفًا سلبيًا تجاه ذلك المد الصهيوني في فلسطين، بل أسسوا الكثير من اللجان والمنظمات بهدف مواجهة هذا المد، منها: «الجمعية الخيرية الإسلامية» و«جمعية الشبيبة النابلسية»، و«جمعية يقظة الفتاة العربية»
وعملت هذه اللجان بنشاط وحركية عالية المستوى ضد الاستيطان اليهودي، إلا أن المساعدات البريطانية في الفترة من 1850م إلى 1920م أدت إلى اقتناص 000،650 دونم، بحجة إنعاش الزراعة، وبناء المستشفيات والجامعات.
كم باع الفلسطينيون الإقطاعيون والخونة من أراضي فلسطين؟
لا ينكر المؤلف أن هناك عددًا من الفلسطينيين باعوا أرضهم، ولكن المسألة لا تصل إلى هذه الدرجة من التعميم المبالغ فيه؛ حيث كان ذلك نادرًا جدًا، وللخبير الإنجليزي «فرانس» تقرير، وأيده الخبير سمبسون في ذلك، ذكر فيه أن بعض أهالي فلسطين باعوا أرضهم، إما لتسديد ديونهم، أو لدفع ضرائب الحكومة، أو للحصول على نقد لسد رمق عائلاتهم، ولم تتعد هذه المساحة 1% من مجموعة مساحة البلاد.
ولكن في ظل وجود هذه الحقيقة، على المنصفين أن ينظروا إلى جانب آخر يمثل أغلبية شعب كريم مجاهد، يتمثل هذا الجانب في تشبث الكثيرين بأرضهم مثل: آل الحسيني الذين حافظوا على أملاكهم للنهاية.
إن الشعب الفلسطيني واجه السماسرة العملاء، وصدرت الفتاوى بتحريم وتجريم بيع الأرض لليهود، ولم يتعد ما تم بيعه من قبل كبار الملاك الفلسطينيين 096،%
أرض فلسطين في ظل الاحتلال البريطاني
وينتقل الكتاب إلى هذه المرحلة بعد أن صار احتلال فلسطين ساري المفعول منذ عام 1923م؛ حيث تناول تسهيلات بريطانية قدمها الاحتلال لليهود في مسار الاستيطان، وكان من قبل ذلك "وعد بلفور" الذي يعد أبرز هذه المساعدات.
وقد تعاونت بريطانيا مع منظمات يهودية متخصصة في بيع الأراضى وشرائها، على رأسها صندوق الائتمان اليهودي للاستعمار، والصندوق القومي الإسرائيلي.
وكان مجموع ما استولى عليه اليهود إلى يوم انتهاء الانتداب البريطاني في 15 من مايو 1948م نحو مليوني دونم، أي نحو 7% من مجموع أراضي فلسطين، وكان البريطانيون كثيرًا ما يعرضون إغراءات قوية على الفلسطينيين للتنازل عن أرضهم؛ حيث يقر بذلك الشيخ محمد أمين الحسيني في «حقائق عن الوطنية الفلسطينية»، فيذكر أن بريطانيا اتصلت به شخصيًا عام 1934م، وبكثير من الوطنيين الفلسطينيين تعرض عليهم أن يرحلوا إلى شرق الأردن، على أن يُعْطَوا مساحة الأراضي التي كانوا يمتلكونها مضاعفة، ولكنهم رفضوا هذا العرض السخيف. على حد قول الشيخ أمين. ومما لا شك فيه أن ارتباط الفلاحين الوثيق بأرضهم هو الذي منع الحركة الصهيونية من الحصول على أكثر من 6% من المساحة الإجمالية لأراضي فلسطين قبل عام 1948م.
ولم ينقذ اليهود من هذه الورطة التي كان يستحيل معها بناء دولة، إلا قرار تقسيم فلسطين في 29 من نوفمبر سنة 1947م، الذي أعطى لليهود مساحة 54% بعدما كانوا لا يملكون سوى 7،6%، وتسبب في تراجع موقف العرب؛ حيث كانوا يملكون 3،93% ، فصار إلى ملكيتهم مساحة 45% فقط من أرض فلسطين.
وقد سنت إسرائيل منذ سنة 1948م نحو ثلاثين تشريعًا، نقلت بواسطتها الأرض من ملكية العرب الخاصة إلى ملكية الدولة، وبموجب أحد هذه التشريعات صودر نحو مليون فدان من الأراضي التي يملكها 18000 فلسطيني، وذلك عام 1953م، ونتيجة للسيطرة اليهودية الكاملة على ذلك الجزء، فقد فتح المجال واسعًا أمام مؤسسة «الكرن كايميت» لتوسيع ممتلكاتها حتى وصل مجموع ما امتلكته حتى عام 1958م إلى000،300،3 دونم. واتباعًا لهذه السياسة أصبح سلب الأرض صنعة يهودية أجادوا عملها؛ حيث استطاعوا حتى عام 1949م أن يستولوا على 80% من الأراضي، وطردوا 000،770 فلسطيني.
كيف نُفذ المشروع الاستعماري على أرض فلسطين؟
لا يختلف اثنان على أن الإرهاب اليهودي هو الآلية التي تم بها تفريغ جزء من فلسطين من سكانها، فقد دمر اليهود 478 قرية فلسطينية من أصل 585 قرية كانت قائمة في المنطقة المحتلة، وارتكبوا 34 مجزرة، ودير ياسين أقوى النماذج لهذه المجازر.
تلك المذبحة التي قال عنها مناحم بيغين في كتابه "الثورة": إنها ومذابح أخرى فرغت فلسطين من 650 ألف عربي، ولولا دير ياسين ما قامت "إسرائيل".
أما أملاك الأوقاف الإسلامية، فكانت حكومة الانتداب البريطاني قد أوكلت إدارتها إلى الهيئة الإسلامية العليا، ثم قررت حكومة عام 1935م دفع مبلغ سنوي ثابت مقداره 30 ألف جنيه فلسطيني مقابل أعشار الأوقاف، ولم تحافظ سلطة الاحتلال الصهيوني على هذا الوضع، بل جنت وزارة الأديان الإسرائيلية على الأوقاف الإسلامية وضمتها إلى الميزانية العامة، بل حاولت اغتصاب المقابر وغيرها من أراضي الأوقاف
بعد حرب 1967، وبموجب الأمر رقم 59 لسنة 1967 بشأن أملاك الحكومة، استولت قوات الاحتلال على نحو 100 ألف دونم من أراضى الضفة، وارتفع الرقم إلى 450 ألف دونم بحلول عام 1984م، وبموجب كثير من القرارات تم الاستيلاء على الممتلكات الخاصة، والأموال المتروكة، بالإضافة إلى معسكرات الجيش والشرطة الأردنية، واستمرت المصادرات حتى بلغت 25% من مساحة الضفة الغربية، بالإضافة إلى 400 ألف دونم تمثل 8% من مساحة الضفة.
فضلاً عن الاستيلاء على 100 ألف دونم من أراضي المزارعين، ثم قام اليهود بعد ذلك بعملية مسح للضفة الغربية، وذلك في عام 1978م، وتم تصنيف الأرض ضمن ثلاثة أنواع: صخرية، وبور صالحة للزراعة، ومزروعة، وبعد ذلك أقيم ما يقارب 160 مستوطنة من أجل إحكام السيطرة على هذه الأراضي.
أما مدينة القدس فقد هُدم حي المغاربة، وأُجلي سكانه، وتمت مصادرة نحو 20% من مساحة البلدة القديمة خلال الشهر الأول من احتلالها، ثم طرد أكثر من 6000 فلسطيني خارج المدينة، وصودر نحو 630 عقارًا، وهدم 135 عقارًا آخر، وبعد ذلك صودرت باقي القرى المميزة بالمدينة، وبموجب قانون قديم يرجع لسنة 1948م استولت إسرائيل على نحو 70 ألف دونم، واغتصب اليهود الذين يسكنون بيوتًا بالقدس، هذه البيوت لهم ولأبنائهم، وحظرت ذلك على العرب.
وخلاصة الأمر أن عمليات المصادرة نتج عنها استيلاء الكيان الصهيوني على نحو 56 ألف دونم من أصل 63 ألفًا هي مساحة القدس العربية، أما البلدة القديمة فقد وضعت السلطات يدها على 250 دونمًا تمثل 26% من مجموع مساحة البلدة.
صمود أهل فلسطين يدحض الأكذوبة
ويؤكد الكتاب أن تشبث الشعب الفلسطيني بأرضه، وبخيار المقاومة، وما يقدمه من شهداء وبطولات وإنجازات، كل ذلك يمثل خير دليل على أن هذا الشعب لم يبع أرضه رغم الإغراءات المادية المذهلة لترك المنازل والأراضي، بل ويفضلون أن تُهدم فوق رءوسهم على أن تسلب شراءً، وساكنو المخيمات منذ الأربعينيات شاهد عملي على ذلك، ولا زال أهلها يحتفظون بأوراقهم الثبوتية حتى هذه اللحظة
كما وقف علماء المسلمين موقفًا بطوليًا عقديًا من بيع الأراضي لليهود، فأصدروا الفتاوى التي تحرم وتجرم هذا الفعل، وكانت الفتوى الأولى عام 1935؛ حيث اجتمع في القدس كبار علماء فلسطين، وأجمعوا على تحريم بيع الأرض الفلسطينية لليهود، وتحريم السمسرة عليه، والسكوت عنه، أو الرضا به.
إلى المخدوعين بهذه الفرية
تحت هذا العنوان يبعث المؤلف برسالة إلى كل الذين انطلت عليهم هذه الأكذوبة، بأن يكلفوا أنفسهم البحث عن حقيقة هذه الفرية، وألا يكونوا سهامًا في صدور أصحاب هذه الأرض الذين لا زالوا يقاومون من أجلها، فلا يخفى على أحد أن الكذب وسيلة قوية يرتكز عليها اليهود في تنفيذ مشروعاتهم، وتأتي قوة هذه الوسيلة لديهم من أنها تجد- وللأسف- من العرب والمسلمين أنظمة وحكامًا، مصدّقين، بل مروجين لها، فهناك كثير من الأنظمة العربية التي عمدت إلى نشر هذه الأكذوبة بعد هزيمة حرب 1948م، بل إنهم يعملون على إظهارها كلما خمدت، ويفتحون صحفهم وقنواتهم لكتاب باعوا أنفسهم وكرامتهم ليروجوا- تلميحًا أو تصريحًا- لهذه الفرية.

مدينة القدس منذ الفتح الإسلامي وحتى الاحتلال الصليبي

بقلم محسن هاشم
لم تحظ الكتابة التاريخية حول القدس باهتمام كبير مثل الكتابة الدينية عن المقدسات في المدينة وتفسيرات الصحابة والعلماء للأحداث الدينية مثل الإسراء والمعراج، ووصف المسجد الأقصى أو الكتابة السياسية التي تتناول الصراع حول المدينة ومركزها القانوني.
ويخصص المؤلف هذا الكتاب لإلقاء الضوء على تاريخ المدينة في الفترة التاريخية التي تهدف فيها سيادة عربية وإسلامية، وحتى الغزو الصليبي للمدينة المقدسة.
ويبدأ الكتاب بالتأكيد على أن ذكر القدس كان دائمًا يرتبط بأحداث مهمة في تاريخ الدعوة الإسلامية، ومن أهمها معجزة الإسراء والمعراج التي أسري فيها برسول الله (صلى الله عليه وسلم) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى حيث عُرج به إلى السماوات السبع، وكذلك حادث تحويل القبلة من البيت المقدس إلى الكعبة المشرفة.
خلفيات الفتح
ويتحدث عن الخلفيات والظروف المحيطة بفتح القدس بالقول إنه لما جمع هرقل للمسلمين الجمع، وبلغ المسلمون إقبال الروم إليهم لموقعة اليرموك ردوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الخراج، وقالوا شغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم فأنتم على أمركم فقال أهل حمص: أنتم إلينا أحب مما كنا فيه من الظلم والغشم، ولتدفعن ضد هرقل عن المدينة، ونهض اليهود فقالوا والتوراة لا يدخل عامل هرقل المدينة إلا أن نغلب ونجهد فأغلقوا الأبواب وحرموها، وكذلك فعل أهل المدينة من النصارى
ويشير إلى أن فتح القدس يبدأ من موقعة أجنادين التي هدفت إلى فتح الطريق إلى المدينة المقدسة، وكان يقود المسلمين عمرو بن العاص الذي واجه حشودًا ضخمة من الروم بقيادة الأرطبون الذي وصف بأنه أدهى الروم وأبعدهم غورًا وأنكأهم فعلاً، وقال أمير المؤمنين عمر وقتها "قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب فانتظروا عم تنفرج".
وتمكن المسلمون من الاستيلاء على أجنادين رمز الأرطبون وتوجهوا إلى بيت المقدس عام 15هـ/ 336م، ووجه أبو عبيدة بن الجراح قائد جيوش المسلمين في الشام إلى أهل بيت المقدس كتابًا "أنَّا ندعوكم إلى شهادة ألا اله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله فإن شهدتم بذلك حُرمت علينا دماؤكم وأموالكم، وكنتم إخواننا في ديننا، وإن أبيتم فأقروا لنا بإعطاء الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإن أبيتم سرت إليكم بقوم هم أشد حبًا للموت منكم للحياة".
ودامت المناوشات أربعة أشهر وأدرك المحاصرون أنه لا سبيل سوى التفاوض واشترط أهل بيت المقدس وكان يمثلهم البطريك صفرونيوس لتسليم المدينة أن يكون الخليفة عمر بن الخطاب هو المؤمن لهم، والذي يمنحهم العهد، ويوقع العقد، وجاء الخليفة بنفسه وأعطاهم عهدة الأماني العمرية.
العصرين الإخشيدي والفاطمي
وعقب صدر الإسلام تعاقب العصرين الأموي والعباسي على المدينة حيث حظيت باهتمام خلفاء الدولة الأموية فأنشأ معاوية محرابًا في المسجد الأقصى، وبنى عبد الملك بن مروان مسجدًا ببيت المقدس، وبنى القبة التي على الصخرة، واستمرت المدينة تحظى برعاية واهتمام الخلفاء العباسيين فكان الخلفاء يحرصون على زيارتها حرصهم على زيارة مكة، وأولوا اهتمامًا بالمسجد الأقصى وتجديده
وفي ظل حكم الأسرة الإخشيدية لمصر 254 – 292هـ / 868 – 905م التي تولت بعد الأسرة الطولونية حرص الحكام على أن يدفنوا في المدينة، وحدث عام 966 عندما استقل كافور بحكم مصر والشام أن تعرض المسيحيون لموجة من الاضطهاد نتيجة طمع والى المدينة، ورغبته في الاستيلاء على المال فاشتكاه البطريرك إلى كافور، وبالفعل تم إرسال طائفة من الجند لحماية النصارى فشعر الوالي بالتحدي لسلطته فهاجم النصارى، وشارك اليهود في الاعتداء على المسيحيين وقتل البطريرك.
ومنذ استيلاء الفاطميين على مصر 358هـ / 969م أصبحت القدس تابعة لهم حتى سقوطها في قبضة الصليبيين، وفي هذه الفترة كان أهل الذمة في مصر يخرجون في موكب عظيم كل عام لزيارة بيت المقدس متشبهين بخروج المسلمين في موسم الحج، وذلك في عهد الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله 411 -457هـ.
وعادت الأمور لطبيعتها بين الدولة الفاطمية ورعاياها من أهل الذمة وعقدت معاهدة بين الظاهر والإمبراطور البيزنطي قسطنطين الثاني 418 – 1027هـ بموجبها يخطب للخليفة الظاهر بمسجد القسطنطينة في مقابل إعادة تعمير كنيسة القيامة.
واهتم الفاطميون بالمنشآت الدينية والاجتماعية في بيت المقدس فكان بالمدينة في العصر الفاطمي بيمارستان كبير لعلاج المرضى، وكان يصرف لهم حاجاتهم من الدواء والطعام بالمجان.
الاحتلال الصليبى
لكن في عهد الخليفة المستنصر 427 – 487هـ / 1035 – 1094م اختلت الأحوال في الدولة الفاطمية وظهر الأتراك السلاجقة الذين أرسلوا جيشًا بقيادة ملكشاه بن الأمير السلجوقي ألب أرسلان إلى الشام، وتمكن من السيطرة على أجزاء كبيرة منها القدس عام 1070م إلى أن استردها الخليفة الفاطمي المستعلي على يد وزيره الأفضل بن بدر الدين الحجالي 1098م، والعجيب أنه في الوقت الذي كان يهاجم فيه الأفضل بيت المقدس كان الصليبيون شمال الشام يحاصرون أنطاكية.
وعندما أدرك الوزير حقيقة الغزو الصليبي حاول الإسراع لإنقاذ القدس، ولكن الصليبيين كانوا الأسبق إليها، حيث قاموا بالحملة الصليبية الأولى التى تحركت من أوروبا في أغسطس عام 1096 من اللورين وقادها غودفري دي بويون الرابع، وانضم إليها أتباعه (أخوه الأكبر الكونت يفتسافي من بولون، وأخوه الأصغر بودوان من بولون أيضًا، كما انضم بودوان له بورغ ابن عم غودفري، والكونت بودوان من اينو، والكونت رينو من تول) ومشت هذه الفصائل على طريق الراين- الدانوب حتي وصلت القسطنطينية نهاية عام 1096.
وأسفرت الحملة الأولى عن احتلال القدس فى يوليو عام 1099، وقيام مملكة القدس اللاتينية بالاضافة إلى عدّة مناطق حكم صليبية أخرى كالرها(أديسا) وإمارة أنطاكية وطرابلس بالشام.
ولعبت الخلافات بين حكام المسلمين المحليين دورًا كبيرًا في الهزيمة التي تعرضوا لها، كالخلافات بين الفاطميين بالقاهرة والسلاجقة الأتراك بنيقية بالأناضول وقتها، وباءت المحاولات لطرد الصليبيين بالفشل كمحاولة الوزير الأفضل الفاطمي الذي وصل عسقلان، ولكنه فر بعدها أمام الجحافل الصليبية التي استكملت السيطرة على بعض البلاد الشامية والفلسطينية بعدها.
وتروي المصادر ما ارتكبوه من مذابح رهيبة داخل المدينة المقدس، وما قاموا به من سلب وتدمير ونهب، حيث قتل في باحة المسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفًا منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارقوا الأوطان.
ولبث الصليبيون في البلدة أسبوعًا، وأخذوا من عند الصخرة نيفًا وأربعين قنديلاً من الفضة، وزن كل قنديل 3600 درهم، وأخذوا تنورًا من فضة وزنه أربعون رطلاً بالشامي، وأخذوا من القناديل الصغار مائة وخمسين .. ومن الذهب نيفًا وعشرين قنديلاً، وعتموا منه ما لا يقع عليه الإحصاء.
وقد غاصت الخيل في دماء المسلمين حتى وصلت إلى الركب، وأمعن الفرنجة بالقتل في كل من وجدوه في بيت المقدس، حتى لطخت الدماء الكواحل.
وهكذا وقعت مدينة القدس في قبضة الصليبيين، وكان لهذا الحدث وقع الكارثة على المسلمين في جميع أنحاء الأمة الإسلامية، وظل المسلمون يتشوقون إلى عودة القدس إلى كنف الإسلام، وتخليصها من محاصريها حتى تم لهم ذلك بعد كفاح شرف على يد الناصر صلاح الدين الأيوبي 583هـ/ 1187م.

القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى

بقلم محسن هاشم
يعرض هذاالمقال للطائفة المسيحية في الغرب المؤيدة للصهيونية، التي نجحت في التحكم في بعض الأنظمة السياسية للقوى الكبرى بل في النظام الدولي الجديد، وهذه الطائفة تسعى بحسب المؤلف إلى السيطرة على المقدسات الإسلامية في فلسطين من أجل هدمها وإقامة الهيكل اليهودي مكانها، ولكنها لم تنجح بفضل الصحوة المباركة التي أقبلت على تصحيح العقيدة، وتقويم المسار، وربط كل قضية بأصل الدين، والإيمان وحقيقة العبودية.
وكان الدافع الرئيس من تأليف المقال هو مؤتمرات السلام التي لن تؤدي إلى إرجاع الحقوق العربية، وإنما تفتح بابًا لأخطار عديدة مثل فتح الحدود الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وإعلان فتح القنوات السياسية بين العرب و"إسرائيل" إلى أن يصبح يهود "إسرائيل" في الشرق الأوسط كيهود نيويورك في أمريكا، وتصبح ثروات المسلمين ركازًا لهم، وجامعاتهم ومؤسساتهم الثقافية أوكارا لمفكريهم، ومراكزهم التجارية مراكز لبنوكهم، ويصبح عامة الشعوب العربية عمالاً كادحين لخدمة البراون اليهودي الربوى.
ويشير المقال إلى أن ما حدث ويحدث هو بقدر الله الذي لا يرد وله فيه الحكمة لحظة واحدة أن النصر للإسلام وأن كيد اليهود هابط خاسر، وأحداث المقاومة هي إشارة بولادة أمة الحق المؤمنة بالوعد الحق والمجاهدة في سبيل الحق.
صراع وعدين
وينطلق المقال من البعد الديني لقضية القدس وفلسطين بالقول: إن هذه الأرض قد وعدها الله سبحانه وتعالى نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام ووعد به صالح ذريته من بعده، ويلتقي عند هذا الوعد الآن الأديان الثلاثة، المسلمون عندهم من هذا الوعد دعوى ثابتة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واليهود والنصارى عندهم فهمهم لهذا الوعد الذي افتروه على الله (سبحانه وتعالى).
ومن ثم فإن هذا الصراع في أصوله ليس بين قوتين أو بين عنصرين، وإنما هو صراع بين وعدين الوعد الحق والوعد المفترى، وبالتالي فهو صراع بين عقيدتين وهما عقيدة التوحيد التي جاء بها نبي الله إبراهيم وجددها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وسيجدها آخر الزمان سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام، وبين دعوة الشرك والخرافة ابتداء بحاخامات الصهاينة، وبعض المسيحيين المتصهينين وانتهاء بهرتزل، وعندما يلتقي المسيحان المسيح ابن مريم عليه السلام والمسيح الدجال، ويذوب المسيح الدجال كما يذوب الملح في الماء لولا أن المسيح يقتله عندها تنتهي هذه المعركة الطويلة بين هذين الوعدين.
وبناء عليه فإن كل دعوة للسلام مع اليهود - حسب المؤلف - لن تقود إلى الصلح والسلام، ولكنها إيمان بالوعد المفترى، وتكذيب بالوعد الحق، وهذا هو جوهر القضية وأساسها.
الوعد المفترى
ويسوق الكتاب نص توارتي يستند إليه اليهود فى إيمانهم بالوعد المفترى، وذلك في سفر التكوين في التوراة المحرفة، ويزعم أن نوحًا كان فلاحًا وغرس كرمًا، وشرب من الخمر وسكر وتعرى داخل جنته فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه، ولكنه خرج دون أن يفعل شيئًا؛ فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء فلم يبصرا عورة أبيهم، فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير؛ فقال ملعون أبو كنعان يكون عبدًا لأخويه، وقال: مبارك الرب إله سام، وقال: ليكن كنعان عبدًا لهم، يفتح الله ليافث فيسكن مساكن سام، وليكن كنعان عبدًا لهم.
وهذا النص بما فيه عن سوء الأدب والافتراء يمثل مفتاح الدراسة في عدد هائل من المدارس الإنجيلية في الولايات المتحدة. وتقول التوراة أيضًا: "قال الرب لأبرام اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك، فأجعلك أمة عظيمة أباركك، وأعظم اسمك وتكون بركة، وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه، وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض واجتاز إبراهيم في الأرض إلى مكان شكيمي.. وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض والرب لإبرام، وقال: لنسلك أعطِ هذه الأرض" (الإصحاح 12).
واستغل اليهود العهد القديم (التوراة) الذي يؤمن به اليهود والنصارى معًا لدعوة المسيحيين للإيمان بهذا الوعد المفترى، وهو ما تحقق بالفعل حيث رفعت بعض المنظمات والطوائف البروتستانتية شعار العمل لتحقيق إسرائيل الكبرى، وهدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل المزعوم مكانه، وذلك حتى يتحقق هذا الوعد بعودة المسيح ونزوله إلى الأرض ليقتل كل من لا يدين بدينهم في معركة هرمجدون.
وبدأ هؤلاء في إعداد الخطط للسيطرة على الإدارة والمجتمع في الولايات المتحدة الأمريكية، ونجحوا في ذلك بالفعل؛ بدءا من عهد الرئيس كارتر الذي دعا في يناير 1985 زعماء الأصولية الإنجيلية، وأخبرهم أنه مؤمن مثلهم بضرورة إعداد العالم لصورة ملك الملوك وسيد الأسياد، ويعني بذلك المسيح عليه السلام.
الوعد الحق
وفي مقابل هذا هناك الوعد الحق الذي أعطاه الله تعالى لهذه الأمة الإسلامية الموحدة بأن ترث هذه الأرض كما في التوراة نفسها، وقد روى الإمام أحمد والترمذي وصححه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من نبي إسماعيل كنانة، واصطفى من قريش كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".
ويبشر القرآن الكريم بظهور الإسلام وتمكينه، أما اليهود فوعد الله فيهم واضح جلي، حيث قال تعالى: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم" (الأعراف 167).
كما وعد الله تعالى ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب والجهاد القائم جزء من هذا الوعد وسوف ينتهي بتدمير (إسرائيل) بإذن الله فيقول تعالى: "فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا" (الإسراء 7-8) أي في أي مرحلة يعودون سيعود عقاب الله تعالى، ولهذا بشر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله".
وليس هذا فقط الوعد الحق بل يؤمن المسلمون بنزول المسيح عليه السلام ليقتل المسيخ الدجال، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير

لماذا يتعلم اليهود العربية؟

بين التمكن من الحديث مع المواطنين الفلسطينيين باللغة العربية في إطار التعايش على الأرض المغتصبة، وبين البحث عن أساليب جديدة للحماية عبر معرفة الطرف الآخر
ومواطن ضعفه واستغلالها، من أجل تحقيق مصالحه كمحتل ومغتصب، والحاجة أيضًا لمجابهة أي خطوات بطريقة استباقية، تراوحت الأهداف التي ادعاها المستوطنون، وبيَّنها المحللون من مشروع إلزام طلاب المرحلة الابتدائية في المستوطنات بتعلم اللغة العربية، خلافًا لنص القانون الصهيوني الذي يلزم الطلبة بتعلم اللغة العربية في المرحلتين المتوسطة والثانوية.
فمع إطلالة العام الدراسي المقبل في سبتمبر/أيلول، سيكون لزامًا على الطلاب المستوطنين في المرحلة الابتدائية تعلم أبجديات اللغة العربية.
"القدس أون لاين" في سياق التقرير التالي يرصد المشروع والأهداف منه كما يدعيها المستوطنون، ويقرؤها المحللون، تابع معنا.
لم يعد العرب وحدهم خاصة الفلسطينيين الذين يتطلعون لتعلم اللغة العبرية، فالمستوطنون أيضًا بدءوا يتخذون خطوات عملية لتعلم اللغة العربية، حيث قرر مستوطنو أفرات جنوبي بيت لحم إضافة مادة اللغة العربية إلى مناهج التعليم للمرحلة الابتدائية، بعد أن كان تعليمها، وفقًا للقانون الصهيوني، ملزمًا للمرحلة المتوسطة والثانوية، وبحسب صحيفة معاريف الناطقة بالعربية، فإن القرار الجديد الصادر عن المستوطنة يستهدف تعليم 3000 طالب من المستوطنين بالمرحلة الابتدائية اللغة العربية، وأشارت الصحيفة إلى أنه تم استقدام مدرسين للغة العربية من القرى المجاورة للمستوطنة، ومن ثمَّ بادر مجلس المستوطنة بطرح فكرة تجنيد مدرسين فلسطينيين لتدريس اللغة العربية للمستوطنين؛ إلا أنها وُوجهت بالرفض.
وبحسب رئيس مجلس المستوطنة، عودد رفيفي، فإن الهدف من تعليم الطلاب بالمرحلة الابتدائية اللغة العربية يأتي في إطار توسيع دائرة المتحدثين باللغة العربية، كونها لغة مهمة وضرورية للطلبة لظروف- وصفها بالموضوعية- لا تتعدى طبيعة المنطقة التي يعيشون فيها، مؤكدًا أن مجلس المستوطنة اتصل برؤساء القرى الفلسطينية لاستقدام مدرسين للغة العربية يقومون على تعليم الطلبة في المرحلة الابتدائية، إلا أنهم لم يبدوا أي تعاون رغم ترحيبهم بالفكرة.
وأشار إلى أن المستوطنين تربطهم علاقات وطيدة مع الفلسطينيين، وشاركوهم في تظاهراتهم المناهضة للجدار مدعيًا أن الفلسطينيين يعيشون في نفوذ المستوطنة يتنقلون داخلها بحرية، ويذهبون إلى أراضيهم الزراعية، ويجنون محاصيلهم، ويعتنون بأرضهم دون أدنى مضايقات، نافيًا أن يكون سعيهم لتعليم أبنائهم اللغة العربية منذ الصغر لتحقيق أهداف خبيثة تمكنهم من حماية أنفسهم من الفلسطينيين، وأضاف قائلاً: "نرغب في تطوير العلاقات الاقتصادية الاجتماعية والاقتصادية مع الفلسطينيين، من أجل التعايش السلمي فقط"، لافتًا إلى أن المستوطنين في مستوطنة أفرات هم تجمع سكاني مدني لا تربطهم أي علاقة بأي جهاز أمني عسكري في المؤسسة الصهيونية.
دحض ادعاءات المستوطنين
وخلافًا لما أورد رفيفي، يؤكد الكاتب والصحفي في الأراضي المحتلة عام 1948، وديع العواودة، في حديث خاص مع "القدس أون لاين"، أن اتجاه المستوطنين لتعلم اللغة العربية، وإلزام الطلبة من المرحلة الابتدائية على غير القانون القاضي بإلزام تعليمها في المرحلتين المتوسطة والثانوية لم يكن من باب الأحلام الوردية للمستوطنين، وليس أيضًا لأنهم اكتشفوا مؤخرًا وقوعهم في غرام لغة الضاد، وإنما أرادوا تعلمها كتابةً وشفهيًا لأغراض خبيثة تخدم مخططهم الاستيطاني التهويدي، وأكد أن ذلك الاتجاه وسيلة كولونيالية تهدف إلى التعرف على لغة العدو "الفلسطينيين"، وذلك في إطار استمرار واستكمال مشاريع وعمليات الاستغراب التي قامت بها الحركة الصهيونية من قبل النكبة، وأضاف: إن إجازة لغة الآخر باعتقادهم، وكما هو معروف تساعد في النيل منه، والتعرف على مواطن الضعف لديه، ومحاولة تحقيق أهداف يصعب تحقيقها في حال عدم إتقان اللغة التي يتحدث بها، واستكمل العواودة قائلاً: "عملية اتجاه المستوطنين لتعلم اللغة العربية قد تكون ظريفة؛ لكنها ليست مفاجأة ولا إيجابية ولا طيبة، ولا تندرج ضمن أي عناوين التبادل الثقافي، أو التعرف على الآخر بدوافع إنسانية"، على حد تعبيره.
سعي لنشر اللغة العربية
وحول إمكانية انتشار اللغة بشكل أوسع في المدى القريب، أوضح العواودة أن وزير التعليم كان قد أقر مؤخرًا بزيادة مناهج اللغة العربية في المدارس، وعقب قائلاً: "لا ندري إن كان ذلك مجرد شعار أم لا"، لافتًا إلى أن تعليم اللغة العربية في المدارس يختلف كثيرًا عن تعليمها للكبار، خاصة في ظل السياسة الصهيونية التي تعتبر التعليم في المدارس، خاصة وأن تعليم المدارس يهدف للحشد والتعبئة وشيطنة الآخر، وتجنيد الأجيال من أجل مواصلة القتال والحرب تحت مسميات مختلفة من الدفاع عن الوطن والأرض والشعب، وأضاف: إنه في ظل المعطيات السابقة، فلا يمكن أن ينسجم تعليم اللغة العربية مع مساعي الشيطنة، ونزع الشرعية عن كل ما هو عربي، واستطرد قائلاً: "أشك أن تقوم وزارة التربية والتعليم الصهيونية بهذا العمل"، لافتًا إلى أن اللغة العربية تستخدم في أوساط الدوائر الاستخباراتية، وفي المؤسسات الأكاديمية، مؤكدًا أن الرغبة والخطة الجديدة التي أقرتها مستوطنة أفرات جنوبي بيت لحم جاءت في إطار محاولتها لتمكين سيطرة وقبضة المستوطنين على الحيز، والبحث عن مواطن ضعف في الطرف الآخر "الفلسطيني" ليس أكثر.
للتميز والارتقاء
فيما أوضح د. محمود محارب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن قرار الإلزام بتعليم أبناء المستوطنين اللغة العربية منذ المرحلة الابتدائية يأتي في إطار تحقيق المتطلبات الأساسية للانخراط في الأجهزة الأمنية الصهيونية، على حد تعبيره، نافيًا أن يكون بهدف التعايش السلمي وتبادل المعرفة والثقافة، كما يدعي المستوطنون، وأكد أن المتلهفين لدراسة اللغة العربية من المستوطنين من فئة الأشكناز القادمين من أوروبا، والذين طالما رفضوا تعلمها منذ أن وطئت أقدامهم الدولة العبرية، والسبب، بحسب تقديره، طموحهم الكبير في التميز والارتقاء، والحصول على أعلى المناصب في الأجهزة الأمنية التي يعمل غالبيتهم فيها، قائلاً: "إن اللغة العربية هي مفتاحهم للوصول إلى المناصب الهامة، سواء في الجيش أو الأجهزة الاستخباراتية"، وأضاف: إن المستوطنين يحاولون التعرف على العادات والثقافات والتقاليد الفلسطينية؛ ليتمكنوا من وضع الخطط الاستراتيجية؛ ليتمكنوا من إدارة الصراع مع الفلسطينيين.
وتشير السيدة ليلى، وهي مدرسة متقاعدة من القدس، أن تعلم المستوطنين للغة العربية منذ الصغر ومع بداية المرحلة الابتدائية يصب في تحقيق أهداف سياسية تخدم مصالحهم وطموحاتهم؛ للارتقاء بمستوياتهم الوظيفية في الأجهزة العسكرية التي يعملون ضمنها، خاصة فئة الأشكناز، وأضافت لـ"القدس أون لاين": "لا عجب أن ترى أحد المستوطنين يرتدي الزي التراثي الفلسطيني، ويحدثك بلغة عربية متقنة بهدف نقل المعلومات، واكتشاف مواطن الضعف، وحماية المصالح الشخصية"، لافتة إلى أن أكثر تقربهم من الأطفال بحيث يحصلون على المعلومات التي يريدون، باستغلالهم لبراءتهم، على عكس المواطنين الكبار الذين يكونون أكثر حرصًا وفهمًا لأهدافهم الخبيثة.
من باب الخوف
ويرى المحلل والإعلامي الفلسطيني، ناصر اللحام، من مدينة بيت لحم، أن اتجاه المستوطنين لتعلم اللغة العربية، وإلزام الطلاب منذ المرحلة الابتدائية بتعلمها ردة فعل أساسها الخوف، ودافعها محاولة البحث عن الحماية، وليس من باب التبادل الثقافي أو المعرفي، مشيرًا إلى أن ذلك يعكس عدم ثقة المستوطنين في حكومتهم، ويبحثون على حلول فردية.
من ناحية أخرى، أكد في حديثه لـ"القدس أون لاين"، أن تعلم اللغة الأجنبية من البشر شيء مفيد، إلا أن المستوطنين لا يبتغون تعلم اللغة من أجل الاستفادة، ولكن من أجل حماية أنفسهم ومصالحهم، لافتًا إلى أن الجيل الصهيوني الأول، أمثال: رابين، وغولدمائير، ووايزمن وبيرس كانوا يتقنون اللغة العربية، لكن الأجيال المعاصرة وخاصة بعد بناء الجدار العنصري العازل، أصبحت هناك حالة انخفاض معرفي، على حد تعبيره.

العبرية تخترق الألسنة العربية

بقلم محسن هاشم
مازالت دولة الاحتلال الإسرائيلي تعمل على استهداف اللغة العربية بالتهويد والتطبيع، كما كل شيء فلسطيني، للإلغاء والإسقاط من الوجود؛ لإحكام السيطرة اليهودية، وانتزاع الحقوق بالباطل.
آخر القرارات التي صدرت عن البرلمان الإسرائيلي بالقراءة الأولى مشروع يلزم بكتابة لافتات المتاجر والمطاعم والمؤسسات باللغة العبرية، الأمر الذي اعتبره بعض رجال الحقوق والسياسة العرب استهدافًا مباشرًا للغة العربية، خاصة بعد التهديدات، التي أطلقها الكنيست بسحب الرخص ممن يتخلفون عن اتباع الأوامر.
وكانت اللغة العبرية قد طرقت أبواب الوطن الفلسطيني منذ احتلال الأراضي الفلسطينية، وزادت وتيرة تواجدها بين الفلسطينيين أثناء عملهم، وتعاملهم مع الإسرائيليين داخل الخط الأخضر، ناهيك عن الهيمنة الإسرائيلية على مجريات الحياة العربية في الوطن الفلسطيني، بسبب التبعية للإسرائيليين في مختلف مجالات الحياة، بدءً من الاقتصاد والعمل، وليس انتهاءً بعمليات السفر والتنقل التي يمر خلالها الفلسطيني عبر الحواجز، ويضطر عندها لاستخدام ألفاظ عبرية للتفاهم مع الجندي الذي يعيق حركته وتنقله هناك، أملاً في أن يتراجع عن موقفه، ويتفهم معاناته.
"القدس أون لاين" في التقرير التالي يعرض لأساليب استهداف اللغة العربية، واقتلاعها من ألسنة وأفواه متحدثيها، وإحلال اللغة العبرية مكانها، فقط لأجل التهويد والسيطرة، وانتزاع الهوية العربية الفلسطينية:ـ
بين الهيمنة والإجبار والتقصير والتقارب تراوحت أسباب انتشار اللغة العبرية في الوطن الفلسطيني المحتل، فخلال دراسة أعدها د. خليل عودة، بجامعة النجاح الوطنية، حول الآثار السلبية التي أثمرها الاحتلال الصهيوني على مستقبل اللغة العربية في فلسطين، أوضح أن الهيمنة وإجبار العرب على التعامل، وفقًا للارتباط بين الطرفين، وحاجة كل منهما إلى الآخر، جعلت مفردات التعامل أكثر شيوعًا بين العرب واليهود، وذلك بسبب الاحتكاك اليومي بين العرب واليهود في أماكن العمل والمكاتب الحكومية والجامعات والمؤسسات الخاصة والأسواق والفعاليات والعلاقات الاجتماعية، والتي غالبًا ما تكون لغة الحوار والتفاهم بينهما اللغة العبرية دون العربية اللغة الأصلية للعرب هناك، لافتًا أن التقصير من الجانب العربي، خاصة مجمع اللغويين الفلسطينيين، والمؤسسات الرسمية التي لم تحاول أن تجد مفردات عربية تتلاءم للتداول بين العرب، وتكون مقابلة للمفردات العبرية، ساهمت أيضًا في انتشار اللغة العبرية، ناهيك عن المفردات التي العبرية التي كان يختارها الإسرائيليون بدقة في خطابهم السياسي الموجه للعرب، وشيوع تلك المفردات في الإعلام الإسرائيلي، بالإضافة إلى التقارب بين اللغتين العربية والعبرية، ووجود الكثير من الكلمات المشتركة بينهما، الأمر الذي سهل على العرب أخذ مفردات اللغة العبرية وتكلمها بسهولة.
فيما ألمح د. محمد البع- أستاذ مشارك بقسم اللغة العربية بالجامعة الإسلامية، قسم فروع اللغة- إلى أن السنوات العشرة الأخيرة زادت الخطورة، وبدأ الفلسطينيون يتكلمون العبرية بكثرة حتى في تعاملاتهم مع زوجاتهم وداخل أسرهم، مؤكدًا أن تأثر فلسطينيي الداخل المحتل عام 48 باللغة العبرية أكبر، إذ إنها مفروضة عليه فرضًا، ويعزز ذلك الخطر المشروع الذي أقره الإسرائيليون مؤخرًا بضرورة تغيير اللافتات العربية بأخرى عبرية، ومن لا ينصاع للأوامر يسحب الترخيص منه، وتنتهي مؤسسته إلى زوال.
ويؤكد على ذات الخطورة الأكاديمي الفلسطيني د. عبد الرحمن مرعي قائلاً: إن ارتباط حياة الفلسطينيين في الداخل المحتل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 48 ، جعلهم يختلفون عن باقي العرب في الدول والبلدان العربية الأخرى.
ويؤكد على أن الخطر أقوى وأشد على الفلسطينيين في داخل فلسطين عام 48، فعلى الرغم من المنزلة الرفيعة التي تحظى بها اللغة العربية في نفوس الناس هناك، كونها اللغة الأم، ولغة الدين، ولغة القرآن الكريم والسنة الشريفة، ولغة التراث، ولغة العلم والعلماء في العصور الزاهرة، إلا أن اللغة العبرية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من مخزونهم اللغوي والثقافي أيضًا.
طبيعة الاحتكاك اليومي لدى الفلسطينيين مع قوات الاحتلال المتمركزين عند الحواجز، جعلتهم يضطرون إلى استخدام بعض الكلمات العبرية؛ ليستطيعوا التفاهم مع الجنود هناك، ففي قطاع غزة والضفة الغربية اخترقت بعض الكلمات العبرية الألسنة العربية التي تعاني إغلاق المعابر والحواجز، فها هم يستخدمون كلمة "محسوم" لينذروا بعضهم بوجود حاجز عسكري، و"مشمار غفول" للدليل على وجود حرس الحدود، و"سيغر" بمعنى أن الحواجز مغلقة، بينما اخترقت كلمات عبرية مثل "بسيدر"، بمعنى ماشي الحال.
ويعاني المواطنون العرب من غزو مفردات اللغة العبرية لألسنة أطفالهم، يقول المواطن نخلة شقر- من مدينة حيفا-: "وصلت ابنتي سن الروضة، أرسلتها للتعلم، لكنها عادت لي بمفردات عبرية، عندما تسلم علىَّ تقول لي: شالوم. وهكذا إن أرادت شيئًا فإنها تطلبه بالعبرية، والسبب لا يوجد روضات ولا مدارس تهتم بتعليم اللغة العربية، اللغة الأصلية الأم، وبالتالي ينساها الجيل الجديد، ويُتم معاملاته وتعليمه بالعبرية"، ويؤكد شقر أنه عمد إلى تأسيس جمعية تهتم بالعرب وتعليم اللغة العربية والمحافظة عليها كلغة أم وأصلية قائلاً: "أسسنا روضات، ومن ثم نعمد إلى تأسيس مدرسة إبتدائية".
ويؤكد محمد نفاع، الرئيس السابق لمجلس بلدة مجد الكروم في الجليل (شمال)، أن "إسرائيل" تعمل على انتزاع الأسماء العربية من المدن والقرى، واستبدالها بأخرى عبرية، لافتًا أن الداخلية الإسرائيلية عندما ضمت بلدات مجد الكروم والبعنة ودير الأسد مع بعضها، أطلقت عليها اسم "مخباداه"، وبعد رفضنا أطلقنا عليها اسم الشاغور، إلا أنهم يكتبونها بالعبرية "شيغور"؛ لتشويه الكلمة العربية.
مخاوف متعددة
وفقًا لصحيفة "معاريف" العبرية، فإن البرلمان الإسرائيلي مرر بالقراءة الأولى مشروعًا يلزم أصحاب المحال والمطاعم والمؤسسات جميعها باللغة العبرية، ومن يخالف القرار تسحب رخص محله، وأشارت الصحيفة إلى معارضة الكنيست ورفضه لكتابة اللافتات باللغة الإنجليزية أيضًا، وذلك للحفاظ على الطابع اليهودي لدولة "إسرائيل"، لافتة إلى تصريحات إيفي إيتام- من حزب الاتحاد الوطني المفدال- والتى أكد فيها على ضرورة تعزيز منزلة اللغة العبرية؛ باعتبارها دليلاً على استمرار سلالة أجيال يهودية برزت منذ آلاف السنين.
وأثار تمرير مشروع قانون بالقراءة الأولى في البرلمان الإسرائيلي يلزم بكتابة اللافتات التجارية باللغة العبرية مخاوف سياسيين وحقوقيين عرب، اعتبروا أنه يندرج في إطار الحملة التي تستهدف اللغة العربية، وكانت "معاريف" العبرية قد نقلت خبرًا مفاده: أن الكنيست الإسرائيلي وافق مبدئيًا على مشروع قانون يطالب بالكتابة على الواجهات، أو لافتات المتاجر باللغة العبرية الواضحة، وإلا فإن الرخص ستسحب من المتاجر والمطاعم.
فيما اعتبر عضو الكنيست العربي محمد بركة، أن تمرير المشروع الصهيوني الجديد يهدف إلى النيل من اللغة العربية، بإعطائه الأولوية المطلقة للغة العبرية، وأضاف أن عملية استهداف والنيل من اللغة العربية متعددة ومتشعبة، إحداها بتغيير اللافتات التجارية إلى لافتات تكتب بالعبرية، وأخرى بتغيير أسماء الشوارع، وثالثة بتغيير أسماء المدن والقرى الفلسطينية التي هجر منها أهلها وسكانها الأصليون إبان الحرب والنكبة، ما جعل الجيل الجديد لا يعرف أسماءها العربية، مؤكدًا أن اللغة العربية في الأراضي المحتلة عام 48 هي اللغة الرسمية للمواطنين هناك على الورق فقط، وإنما في جل تعاملاتهم اليومية يتكلمون العبرية في المدارس، وتفرض اللغة العبرية لتعليم المناهج، وكذلك كافة التعاملات، مشيرًا أن دولة الاحتلال تنفق ما يعادل 195 دولارًا فقط على الطالب العربي، بينما يحظى الطالب اليهودي بحصة إنفاق تعادلها سبع مرات، أي ما قيمته 823 دولارًا، الأمر الذي يشجع الطلاب العرب للالتحاق بالمدارس اليهودية، ناهيك عن تعليم اللغة العربية في الجامعات، والذي ينطوي على تدريس مساقاتها باللغة العبرية، الأمر الذي يعد انتهاكًا واضحًا وإحلالاً صريحًا للغة العبرية محل اللغة العربية.
استهداف مقصود
مركز "عدالة" الناشط في مجال الحقوق للأقليات العربية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، على لسان محاميه عادل بدير، أكد أن المشروع الذي مُرر مؤخرًا وافق عليه الكنيست بالقراءة الأولى، إنما يستهدف الأقليات العربية في الأراضي المحتلة، خاصة سكان القدس الشرقية الذين يكتبون لافتات محالهم التجارية ومؤسساتهم باللغة العربية، إضافة إلى الأقليات في البلدات العربية في أراضي 48، لافتًا أنهم قدموا التماسًا عام 2002، وتم إقرار وضع اللافتات العبرية على الطرق إلى جوار اللافتات العربية في مختلف المدن كحيفا وعكا.
إلى ذلك لفت بدير أنها ليست المعاناة الأولى للأقليات العربية، بل سبقها الكثير من الانتهاكات والاعتداءات على الحقوق، أهمها: إجراءات تسجيل الزواج والعقارات والأوراق الثبوتية، فلا يمكن تسجيلها إلا بعد ترجمتها باللغة العبرية، ناهيك عن رفضهم كتابة أسماء المدن بالعربية، ويقومون بتحويلها إلى العبرية، فعلى سبيل المثال لا الحصر: يكتبون صفد "سفات"، وعكا "عكو"، لافتًا أنه قبل وقت قريب فقط وبعد نضال طويل تم استرجاع اللافتة إلى "عكا".

مواجهة "الموساد" صراع وجود

بقلم محسن هاشم
قيل الكثير، وكشف الكثير عن أهداف زرع الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين بمنطقة الوصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه. وقد بدأت النوايا والتعابير تفصح عن ذاتها بالتدرج، منذ احتلال نابليون لمصر، وإطلالته على شبه جزيرة سيناء، وإشارته إلى أن من يسيطر على المنطقة التي تشكل فلسطين التاريخية، يسيطر على الطريق إلى الشرق. وقد نوه بعض المستشرقين بذلك، ورأى البريطانيون في الاستيلاء على المنطقة الفاصلة بين آسيا وإفريقيا تأمينًا للطريق إلى درة التاح البريطاني. وكان هرتزل في رسائله إلى الأوروبيين، قد أشار إلى أن قيام كيان يهودي على أرض فلسطين سيشكل سدًا قويًا بين المدنية والبربرية، ويحمي المصالح الأوروبية.
ذلك كله وإن ينبغي أن يكون حضوره قويًا في ذاكرتنا، لكنه أصبح بالنسبة للكثير شيئًا من التاريخ، ولم يعد بحاجة إلى إثبات. لقد أكدت مسيرة ما يقترب الآن من قرن من الزمن، منذ الإعلان عن وعد بلفور الذي وعد الصهاينة بإقامة وطني قومي لليهود في فلسطين، أن المشروع الصهيوني في فكرته، والتحضير له، ونشأته هو مشروع غربي بامتياز. وقد كان ولا يزال في القلب من مشروعات الهيمنة المختلفة على الأمة، بكل تشعباتها وتجلياتها .
إذن فالمشروع لم يستهدف فلسطين وحدها، بل الأمة العربية كلها. لقد غدت فلسطين قاعدة الانطلاق للعدوان الصهيوني على العرب. وخلال عقود طويلة، أثبت الكيان الغاصب بسلوكه، عبر اعتداءاته المتكررة على البلدان العربية، من بغداد إلى تونس صحة ذلك. وفي العقود الخمسة الأخيرة، وصلت ذراع الموساد وشبكات التجسس “الإسرائيلية” إلى معظم البلدان العربية، مؤكدة بأنشطتها خطورة استمرار هذا الكيان على الأمن القومي العربي، واستقرار المنطقة بأسرها، من دون استثناء، بما في ذلك البلدان التي وقعت معاهدات ثنائية مع “إسرائيل”.
وضمن اعترافات أجهزة الموساد، وما تكشف عن أنشطتها، تأكد أنها عملت على العبث بالأمن والاستقرار في سوريا ومصر ولبنان والأردن والعراق والسودان وبلدان عربية أخرى. وخلال العام المنصرم، نفّذ عملاء الموساد عملية اغتيال القيادي في حركة “حماس”، محمود المبحوح، في مدينة دبي، التي يسجل لأجهزة الأمن فيها براعتها في كشف خيوط العملية، وفضح ملابساتها.
لم يقتصر دور الموساد بالبلدان العربية، على كشف الأسرار وجمع المعلومات، واغتيال القادة والمقاومين الفلسطينيين لمصلحة الكيان الصهيوني، بل عملت أجهزته في التحريض على التفتيت وزرع الفتنة في البلدان العربية، واستثمار التوترات الطائفية والعرقية والصراعات القبلية لإضعاف تماسك وحدة الدولة الوطنية بهذه البلدان.
في جمهورية مصر العربية، التي مضى على توقيعها معاهدة صلح مع “إسرائيل” ثلاثة عقود، جرى خلالها إنهاء حالة الحرب، وإقامة علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية وتطبيع معها، تم الكشف مؤخرًا عن عدد من شبكات التجسس “الإسرائيلية”، بما يؤكد استمرار النظرة الصهيونية لمصر، كدولة معادية، وسريان مفهوم الأمن “الإسرائيلي”، الذي يتعامل مع البلدان العربية مجتمعة، بوصفها محيطاً معادياً ينبغي ضربه واختراقه، وزرع الفتن فيه، والقيام بعمليات الاغتيال والتخريب الاجتماعي والاقتصادي والمعنوي، بما في ذلك العمل على تفتيت وحدته الوطنية.
وفي هذا السياق، نشير إلى تمكن أجهزة الاستخبارات المصرية من الكشف عما يقرب على 30 شبكة تجسس “إسرائيلية” في مصر، منذ تسعينيات القرن المنصرم. ومن بين أبرز إنجازات الاستخبارات المصرية القبض في عام 1996 على عزام مصعب عزام، الذي حكم عليه بالسجن خمسة عشر عامًا. وبقي هذا الجاسوس محط اهتمام قادة العدو الصهيوني، حيث تدخل لإخراجه من السجن ثلاثة رؤساء وزارة صهاينة. وخرج من السجن بعد مرور ما يقارب ثمانية أعوام على حبسه، بعد إلحاح الإدارة الأمريكية للإفراج عنه.
لقد جاء الكشف الأخير عن شبكات التجسس “الإسرائيلية” في مصر بعد فترة وجيزة من كشف أجهزة الأمن اللبناني عن شبكة تجسس مماثلة، من بين أعضائها ضابط متقاعد، مقرّب من الجنرال ميشيل عون، رئيس التيار الوطني الحر في لبنان. إضافة إلى إعلان الجيش اللبناني في ديسمبر/ كانون الأول الماضي عن تفكيك أجهزة تجسس “إسرائيلية” مزروعة فوق جبلين، هدفها تصوير وتحديد أهداف أرضية، وإعلان الجيش اللبناني عن تفجيره جهازي تنصت في المنطقة حدودية مع “إسرائيل”. ولا تستبعد أجهزة الأمن اللبنانية ضلوع “إسرائيل” في عمليات الاغتيال التي جرت في السنوات الماضية، من أجل خلخلة التركيبة الاجتماعية اللبنانية، وإشعال نيران الفتنة الطائفية والمذهبية، وإعادة شبح الحرب الأهلية من جديد.
في العراق، تتحدث أنباء عن وجود شركات صهيونية تعمل بتسميات استشارية، ومقاولات، ومراكز أبحاث، لمصلحة الموساد “الإسرائيلي”، وتلعب دورًا رئيسًا في التصفيات المستمرة للعلماء العراقيين، التي بدأت إثر احتلال العراق عام ،2003 وفي هذا الاتجاه، تتحدث أنباء عن دور للموساد لدعم قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق، وإثارة التنظيمات الكردية الانفصالية في تركيا، ودعم إمكانية استقلالهم وقيام دولة كردية في جنوب تركيا، على غرار ما يجري في العراق. وقد سبق أن استدعت الخارجية التركية السفير “الإسرائيلي” في أنقرة، وسلمته رسالة احتجاج حول تدخل جهاز “الموساد” في الشؤون الداخلية التركية.
وخلال اعتقالات ديسمبر/ كانون الأول الماضي لشبكات تجسس “إسرائيلية” في مصر، قدم المتهم بالتجسس لحساب الموساد، طارق عبد الرزاق معلومات تؤكد استهداف الموساد لمصر وسورية ولبنان. ولا شك في أن الكشف عن ذلك قد وجه ضربة قوية “للإسرائيليين”. على أن ذلك لن يكون نهاية المطاف، فسوف تستمر “إسرائيل” في محاولة إشاعة الفوضى بالمنطقة. وليس من المستعبد وجود علاقة للموساد بالعملية الإرهابية التي استهدفت كنيسة القديسين القبطية في مدينة الإسكندرية.
ويبدو أن نزيف التفتيت والخراب الذي يقوده الموساد، وتشارك فيه قوى الهيمنة العالمية سوف يتواصل، ما لم تتم مواجهته، على عدة جبهات داخلية وعربية وإقليمية.
فعلى صعيد الداخل لا مناص من تحصين مجتمعاتنا العربية، من محاولات الاختراق، ولن يتحقق ذلك إلا ببناء دولة المؤسسات، وقيام أنظمة سياسية تستمد مشروعيتها من التسليم بمفهوم المواطنة، والحق في تشييد مؤسسات المجتمع المدني، ومحاربة حالة الاحتقان التي تعم المجتمعات العربية بأسرها، من خلال النأي عن سياسة الإقصاء واحتكار السلطة، والتصدي للفساد، بمختلف أوجهه، وتأسيس نظام اجتماعي يستند على العدل والندية والتكافؤ.
وعلى الصعيدين الرسمي والشعبي، ينبغي إعادة قراءة المشروع الصهيوني، من منظور جديد، باعتباره مشروع حرب يستهدف الأمة العربية بأسرها. وذلك يقتضي العمل على إعادة صياغة سياساتنا واستراتيجياتنا، والانتقال في فهم الصراع، من الرؤية التقليدية، التي سادت منذ منتصف السبعينيات، والتي انطلقت من إمكانية التعايش مع هذا المشروع، إلى رؤية جديدة تسعى لتحصين المجتمع العريي من المؤامرات والدسائس. ويبنغي أن يكون للعلماء والمفكرين، والجامعات ومراكز البحث العلمي، دور بارز في تفكيك الظاهرة الصهيونية، وصياغة رؤية علمية للتعامل معها، من أجل صيانة المجتمع، وحماية الأمن القومي العربي، صياغة تنطلق من رؤية قوامها أن الصراع مع الصهاينة، ليس حيال أراض متنازع عليها، كما هو في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 بل صراع وجود.

المياه العربية والخطر الصهيوني

بقلم محسن هاشم
إن جدلية الصراع على المياه، في شرق المتوسط وجواره، تكمن في الطبيعة الجغرافية السياسية للوطن العربي. ذلك أنّ أهم منابع المياه تقع خارج الأرض العربية، إضافة إلى التناقص المستمر للحصة النسبية للدول العربية من المياه، والاعتداء الفعلي المتواصل والمباشر من الدولة العبرية على الحقوق العربية المائية. ومع تزايد أعداد السكان، ونضوب بعض المصادر المائية، وإمكانية دخول بعض الموارد المائية الأخرى ضمن المصالح السياسية المتقلّبة، فإن المنطقة العربية تعيش أزمة مائية، وقلقاً حقيقياً على المستقبل. فالأمن الغذائي العربي مهدّد برمته، فالمياه وحدها هي التي تؤمن الغذاء، والعالم العربي يستورد حالياً ما يقارب أربعين في المائة من مجمل ما يستورده العالم الثالث من المنتجات الغذائية..،.
وإذا كان من الصعب هنا الإحاطة بكلّ مصادر التهديد المحيطة بمصادر المياه العربية، فإن الإشارة إلى دولة الكيان الصهيوني، ومدى تهديدها المتواصل لتلك المصادر، ربما يُشكّل بداية لإعادة طرح المسألة المائية العربية، على أنها واحدة من أهم عناصر الأمن القومي والوطني العربي معاً. ذلك أنّ كونها أحد عناصر الأمن الوطني لكلّ قطر عربي، يرتبط بأن حمايتها لا يمكن أن تتأتّى، إلا من خلال رؤيتها كعنصر من عناصر الأمن القومي، كما تفرضه الطبيعة الجغرافية والسياسية للمسألة المائية. وللأسف، فإن هذه الرؤية هي التي تشكّل المنظور الاستراتيجي لزعماء دولة العدو الصهيوني، في معالجة مسألة المياه العربية والفلسطينية،.
فبحسب تقديرات “دائرة المعارف الإسرائيلية”، فإن كمية المياه، المتاحة للأراضي الفلسطينية المحتلة، قد هبطت خلال السنوات العشر الأولى، بعد احتلال العام 1967، إلى النصف تقريباً. كما أن “إسرائيل” تحصل، من خارج حدود الخط الأخضر في فلسطين المحتلة، على: نصف إجمالي استهلاكها المائي تقريباً من جبل الشيخ ولبنان، وربع ذلك الاستهلاك من الضفة الغربية، ونحو خمسة عشر بالمائة من قطاع غزة. والحقُّ، إنّ الأطماع في مياه فلسطين قديمة، وتعود إلى 1839 م، أي بعد عام واحد من تاريخ افتتاح بريطانيا لقنصليتها في القدس، وبداية دعم الهجرات اليهودية من أوروبا إلى فلسطين. فمنذ ذلك الحين، لم تتوقف المحاولات والدراسات والاستكشافات الغربية، التي تهدف إلى السيطرة على مصادر المياه في المنطقة، تلبية لحاجات الاستيطان الزراعي الأساسي لإنشاء الكيان الصهيوني. ويذكر الباحث العربي الفلسطيني، حسام شحادة، أنّ قضية المياه شكّلت “مُركّباً أساسياً، في تصورات القادة الصهاينة، لحدود الدولة اليهودية، التي سعوا لإقامتها على أرض فلسطين”، بحرصهم على أن “تتمتّع بمقومات الدولة القادرة على الاكتفاء الذاتي الاقتصادي”، من خلال اشتمال حدودها على “الأرض الواسعة، ومصادر المياه الضرورية للزراعة والصناعة”. ما يعني، أنّ القائمين على إنشاء “الكيان الجديد” كانوا مدركين، ومنذ البداية، لأهمية المياه وضرورتها، من أجل نجاح المشروع، متحصّنين بالدراسات والخطط الكفيلة بالسيطرة على مصادرها.
فالمخططات الصهيونية، الخاصة بالسيطرة على الموارد المائية المتوفرة، تحدّدت في توسيع حدود الدولة المقترحة، بحيث تضمّ: الأراضي الواقعة إلى الشمال من فلسطين (أي جنوب لبنان الحالي) والشمال الشرقي (أي هضبة الجولان السورية)، بما في ذلك منابع نهري الأردن والليطاني، وجبل الشيخ (حرمون)، ونهر اليرموك وروافده.
وما لم يتمّ تحقيقه من هذه الأطماع الصهيونية، عبر المحطّات العسكرية الكبرى في الصراع مع العرب (حروب الأعوام: 1948، 1967،)1973، فإنها سعت إلى تحقيقه بوسائل أخرى، كالمشاريع العملية لسرقة المياه العربية واستغلالها. وهي مشاريع عملاقة نسبياً، إذا ما قيست بتراكم إنجازاتها، لأنّها شملت كل مصادر المياه المعروفة في المنطقة، فأقيمت السدود، وتمّ تحويل مياه نهري الحاصباني واليرموك، وكذلك استغلال مياه حوض نهر الأردن للمصلحة الإسرائيلية. هذا بالإضافة إلى استغلال مياه الينابيع المحلية، وسيول الوديان الجارية غربي الأردن، بدءاً من أقصى الحدود الشمالية وحتى غور أريحا، ناهيك عن العشرات من المشاريع الصغيرة، التي كان معظمها برعاية دولية. وتستفيد” إسرائيل” من طاقة مائية كبيرة من خلالها احتلالها للجولان. فقد سعت، مع توسع مستوطناتها فيه، إلى إقامة المشاريع المائية، والتي ازدادت خاصة بعد قوانين ضم الجولان رسمياً، في أواخر العام. 1981
أما الأطماع الإسرائيلية في المياه اللبنانية فهي قديمة جدا، وقد عمدت الحكومات الصهيونية إلى تنفيذ مشاريعها للسيطرة على المياه اللبنانية، من خلال تعطيل أي مشروع لبناني، يرمي إلى الاستفادة من هذه المياه، أو من خلال الاستيلاء التدريجي عليها. وحتى بعد انسحابها من الجنوب اللبناني، قبل نحو عشرة أعوام، فإنها لا تزال تستولي سنوياً على أكثر من ربع مليون متر مكعب من المياه اللبنانية، السطحية منها والجوفية. فهي تستغلّ حالياً، وبشكلْ شبه كامل، مياه نهري الحاصباني والوزاني، وبمعدّلات سنوية عالية. ولا تقف الأطماع الصهيونية في المياه العربية عند حدود جوارها، بل تمتدّ إلى نهري النيل والفرات، عبر السعي، من خلال علاقات إقليمية ودولية، إلى إقامة مشاريع تمكّنها من الحصول على المزيد من مياه المنطقة. فبرغم انطلاق مسارات التسوية والمفاوضات، قبل نحو عقدين من الزمان، فإن مشكلة المياه لا تزال من أبرز اهتمامات ومشاغل قادة ذلك الكيان. ووصل الأمر بالدولة العبرية إلى اشتراطها على “واشنطن”، خلال التوقيع على اتفاق شراكة بينهما، تعهّد الولايات المتحدة بضمان توفير المياه لـ”إسرائيل”. وبالفعل، فقد تمّ تداول عدة مشاريع، تضمن لها الحصول على مياه إضافية، من حصة سوريا من نهر دجلة، ومن حصة مصر من نهر النيل..، إضافة إلى حصة أخرى من مشروع تحلية مياه البحر المتوسط، بتمويل أوروبي وأمريكي. غير أنّ تلك المشاريع والاتفاقيات لا تعني شيئاً، بالنسبة لدولة المحاربين، فقادتها يصرّون على الاستيلاء على مصادر المياه العربية، حتى لو تمّ التوقيع على أي اتفاق مع أي دولة عربية، فسوف يقومون بخرقه، عند الإحساس بأي خطر مائي، كمواسم الجفاف الحالية،.
وربما، ليس من باب الصدفة، أن الأطماع الصهيونية السابقة مترسّخة، حدّ اليقين، في الوجدان الشعبي العربي، ومن دون وثائق أو دراسات، أكثر بما لا يقاس من أخذ الحكومات العربية لها كأخطار وتهديدات على محمل الجدّ، فانخفاض منسوبي نهري دجلة والفرات، في بلاد الرافدين، وجفاف نهر الأردن وبحره الميت، وتصدّع أمن المنبع والمسار لحوض النيل ونهره، غير كافية بالنسبة إلى حكوماتنا، لمواجهتها كأخطار حقيقية، تستدعي النفير، قبل أن تبدأ هجرات “الظمأ..،”في الفيافي العربية.

القدس في العصر المملوكي

بقلم محسن هاشم
القدس ليست مدينة عادية ولكنها رمز دار من حوله الصراع على مدى التاريخ خاصة بين القوى العربية وقوى الإرهاب والعدوان الآتية من خارج المنطقة العربية والمسماة "إسرائيل"، وفي محاولة من المؤلف لتقديم صورة شاملة عن واقع القدس إبان قرنين ونصف قرن من الزمان تحت العصر المملوكي قام المؤلف في كتابه هذا ببيان الأوضاع السياسية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية.. الخ في مدينة بيت المقدس، وذلك كله عبر خمسة فصول رئيسة، وليؤكد لنا من خلال ذلك المؤلف كيف أن القدس كانت مركزًا للثقافة والسياسة والاقتصاد في تلك الحقبة، وكيف أنها كانت أساسًا لبناء الحضارة ومدينة للسلام وليست ستارًا للعدوان والإرهاب مثلما فعل الصليبيون بالأمس والصهاينة اليوم.
الفصل الأول: الحياة السياسية في بيت المقدس:
في البداية يشير المؤلف إلى مدينة القدس في فترة ما قبل العصر المملوكي، ثم يلقي الضوء على أهمية المدينة بالنسبة لسلاطين المماليك، ثم بعد ذلك يشير إلى مظاهر الحياة السياسية لبيت المقدس في العهد المملوكي، وذلك في ثلاثة محاور رئيسة.
قدس ما قبل العصر المملوكي:
أما في المحور الأول فيقرر المؤلف في البداية أن مدينة القدس تتمتع بمكانة خاصة في جميع أنحاء العالم قديمة وحديثة نظرًا لأهميتها الدينية، ومن هنا نجد أنه مع انتشار المسيحية والاعتراف بها في أوائل القرن الرابع الميلادي أضحى زيارة بيت المقدس من أهم شعائرهم الدينية، وذلك من أجل العظة والعبرة والعبادة، ومع ازدياد نفوذ الكنيسة الغربية حرصت على فرض سيطرتها على تلك الأماكن المقدسة وعلى ضم الكنيسة الشرقية لنفوذها.
ومن هنا - كما يشير المؤلف - اتخذت من الحروب الصليبية وسيلة لتحقيق أطماعها وهو ما تحقق لها باستيلاء الصليبيين على بيت المقدس عام 492 هـ/ 1099م والتي ظلت تحت حكم الصليبيين حتى عادت مدينة بيت المقدس إلى الحظيرة الإسلامية بعد فتح صلاح الدين الأيوبي لها عام 583هـ/ 1187م عقب معركة حطين، وقد أدت اتفاقية الرملة بين صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد عام 1191م إلى تحقيق نوع من الاستقرار داخل المدينة إلا أن هذا الاستقرار لم يدم طويلاً في عهد خلفاء صلاح الدين الأيوبي وخاصة في عهد أبناء الملك العادل الأيوبي مما ترتب على ذلك حدوث نتائج خطيرة على المدينة، وأثر على استقرارها حيث حدث نوع من الصراع بين أبناء الملك العادل الأيوبي فحدثت حروب ومنازعات داخلية فيما بينهم، ومكمن خطورة تلك المنازعات والحروف هو استعانتهم إلى جانب المماليك أو الرقيق الأبيض استعانوا بالصليبيين، وكان من نتاج ذلك هو استرداد الصليبيين لبيت المقدس في عهد الملك الكامل عام 626هـ/ 1228م وظلت المدينة بعد ذلك كالكرة تتلاقفها أيدي المسلمين والصليبيين حتى استردها المسلمون نهائيًا عام 642هـ/ 1244م عندما استردها السلطان الصالح أيوب بمساعدة الخوارزمية وهو السبب الذي أدى إلى قيام الحملة الصليبية (السابعة) بقيادة لويس التاسع على مصر، وكان بحق انتصار فرسان المماليك في مصر على الصليبيين بين المنصورة وفارسكور سنة 646هـ/ 1250م وما تلاه من انتصار المماليك على المغول في عين جالوت 1260م كان بحق هو طوق النجاة والإنقاذ لبيت المقدس من براثن هؤلاء الغزاة مما جعل مدينة بيت المقدس مع قيام دولة سلاطين المماليك في مصر في منتصف القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي تدخل مرحلة جديدة تمامًا في تاريخها.
أهمية مدينة بيت المقدس في السياسة المملوكية:
أما في المحور الثاني فيشير المؤلف إلى أن أهمية بيت المقدس بالنسبة للمماليك ترجع في المقام الأول إلى طبيعتها الدينية باعتبارها أحد الأماكن المقدسة التي تتعلق بها قلوب المسلمين في العالم، إضافة إلى أن الاهتمام بها كان إحدى الدعائم القوية لبناء دولة سلاطين المماليك خاصة وأن قوتهم العسكرية والتي أثبتت فاعليتها في صد هجمات العدوان الخارجي خاصة في المنصورة وفي فارسكور وفي عين جالوت لم تشفع لهم لكي يجلسوا على العرش باعتبارهم عبيدًا، ومن المعروف أنه وفقًا للنظرية الإسلامية السياسية في الحكم أن من بين شروط الحاكم هو أن يكون حرًا.
ومن هنا كان لابد على سلاطين المماليك أن يبحثوا عن سند شرعي يدعم به حكمهم فقام الظاهر بيبرس بإحياء الخلافة العباسية من جديد بتولية أبو العباس أحمد سنة 659هـ/ 1261م الحكم إضافة إلى ذلك ترجموا سياستهم الدينية إلى واقع ملموس فاتخذوا العديد من التسميات للتأكيد على شرعيتهم مثل نصير أمير المؤمنين، وسلطان الإسلام والمسلمين، ومحيي العدل في العالمين، وحامي الحرمين الشريفين والقبلتين… الخ.
إضافة إلى أن سياستهم الدينية هذه انعكست على بيت المقدس والاهتمام بها سواء في عهد سلاطين المماليك البحرية (دولة المماليك الأولى) أو الجراكسة (دولة المماليك الثانية).
الوضع الإداري لبيت المقدس:
أما في المحور الثالث فيلقي المؤلف الضوء على النظام الإداري لبيت المقدس مشيرًا في البداية إلى أنه بعد قيام سلاطين المماليك ببسط نفوذهم على بلاد الشام عقب موقعة عين جالوت قسموا بلاد الشام إداريًا إلى ستة أقسام كبرى (نيابات) وكان على رأس كل قسم أو نيابة أمير من أمراء المماليك وأكبرهم مقامًا هو أمير دمشق حتى أطلق نيابته أو قسمه (نيابة أو مملكة الشام) وكانت القدس ولاية تتبع نيابة دمشق، وفي هذا السياق يشير المؤلف أن ذلك كان هو بداية العهد الإداري مع المماليك، وأن عملية تحويل القدس من نيابة إلى ولاية مستقلة بذاتها قد حدث في زمن الأشرف شعبان في سنة 777هـ/ 1375م وذلك وفقًا لرواية القلقشندي وهو المؤرخ العليم بالشئون الإدارية في كتابه (صبح الأعشى) إضافة إلى ذلك يؤكد المؤلف على رغبة سلاطين المماليك في اهتمامهم ببيت المقدس تدعيمًا لنفوذهم في تلك المدينة، ولربطها إداريًا بسلطتهم مباشرة بالقاهرة أي تم تحويل بيت المقدس من ولاية صغيرة تابعة لنائب دمشق إلى نيابة مستقلة تتبع السلطة المركزية بالقاهرة وذلك خوفًا على القدس من الخطر الصليبي ومن المسيحيين الغربيين، وأن يحدث لها ما حدث للإسكندرية عام 767هـ/ 1365م على يد بطرس الأول.
إضافة إلى أن تحويل السلطان الأشرف شعبان بيت المقدس إلى نيابة كان نتيجة للاستقرار الذي تمتعت به.
إضافة إلى أن وجود أعداد من المماليك بمدينة القدس إما لبعد مدينة القدس عن العاصمة وتقلباتها السياسية أو لتوفير حماية عسكرية لها إذا ما تعرضت لخطر خارجي كان من أهم الدوافع للاهتمام ببيت المقدس.
إضافة إلى حرص السلطان على التمسك بحقه في شغل الوظائف الدينية بالقدس، إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى حرص سلاطين المماليك على انتقاء قضاة وحكام بيت المقدس ومراقبتهم وحرصهم دائمًا على تغييرهم في حالة عجزهم أو تعسفهم ضد الرعية من سكان بيت المقدس كما حدث في عهد الملك الظاهر جقمق بالنسبة لخشقدم - نائب السلطنة بالقدس الشريف - وكما حدث في عهد السلطان الأشرف قايتباي مع نائبه في القدس خضر بك.
إلى جانب ذلك كان هناك حرص دائم من جانب سلاطين المماليك للاستماع لشكاوى أهالي القدس عند زيارتهم لها.
الفصل الثاني: سكان مدينة بيت المقدس في عصر سلاطين المماليك:
ويتناول المؤلف هذا الفصل في محورين رئيسين:
التطور السكاني في المدينة:
يرى المؤلف في المحور الأول استنادًا إلى آراء بعض المؤرخين إلى أن عدد سكان مدينة بيت المقدس قد بلغ مائتي ألف نسمة أيام الصليبيين في القرن الحادي عشر حيث كان نصفهم من السكان العرب الأصليين والباقي من الذين وفدوا مع الفتح الصليبي من أوروبا، ولعل ذلك يرجع إلى أنه بعد مجيء الصليبيين واستيلائهم على المدينة عام 1099 قاموا بعمليتين تفريغ للمدينة من المسلمين واليهود وإن سمح للمسلمين واليهود سواء بالبقاء أو بالعودة لبيت المقدس فكان ذلك من أجل تقديم خدمات تجارية لهم.
إلى جانب ذلك يشير المؤلف إلى زيادة أعداد المسلمين واليهود بعد استرداد صلاح الدين للمدينة المقدسة وطرد الصليبيين منها والذين كانوا عند بداية الفتح الصلاحي لها حوالي 120000 نسمة منهم مائة ألف من الصليبيين منهم أيضًا ستون ألفًا من المقاتلين وعشرون ألفًا من السكان، ويرجع المؤلف عوامل النمو السكاني في المدينة بعد استرداد المسلمين لها إلى دخول المدينة تحت حكم سلاطين المماليك وهم الذين اهتموا برعاية المقدسات فيها وبرعاية شعائر الإسلام فيها، إضافة إلى كثرة الهجرة من العراق وبعض بلاد الشام نتيجة للمذابح التي ارتكبها المغول وخاصة في العراق، إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى أنه نظرًا لاهتمام سلاطين المماليك وخاصة البحرية أو دولة المماليك الأولى بالأحوال الصحية العامة كان من بين عوامل جذب السكان إلى القدس إضافة إلى تمتع بيت المقدس بالاستقرار الاقتصادي والمالي.
على العكس من ذلك تمامًا يشير المؤلف إلى أنه منذ منتصف القرن التاسع الهجري، الخامس عشر الميلادي أي في عصر سلاطين المماليك الجراكسة حدث تناقص شديد في عدد سكان بيت المقدس، ويرجع المؤلف ذلك إلى انتشار الأوبئة فيها وأكثرها خطورة هو الوباء الذي أطلق عليه الغربيون (الموت الأسود) أو (الفناء الكبير) كما أطلق عليه المؤرخون المسلمون إلى جانب الطاعون.
بالإضافة إلى كثرة الزلازل في المدينة وسوء الأحوال الاقتصادية إضافة إلى ذلك غزو تيمور لنك بلاد الشام عام 802هـ/ 1402م وخاصة دمشق والتي أدخلت الرعب والخوف في نفوس سكان بيت المقدس، وكان دافعًا لهجرتهم للمدينة واللجوء لمصر، ولعل ذلك يرجع في المقام الأول إلى التدهور السياسي الذي عم سلطنة المماليك الجراكسة بوجه عام من اضطراب وفوضى وكثرة فتن العربان ونهبهم لسكان المدينة.
العلاقة بين المسلمين وأهل الذمة:
أما في المحور الثاني فيقرر المؤلف أنه نظرًا لنظرة سلاطين المماليك لمدينة بيت المقدس الدينية جعلهم يقومون برعاية الأماكن المقدسة المهمة سواء بالنسبة للمسلمين وغير المسلمين من مسيحيين ويهود والعناية بها، إضافة إلى معاملة سكانها من أهل الذمة بالحسنى وبالتسامح وبالعدل، إضافة إلى حرص سلاطين المماليك أشد الحرص على تحقيق أكبر قسط من الأمن والحرية والاستقرار للطوائف الدينية القاطنة في القدس، ولعل هذا ما أكده الرحالة الأوربيون وكتابهم، وكذلك اليهود الذين هاجروا إلى بيت المقدس من أسبانيا سنة 1333م.
إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى أن أهل الذمة قد عاشوا وسط المجتمع الإسلامي في شوارع خاصة بهم داخل مدينة بيت المقدس كما كان لهم كنائسهم ومعابدهم الخاصة بهم يمارسون فيها عبادتهم بحرية تامة، ولعل أبلغ دليل على ذلك هو السماح لطائفة الرهبان الفرنسيسكان بعمارة سقف كنيسة المهد ببيت لحم، إضافة إلى أنه في عهد السلطان قايتباي أيضًا قد سمح لتلك الطائفة أيضًا بإصلاح قبة كنيسة القبر المقدس بل إن السلطان الغوري سمح لهم ببناء دير لهم بالرملة، ولعل هذا نابع من القاعدة الشرعية التي جرى إتباعها في هذا الصدد بمقتضى عهد عمر بن الخطاب لبطريك بيت المقدس.
إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى أن وضع المسلمين كوضع أهل الذمة من حيث فرض الرسوم والمكوس التي تتطلبها ظروف الدولة الحربية، وأن المؤلف يشير إلى أنه في أحيان أخرى كانت تحدث بعض الخلافات الدينية بين المسلمين وأهل الذمة، وغالبًا ما كانت تحل عن طريق قضاة بيت المقدس أو السلطان نفسه، إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى أنه عندما كانت تتعرض البلاد لخطر على سلامتها أو أمن ممتلكاتها أو كانت هناك مشاريع صليبية متعددة لاستعادة الأرض المقدسة فلقد كان سلاطين المماليك يستخدمون عنصر التهديد بغلق كنيسة القيامة والتنكيل بالمسيحيين وخاصة طوائف الرهبان الفرنسيسكان على أساس أنهم يمثلون الغرب الأوروبي وذلك للضغط على البابوية وملوك الغرب الأوروبي لعدم التعرض لدولتهم أو تجارتهم، ولكنهم وفقًا لما يشير إليه المؤلف لا يستخدمون أيًا من وسائل الضغط هذه إلا مع قسوة الأحداث التي تتعرض لها البلاد مثل المطالبة باستعادة أسرى المسلمين والأموال والمتاجر التي كانت تقع غنيمة في أيدي القراصنة الغربيين، أو كانت قد أعجزتهم السبل لصد هجماتهم وغاراتهم أو لخروج الرهبان عن طبيعة رسالتهم الدينية وتزايد نشاطهم السياسي أو لمقاومة التيار التبشيري الذي اتخذه الرهبان سبيلاً لاستعادة النفوذ الفرنجي في الأرض المقدسة، وذلك خوفًا من نشر التبشيريين المسلمين وحدوث فتنة بين المسلمين والمسيحيين بصفة خاصة.
الفصل الثالث: الحياة العلمية في مدينة القدس:
أما في الفصل الثالث يلقي المؤلف الضوء على أسباب انتعاش الحياة الثقافية، وإقامة العلماء ببيت المقدس إلى بيان مظاهر الاهتمام بالحياة العلمية في مدينة القدس، مع بيان موقف علماء بيت المقدس من الحكام ومن القضايا المعاصرة، وذلك في ثلاثة محاور رئيسة.
أسباب انتعاش الحياة الثقافية وإقامة العلماء ببيت المقدس:
أما في المحور الأول فيقرر المؤلف أنه مع اهتمام سلاطين المماليك بالواجهة الدينية لدولتهم كان هو الدافع الرئيس لهم على إحياء الخلافة العباسية بالقاهرة سنة 1659هـ/ 1261م على يد السلطان الظاهر بيبرس بعد سقوط بغداد في أيدي المغول سنة 656هـ/ 1258م وفي هذا السياق قامت الخلافة العباسية بالقاهرة باستقطاب علماء المسلمين من شتى بقاع الأرض للاستفادة من حياة الاستقرار والأمن في ظل حكم سلاطين المماليك، وتشجيعهم أدبيًا وماديًا، وفي هذا الإطار يشير المؤلف إلى تنقل العلماء بين الأماكن المقدسة المشمولة برعاية سلاطين المماليك وحمايتهم ومنها مكة والمدينة، ولكن نظرًا لقسوة الحياة فيها فكان العلماء يفضلون الإقامة ببيت المقدس حيث الحياة الطبيعية ووقوعها داخل دائرة النشاط الحضاري للدولة الإسلامية.
إضافة إلى أن لبيت المقدس جاذبية خاصة لهم بصفتها أولى القبلتين وثالث الحرمين، إلى جانب ارتباطها بقصة الإسراء والمعراج.
إلى جانب ذلك يشير المؤلف إلى وفود كثير من علماء الدين والأدب والذين رحلوا من المغرب إلى المشرق وإلى بيت المقدس خاصة كانوا يسمعون التفسير والحديث والفقه في المسجد الأقصى فضلاً عن عدد كبير من المدارس التي وجدت بالمدينة، إضافة إلى تولي الكثيرين منهم بعض الوظائف الرفيعة مثل القضاء وغيره. إلى جانب العلماء المغاربة يوجد علماء من كل أنحاء الشرق ومن مختلف الجنسيات وفدوا إلى بيت المقدس سواء من الهند أو من العراق خاصة في ظل خضوعها لحكم المغول الوثنيين.
ولعل من أهم الدلائل التي أيدت أن بيت المقدس أصبح إحدى المراكز العلمية في عصر السلاطين أنها كانت قبلة العلماء وطلاب العلم والمعرفة، ولعل أشهرهم مؤرخ الشام شمس الدين الذهبي وشهاب الدين ابن حجي فقيه الشام وعلاء الدين علي بن أحمد بن محمد السيرامر وشمس الدين القلقشندي وبدر الدين بن مكي وغيرهم والذين كان لهم دور فعال في إنشاء كثير من الأسرات العلمية التي أثرت الحياة العلمية في القدس ومن بينها بنو كيكلدي وبنو القلقشندي وبنو الديري وبنو قدامة وبنو غانم… الخ.
إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى أن تلك الأسرات قد أنجبت الكثير من السيدات الشهيرات في ذلك العصر، واللائي كان لهن مشاركة علمية فعالة ومن بينهن أسماء ابنة الحافظ صلاح الدين خليل بن العلائي وآمنة ابنة العلامة تقي الدين إسماعيل القرقشندي … الخ.
إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى أن المنافسة العلمية بين الأسرات ومحاولتهم تقلد الوظائف الهامة مثل الخطابة والقضاء وغيرها كانت من أهم العوامل التي جعلت مدينة القدس إحدى المراكز الهامة العلمية.
مظاهر ازدهار الحياة العلمية في بيت المقدس:
أما في المحور الثاني فيشير المؤلف إلى أن من ثمرة انتعاش الحياة العلمية في بيت المقدس هو زيادة عدد المؤلفات والرسائل والمصنفات وبخاصة في مجال علوم الحديث والتفسير والفقه، إضافة إلى أن مدينة القدس شهدت نشاطًا ملحوظًا في مجال التصوف (ابن غانم المقدس) كذلك برع كثير من أبناء القدس في علم القراءات وأشهره على الإطلاق شمس الدين الجزري وابن جبارة المقدسي… الخ.
إضافة إلى أن لعلماء بيت المقدس نشاطًا كبيرًا في مجال الأدب والنحو ومنهم نجم الدين الطوخي الصرصري (شرح مقامات الحريري) جبارة المقدس (شرح الشاطبية ولألفية ابن معطي) ومنهم ابن أبي اللطف.. الخ. إضافة إلى أن علماء بيت المقدس كان لهم دور بارز في علم التاريخ أمثال خليل ابن شاهين وأبو شامة المقدسي وابن فضل الله العمري وابن سرور المقدسي وابن حجر وابن شاهين ومجير الدين الحنبلي، وكذلك كان هناك العديد من العلماء في الرياضيات (الخليلي) والطب (يعقوب ابن صقلان الملكي المقدسي وإسماعيل بن إبراهيم بن سليمان المقدسي).
إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى أن المؤسسات التعليمية من زوايا ومدارس ومساجد لدى المسلمين والكنائس والأديرة بالنسبة لأهل الذمة لعبت دورًا هامًا كمؤسسات تعليمية، وأن الفقهاء من المسلمين ورجال الدين من أبناء الذمة كانوا هم حفظة العلم، كذلك يشير المؤلف إلى دور الأوقاف المحبوسة على تلك المؤسسات وكذلك الهبات والأحوال التي كانت ترد إليها في ازدهار الحياة الثقافية والعلمية فيها.
إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى دور مكتبات بيت المقدس في الحياة العلمية، وفي إثراء قواعد النهضة الثقافية فيها. وفي هذا السياق يشير المؤلف إلى أن السلطان صلاح الدين الأيوبي عندما فتح بيت المقدس حمل معه إلى قبة الصخرة وإلى محراب المسجد الأقصى مصاحف وختمات.. الخ، والتي أحضرها معه من مكتبة دمشق. إضافة إلى حرص سلاطين المماليك على تزويد مكتبات القدس بالكتب النفيسة وبخاصة المسجد الأقصى، وإن كان شاركهم في ذلك بعض ملوك المغرب العربي … الخ.
إضافة إلى وجود كثير من المكتبات الخاصة التي حرص كثير من العلماء على تكوينها، ومن أمثلتها دار الكتب الفخرية (للقاضي فخر الدين أبو عبد الله ابن فضل الله) إضافة إلى وجود العديد من المكتبات في العديد من الأديرة والكنائس، والتي كان لها دور هام في الحياة التعليمية (مثل مكتبة كنيسة القديسة مريم) ومكتبة القبر المقدسي ومكتبة الرهبان الفرنسيسكان.
إلى جانب ذلك يشير المؤلف إلى أن من بين مظاهر رواج الحياة العلمية في بيت المقدس هو كثرة المجالس العلمية التي تعقد سواء في المسجد الأقصى أو في المساجد الأخرى أو في المنازل أو بين أبناء أهل الذمة داخل الأديرة أو الكنائس.
موقف علماء بيت المقدس من الحكام ومن بعض القضايا المعاصرة:
أما في المحور الثالث فيشير المؤلف إلى دور علماء بيت المقدس في الحياة العامة في عصر سلاطين المماليك نظرًا لاتصالهم المباشر بكافة الطبقات الاجتماعية من تجار وأصحاب حرف وبالطبقة الحاكمة، إلى جانب ذلك حرص الحكام على مصاهرة العلماء لكي يكتسبوا مكانة اجتماعية مع توليهم للمناصب الهامة، وإشرافهم على الأوقاف، إضافة إلى أنهم أصبحوا المتحدثين الرسميين في الشئون القانونية والاجتماعية والدينية لكثير من أبناء المدينة، إضافة إلى ذلك الدور الديني والقضائي والتجاري والمالي كان لهم دور في مجال الحياة العامة في بيت المقدس حيث قاموا بدور الوسطاء بين الحكام والمحكومين من أبناء بيت المقدس سواء في مجال جمع الضرائب التي تفرضها السلطات للمساهمة في الأعباء الحربية للدولة أو نتيجة لتصديهم لتعصف الحكام كما فعل قاضي القضاة شرف الدين أبو الروح عيسى ابن شمس الدين محمد المغربي بمبارك شاه.
أما عن مواقف علماء بيت المقدس من القضايا المعاصرة فيشير المؤلف إلى موقفهم من بعض المسائل الدينية وبخاصة من تعاليم ابن تيمية، والذي أخذ في مذهبه الحنبلي، وأفتى في العديد من المسائل، والذي لم يأخذ فيها بالتقاليد أو بالإجماع، ومنها إنكارهم لقوله: إن الطلاق بالثلاثة لا يقع بلفظ واحد كما أنكروا على ابن جوزية بعدم جواز الشفاعة والتوسل بالأنبياء، إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى دور علماء بيت المقدس السياسي وخاصة فيما قام من ثورات ضد سلاطين المماليك في بلاد الشام مثال ذلك ما حدث عندما ثار الأمير منطاسن ضد السلطنة في مصر سنة 793هـ/ 1390م ودعا القضاة وكبار رجال الدين لتأييده.
الفصل الرابع: الحياة الاقتصادية في بيت المقدس:
أما في هذا الفصل فيتناول المؤلف الحياة الاقتصادية في مدينة القدس من عدة وجوه، وذلك في خمسة محاور رئيسة منها:
المحور الأول: أثر الظروف الطبيعية في أحوال بيت المقدس الاقتصادية:
أما في المحور الأول فيقرر المؤلف أنه نظرًا لكون بيت المقدس يقع بين خط عرض 32ْ شمالاً وعلى خط طول 35ْ شرقًا كما أن بعدها حوالي 55 كيلو مترًا شرقًا من ساحل البحر المتوسط وحوالي 30 كيلو مترًا غربًا من نهر الأردن جعلها بعيدة عن طرق التجارة القديمة المعروفة، إضافة إلى أن بعدها عن البحر الأبيض والأحمر لم يجعلها إحدى المواني الهامة التي كان لها دور هام في التجارة العالمية في العصور الوسطى، إضافة إلى إقامتها على أربعة جبال (جبال سوريا وأبو عمار والمنظار وأكرا) إلى جانب إحاطتها بالعديد من الجبال مثل جبل النبي صموئيل وجبل صهيون، وارتفاعها عن سطح البحر بحوالي 892 مترًا وطبيعتها الصخرية، كل ذلك من العوامل الطبيعية كان له تأثير على الحياة الاقتصادية فيها مما جعلها قليلة الإنتاج الزراعي بسبب قلة مياهها وطبيعتها الجبلية وارتفاعها عن سطح البحر.. الخ.
المحور الثاني: الزراعة والصناعة والتجارة في بيت المقدس:
إلا أنه كما يشير المؤلف في المحور الثاني رغم صعوبة الأحوال الطبيعية في بيت المقدس إلا أنها لم تخلُ فيها المناطق الزراعية والمتمثلة في القرى والتلال والوديان المحيطة بها حيث توافرت في تلك المناطق موارد للمياه، إضافة إلى وجود كثير من المناطق المسطحة داخل المدينة والتي ربما استغلت في الزراعة، ومن بين هذه القرى المحيطة من جهة الشرق أريحا، إضافة إلى بقعة من جهة الغرب والأودية التي كانت ما بين بيت المقدس وبيت لحم والخليل، إضافة إلى التلال المحيطة ببيت المقدس، والتي اشتهرت باسم المحاصيل المزروعة فيها أمثال تل الغول وهو التل الذي يطل حاليًا على الطريق المؤدي إلى نابلس.
أما عن الإنتاج الزراعي في بيت المقدس فيشير المؤلف إلى أشجار الزيتون والكروم والتين والقطن والشعير وقصب السكر وغيرها من المحاصيل.
أما عن الصناعة فيشير المؤلف إلى ارتباط كثير من الصناعات في المدينة بحياة المماليك وطبيعتهم العسكرية، إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى اهتمام المماليك بالنشاط العمراني حيث أصبحت مدينة القدس مركزًا للعمالة لتنفيذ العديد من الأعمال العمرانية في المدينة (تحصينات – مدارس – وأسبلة وحمامات … الخ) إضافة إلى وجود العديد من المحاجر في بيت المقدس، والتي يستخرج منها أندر الحجارة.
إلى جانب ذلك يشير المؤلف إلى اشتغال سكان بيت المقدس بصناعة عصر واستخراج زيت الزيتون، واستخدامه في صناعة الصابون وصناعة الشمع كما عرفت بيت المقدس الصناعات الخفيفة المرتبطة بمواسم الحج المسيحية، ومن هذه الصناعات الحفر على الخشب كما عرفوا صناعات المشغولات الفضية وصناعة المنسوجات والزجاج و المشغولات الذهبية وصناعة السكر من القصب.
المحور الثالث: التجارة والأسواق
أما في المحور الثالث فيشير المؤلف إلى وجود التفرقة بين عصر المماليك البحرية وعصر الجراكسة وذلك في المحور الثالث حيث يقرر أنه في فترة المماليك البحرية شهدت القدس نشاطًا عمرانيًا كبيرًا، والذي تمثل في بناء كثير من المدارس والزوايا وغيرها حيث كانت الأوقاف موردًا اقتصاديًا هام لهذه المدينة، إضافة إلى قطع الأحجار من المحاجر والأحوال الزراعية كانت حافزًا لازدهار التجارة، إلى جانب استتباب الأمن ووجود سلاطين أقوياء أمثال الظاهر بيبرس وقلاوون كان له أكبر الأثر في استقرار البلاد.
على عكس من ذلك يشير المؤلف إلى عصر سلاطين المماليك الجراكسة حيث سوء الحالة الاقتصادية، والتي أثرت على أحوال التجارة في بيت المقدس، إضافة إلى فرض كثير من الإتاوات والضرائب على أصحاب الحرف والصنائع والتجارة مع انتشار الأوبئة والمجاعات والتي كان لها الفضل في ارتفاع الكثير من الأسعار في كثير من المواد الغذائية والسلع الأخرى وإن كانت فترة عهد السلطان المؤيد شيخ والسلطان برسباي وجهودهما في تدعيم النظام الأمني والنقدي والمعاملات أدى إلى تحسن ملحوظ في شتى النواحي الاقتصادية.
أما عن أهم المتاجر التي اشتغل بها المقادسة فتتمثل في تجارة الحاصلات الزراعية والمواد اللازمة للعمارة وفي الأعشاب النباتية والعقاقير الطبية… الخ.
المحور الرابع: الحج ودوره في الحياة الاقتصادية
أما في المحور الرابع فيشير المؤلف إلى دور الحج إلى بيت المقدس في الحياة الاقتصادية، والذي كان يشكل موردًا هامًا من الموارد المالية للمدينة، وذلك نظير ما كان يتم تحصيله من رسوم وإتاوات أو مقابل خدمات أو عن طريق ما كان يتم من معاملات تجارية في ذلك الموسم أو من الأسواق الموسمية التي كانت تصحب ركب الحجاج… الخ.
المحور الخامس: الأوقاف الاقتصادية وبيت المقدس
أما في المحور الخامس فيشير المؤلف إلى العديد من الأزمات التي تعرضت لها مدينة بيت المقدس خاصة في عهد المماليك الجراكسة، والتي من بين أهم أسبابها النظام السياسي نفسه الذي قامت عليه دولة المماليك عامة وفي مدينة بيت المقدس خاصة حيث كان هذا النظام إقطاعيًا بالدرجة الأولى، وهذا النظام تميز بسمة واضحة وهي التغيير الدائم لأصحاب الإقطاعات؛ لذلك جعل كل منهم شغله الشاغل جمع ما يستطيع من ثروة دون اهتمام بوسائل زيادة الإنتاج، أو تحسين الأرض المنتجة، وكانت نتيجة ذلك هو الاستنزاف الدائم للأرض إلى جانب عدم رعاية الفلاحين، إضافة إلى انعدام الأمن وضعف سلاطين المماليك في أواخر أيامهم مع زيف في النقود المتداولة بين الناس، إضافة إلى اضطراب الدخل الزراعي في مصر وقلة الموارد المالية مع استنزاف خزانة الدولة في كثير من الحروب والفتن الداخلية والخارجية، إضافة إلى كثرة الأعباء المالية التي تفرض على نواب القدس لتقديمها للسلاطين أو نوابهم، أو بسبب سوء الأحوال الاقتصادية في البلاد نفسها مما يجعل النواب يفرضون على بعض الوظائف مثل الحسبة جباية تلك الأموال من أصحاب الحرف والمواطنين مما يؤثر على ارتفاع أسعار السلع، واختفاء كثير منها خاصة أيضًا مع انتشار الأوبئة وقلة سقوط الأمطار.
الفصل الخامس: الحياة اليومية في بيت المقدس
أما في هذا الفصل فيشير المؤلف إلى كثرة المنشآت الاجتماعية في بيت المقدس وتنوعها سواء منها ما هو خاص بأهل المدينة من الأسبلة أو الحمامات أو البيمارستانات، ويقصد بها المستشفى في العصر الحديث، والتي حظيت بعناية فائقة من جانب سلاطين المماليك، إضافة إلى ذلك يشير المؤلف إلى حياة المرأة ومكانتها في المجتمع فيشير إلى احترام المرأة وتقديرها من جانب سلاطين المماليك سواء أكانت مسيحيات أو يهوديات أم مسلمات، إضافة إلى نظرة الرجل لها على أساس أنها معاونة له في عمله، وشريكة له، كما سمح لها أن تكون لها ملكيتها الخاصة، إضافة إلى دورها البارز في الحياة العائلية واليومية كان لها دور بارز في الحياة العلمية والدينية.
إضافة إلى ذلك استطاع سلاطين المماليك عدم التفريق بين المؤسسات الدينية المختلفة، وكفلوا حرية العبادة ورعاية المقدسات والمؤسسات الدينية، إضافة إلى كثرة الأوقاف المحبوسة على المؤسسات الدينية والخيرية المختلفة.
وفي النهاية يمكن القول: إن أهم ميزة حققها سلاطين المماليك من خلال سياستهم الدينية هو تحقيق الرواج العلمي والاقتصادي والسياسي والديني لمدينة بيت المقدس، إلى جانب استطاعتهم خلق نوع من الوفاق والتعايش السلمي بين كل من المسيحيين واليهود والمسلمين، مع احترامهم لحرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية وحمايتهم للمقدسات الدينية.

سجون سرية فى اسرائيل

بقلم محسن هاشم
أيدت المحكمة العليا التابعة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي استمرار عمل السجون والمعتقلات السرية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وذلك بعد رفض المحكمة التماسات تقدمت بهما منظمة حماية الفرد الإسرائيلية، وعضو الكنيست السابقة، زهافا غالئون، ضد استمرار عمل هذه المعتقلات.
ويدور الحديث عن مركز التحقيق الأكثر سرية في "إسرائيل"، والمعروف باسم "مركز الاعتقال رقم 1391"، الموجود في قاعدة عسكرية سرية تابعة للاستخبارات، ولا يخضع لأي رقابة أو تفتيش من قبل المنظمات الدولية من بينها "الصليب الأحمر"، أو حتى رقابة برلمانية إسرائيلية.
وكانت صحيفة "هآرتس" الناطقة بالعبرية، قد كشفت أمر المعتقل السري عام 2003، وذلك في أعقاب الشكاوى التي وصلت إلى مركز حماية الفرد، والمتعلقة باعتقال فلسطينيين خلال عملية "السور الواقي"، وكذلك على مدى الانتفاضة الثانية، إ
ضافة إلى اعتقال لبنانيين في هذا المركز السري دون أن يعلم أحد بوجودهم.
ووفقًا للمعلومات المقدمة للمحكمة العليا مكث حوالي 271 معتقلاً بين السنوات 1993-2004 في المعتقل المذكور، وغالبيتهم تواجدوا فيه لفترات قصيرة، فيما اعتقل آخرون لفترات طويلة، وتعرضوا لانتهاكات كبيرة على يد المحققين الإسرائيليين.
وأضافت "هآرتس"، التي أوردت النبأ، أن "الدولة" وافقت مقابل رفض الالتماسات على تحديد فترة الاعتقال في هذا المركز السري، وتسليم معلومات معينة عن مكان وجود المركز للمعتقلين أنفسهم، واستخدام هذا المركز فقط بناء على أوامر القيادات العليا.
وتقوم سلطات الاحتلال بتسليم كل ذوي المعتقلين المتواجدين في مركز 1391 السري عنوانًا محددًا يمكنهم التوجه إليه، وإطلاع المستشار القضائي على أي استخدام لهذا المركز السري

غزة تحت الانذار الدموي

بقلم محسن هاشم
قطاع غزة، يعيش في ظل المفارقات الحادة، ومن بين أبشع هذه المفارقات وأكثرها ألماً هو ما حدث ليل الخميس فجر الجمعة أمس، حين كان القطاع كله مسرحاً لعربدة الغارات الجوية الاسرائيلية، من أنفاق رفح جنوباً الى منطقة القرارة والوسط ومدينة غزة نفسها ومنطقة الشمال أيضاً، وهي غارات لم تقتصر على القتل فقط، وانما اختار لها الاسرائيليون شكل العربدة المبالغ فيها التي أعادت الى الأذهان أجواء الحرب الأخيرة التي مازلنا لم نتخلص من ذكراها الأولى!!!
ونقطة المفارقة المفجعة، أن ذلك كله جرى بعد لحظات من انتهاء الاحتفال الرئيسي بقدوم قافلة شريان الحياة التي يقودها النائب البريطاني جورج غالاوي، وهي القافلة التي صاحبها أكبر قدر من الدعاية السوداء ضد الشقيقة مصر، عندما حاولت العبور الى قطاع غزة ولكن عبر سواحل مصر مع البحر الأحمر!!! ثم عودتها من العقبة الى دمشق ثم الى ميناء اللاذقية ومنها الى ميناء العريش الذي هو أقصر الطرق الى غزة!!! وما صاحب هذه الرحلة الطويلة المفتعلة من أجواء انتهت بالأحداث المأساوية على الحدود مع مصر، ثم جاءت هذه العربدة الاسرائيلية الدموية، لكي تعيد الى العقول الغائبة الحقيقة الكبرى، وهي أن العدو هنا وليس هناك، انه الاحتلال الاسرائيلي، والجيش الاسرائيلي، والطائرات الاسرائيلية التي تحول البيوت الى ركام والأجساد الى أشلاء!!!
وفي سياق المفارقة المفجعة نفسها، فان جورج غالاوي حظي بما لم يحلم به قط، كان في جو الاحتفالات مثل أمير الأحلام، بل أكثر من ذلك، كان مثل "الملاك الهابط على بابل" وفي يديه علامة الانقاذ والخلاص، ثم، وبعد هنيهات فقط، جاءت الطائرات الاسرائيلية، الزنانات دون طيار، والأباتشي، وقاذفات الـF16، لتثبت أن ذلك العرس وما صاحبه من هرج ومرج ليس الا ضرباً من الأوهام!!! وأن قطاع غزة يعيش على مدار اليوم والساعة والدقيقة تحت سقف الانذار الدموي!!! بلا حصانة بلا أي نوع من الحصانة، وأن فرصة الانقاذ الوحيدة لقطاع غزة هي أن نعود جزءاً من السياق الفلسطيني، وأن يكون جزءاً من معادلة الأمن القومي العربي، وأن يعود جزءاً من الحراك العربي، وأن لا يظل هكذا "مضرب عصا"، لهذا التفلت الاسرائيلي وهذا التشنج الاقليمي!!!
اسرائيل التي أعلنت أمس أنها اختبرت بنجاح برنامج درعها الصاروخي المسمى بالقبة الفولاذية، لم تنتظر حتى أيار المقبل لاستكمال تركيب وتجهيز هذا النظام في الميدان، بل استخدمت عربدة القوة التقليدية ضد قطاع غزة، وهي تكرر نفس الأسباب، سقوط صاروخ من هنا، وعدة قذائف مورتر من هناك، أين اتفاق التهدئة؟؟؟ وأين الاتفاق الفلسطيني على عدم اطلاق الصواريخ؟؟؟ وهل مطلقو الصواريخ والقذائف كانوا يتوهمون مثلا أن وجود جورج غالاوي سيمنع اسرائيل من الرد؟؟؟ أم أنهم أطلقوا هذه القذائف لكي يثبتوا أن ضجيج شريان الحياة ليس سوى ضجيج فارغ أمام قسوة الحقائق على أرض الواقع؟؟؟
اسرائيل، وخلال الثماني والأربعين ساعة الأخيرة، حاولت أن تعيد الى ذاكرة أهل قطاع غزة المكتظين بضيق المكان، وصور الركام، وانغلاق الأفق، حاولت أن تعيد الى ذاكرتهم بانوراما الحرب، الحرب التي حين تحدث، فان أحداً لا يدفع ثمنها سوانا، ولا أحد ينزف دمه سوانا، ولا أحد يعيش أطفاله كوابيس الموت الأسود سوانا!!! ويكون مفهوماً أن ندفع كل هذا الثمن ضمن معادلة نصنعها نحن، أو نشارك فيها نحن، أما أن ندفع هذا الثمن في سجالات الآخرين، وتشنجاتهم، وحروبهم، وزفاتهم الدعائية، فهذا هو العذاب بعينه.
ألف رحمة للشهداء
وألف أمنية للأطفال الذين مازالت ذاكرتهم مسكونة بأشباح الموت.
وألف تحية للناس في قطاع غزة، الذين يحلمون بالقيامة من بين الأنقاض فاذا بهم يغرقون في أنقاض جديدة.

دفتر الزوار