السبت، 5 سبتمبر 2009

الفساد تهديد إستراتيجي لإسرائيل

الفساد تهديد إستراتيجي لإسرائيل
بقلم/محسن هاشم
أبدى مراقبون إسرائيليون قلقهم البالغ من استشراء ظاهرة الفساد داخل الأوساط السياسية، واعتبروها خطرا إستراتيجيا لا بد من التوقف عند أسبابه.
ويأتي ذلك على خلفية سجن وزير المالية السابق إفراهام هيرشزون (من حزب كاديما)، ووزير الصحة السابق شلومو بنيزري (من حركة شاس) هذا الأسبوع لمدة خمس سنوات نافذة بعد إدانتهما بالسرقة والرشوة.
بالإضافة إلى تقديم لائحة اتهام بالسرقة والرشوة والغش مطلع الأسبوع لرئيس وزراء إسرائيل السابق إيهود أولمرت، في الوقت الذي دخلت فيه محكمة رئيس الدولة المتهم بالاغتصاب مرحلة سماع الشهود.
وأكدت هآرتس في افتتاحيتها أن سلسلة لوائح الاتهام وإدانات السياسيين تكشف عن فساد المؤسسة الحاكمة في إسرائيل وعن صورة بشعة وبائسة جدا، مشددة على خطورة تورط رئيس حكومة في ذلك لكونه صانع القرارات المصيرية.
وحملت الصحيفة الجمهور الواسع جزءا من المسؤولية عن تفشي الظاهرة لعدم مبالاته، وقالت إن اختيار مستشار قضائي قوي للحكومة خلفا للمستشار الحالي بيني مزوز الذي سينهي مهمته بعد شهور يشكل خطوة حيوية في المعركة مع الفساد.
وقال الكاتب الصحفي آري شفيط في مقال نشرته هآرتس اليوم إن مزوز نجح في إحداث ثورة كبيرة بعد مبادرته بتقديم لوائح اتهام لكبار السياسيين.
منشأ الفساد
وأكد البرفسور يارون إزراحي المحاضر بالعلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس أن استشراء الفساد في إسرائيل يشكل تهديدا إستراتيجيا لها، وشدد على ارتباطه العميق بالاحتلال والاستيطان وبالتغييرات الجوهرية التي يشهدها المجتمع الإسرائيلي.
وأوضح إزراحي في تصريح للجزيرة نت أن إسرائيل شهدت في البداية "فسادا أيديولوجيا" بدأ بالتزامن مع بدء الاستيطان الذي تم إنجازه بالقوة وبالضغوط السياسية وانتهاك القوانين.
وقال "حينما تقوم قيادات اليمين بانتهاك القانون جملة وتفصيلا لخدمة مصالح أيديولوجية عامة فإنها لن تصمد أمام إغراءات دوس القوانين لخدمة مصالح شخصية، ومن رحم الاحتلال ولد الفساد ونما في مستنقع الاستيطان".
ويرى إزراحي أسبابا أخرى لتفشي الفساد منها تراجع التربية على القيم الديمقراطية والهجوم على الجهاز القضائي وتحول الإسرائيليين من مجتمع اشتراكي ديمقراطي إلى مجتمع برجوازي رأسمالي، وبالتالي إلى مجتمع مادي منذ سنوات الثمانينيات.
واعتبر إزراحي الفساد خطرا إستراتيجيا، وتساءل كيف يمكن الاعتماد على قادة سياسيين في قضايا جوهرية وهم لصوص ومرتشون وكاذبون، وتابع "كانت السياسة في إسرائيل رسالة واليوم باتت مرادفة للفساد في نظر الأجيال الشابة، وانتشار ثقافة الكذب والفساد لا يمكن أن يكون قاعدة لسياسات شرعية".
ورأى أن السياسة في إسرائيل تشهد أزمة قاسية، وقال إن أعضاء الكنيست اليوم يتميزون بمستوى هابط، معتبرا أن الأوضاع في القاعدة الشعبية تعاني أيضا من الفساد لاسيما إزاء ضعف الشرطة.
وأضاف "لكن هناك أملا بحدوث تحول إيجابي إذا ما استمرت أجهزة الدولة في تطبيق القانون دون وجل أو خجل، وسط تعاون من قبل الجمهور والإعلام".
في المقابل أكد دورون نفوت المحاضر في العلوم السياسية في جامعة حيفا والخبير في قضايا الفساد أن دخول وزيرين للسجن يساهم جدا في ردع السياسيين عن التورط في الفساد.
ضعف الإعلام
وقلل نفوت من حجم الظاهرة، وقال إن الفضائح الحالية تدل على ازدياد قوة أجهزة تطبيق القانون وتزايد الوعي بأهمية مكافحة الفساد، مضيفا "الرسالة واضحة وهي أن الدولة تتعامل بأقل تسامح مع الفاسدين، ودخول الوزيرين خلف القضبان شهادة شرف وشجاعة لجهاز تطبيق القانون".
خطر إستراتيجي
وعلى غرار مراقبين آخرين اعتبر الخبير الإسرائيلي أن الفساد خطر إستراتيجي على الدولة ما دام لا يواجه ولا يعالج، وقال إن السرقة والرشوة تعني استغلال المناصب لخدمة مصالح خاصة وعندها سيفقد نظام الحكم معناه ويصبح دولة لصوص كما في بعض "أشباه الدول الأفريقية".
وأوضح أن حالة إسرائيل من ناحية الفساد "ليست سيئة"، مقارنة مع دول العالم، لكنها تحتاج إلى الكثير من الإصلاح مفاضلة مع أوروبا الغربية.
وأكد أن ظاهرة الفساد تدل على أزمة السياسة الإسرائيلية لا أزمة القيادة فحسب، وأرجع جذورها إلى استنكاف الجيدين عن الذهاب إلى السياسة، بالإضافة إلى ممارسة النفوذ، ومشاكل العولمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار