الاثنين، 4 يناير 2010

قرار وقف البناء في المستوطنات خدعة كبيرة

بقلم محسن هاشم
حسب تقرير منظمات دولية وأخرى إسرائيلية قامت بمراقبة مدى التزام إسرائيل بتنفيذ القرار الذي اتخذه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتجميد البناء في المستوطنات فإن القرار لم يكن سوى للعلاقات العامة.
كما توصلت هذه المنظمات إلى أن نتنياهو الذي اتخذ القرار إثر ضغوط أمريكية مكثفة، وبعد رفض السلطة الوطنية العودة إلى طاولة المفاوضات إلا بعد إيقاف وتجميد البناء بالكامل في المستوطنات، لا يريد ولا يستطيع تنفيذه.
فحسب دراسة للمكتب المركزي للإحصاء في إسرائيل والمعطيات الموجودة لدى حركة السلام الآن، فأن متوسط البناء في المستوطنات أعلى مما هو في إسرائيل، وفي المستوطنات تم بعد إصدار قرار التجميد منح 1167 ترخيصا لبناء وحدة سكنية لكل 100 ألف مستوطن، بينما في أراضي 48 منح 836 ترخيصا لكل 100 ألف.
وهناك أدلة وشواهد على نهضة كبيرة للبناء في المستوطنات، بدأت قبل إصدار هذا القرار وأثناء المفاوضات مع الإدارة الأمريكية حول قرار التجميد، وأن جولات مراقبة قامت بها عدة مؤسسات إسرائيلية بينت أن وتيرة البناء في المستوطنات خاصة النائية منها والصغيرة قد ارتفعت بصورة ملحوظة، كما كشفت أن أعمال البناء بدأت أساسا بزمن قصير قبل إصدار قرار التجميد في 26-11-2009 وبعد إصدار القرار.
كما أن أعمال البناء تجري في 50 مستوطنة وأربع مناطق صناعية، فمثلا في منطقة نابلس هناك أعمال حفر وإرساء قواعد وأساسات في مستوطنات 'بركان وأرئيل' وهناك حركة بناء ساكن في مراحلها الأولى في مستوطنات 'أرائيل وألكانا الشمالية'، وهناك لافتة كبيرة في مستوطنة 'تفوح' تعلن عن مشروع جديد لبناء 65 وحدة سكنية، وتتواجد في المنطقة معدات ثقيلة لحفر وإرساء القواعد.
وحسب شهادة درود أتكس من منظمة 'هنالك حد'، وشهادة هاجيت عوفرايم من 'حركة السلام الآن' فإن هناك أعمال بناء تجري على قدم وساق في أكثر من 50 مستوطنة وكذلك في منطقتين صناعيتين في 'حورون وغوش عتسيون' وفي 7-12-2009 تم الإعلان عن مناقصة لبيع قطعة أرض كبيرة لإقامة مبنى تجاري عليها في مفترق غوش عتسيون.
كذلك فإن درور أتكس قدم في شهادته إثباتات على قيام المستوطنين بالاستيلاء على أراضي زراعية تابعة للفلسطينيين تحيط بمستوطنات 'بركة كوخاف هشاعر، تفوح، إيتمار، ألون موريه، سوسية' والموقع الاستيطاني 'أيبي هاناحل'، وفي عدة مستوطنات أخرى تم تسجيل مواقع بناء لا توجد بها أعمال بناء حاليا كذلك على ما يبدو بعد صدور قرار التجميد ومحاولة المستوطنين اثبات أمر واقع قبل دخول القرار حيز التنفيذ.
أما الإدارة المدنية المسؤولة عن تنفيذ هذا القرار فأوضحت أن قرار التجميد يسير فقط على المواقع التي لم تجري بها حركة بناء من قبل، أي أن 300 وحدة سكنية كانت أعمال البناء بها قد بدأت لن تخضع لقرار التجميد إضافة إلى أن وزير الجيش الإسرائيلي باراك أصدر 492 ترخيصا لوحدات سكنية بعد قرار التجميد.
وأعمال المراقبة التي تقوم بها مؤسسات أجنبية وإسرائيلية كشفت أن أغلب المستوطنات تجري بها أعمال بناء أولية مثل أعمال حفر ووضع أساسات وقواعد وقبل صدور القرار وزعت السلطات المسؤولة كمية كبيرة من تصاريح البناء لمشاريع جديدة وأعطيت هذه التصاريح أساسا للمستوطنات النائية والصغيرة نسبيا.
كما أن رؤساء المستوطن وكبار المستثمرين والمقاولين يتوقعون أن يتم منح تراخيص في مواقع محددة مثل بيت أريه والتي توجد بها أعمال حفر حاليا وذلك بصورة استثنائية.
وأوضحت ما تسمى بـ'الإدارة المدنية' أن موظفيها يعملون على تطبيق القانون وتنفيذ القرار خاصة في المناطق الصناعية وأنه في المناطق التي يتم فيها اعتداءات على القانون أو على القرار تفتح ملفات مخالفة وأنه إذا لم يتم الاستجابة للمخالفة سيتم اتخاذ خطوات أخرى وحسب القانون إذا لم يستجب المخالف ويوقف البناء تتم جلسة استماع له وبعدها يصدر القرار بالهدم أم لا، وهناك حالة انتظار لدى المقاولين والمستثمرين لرؤية هل سيتم تقديم المخالفين للمحاكمة أو مخالفتهم حاليا.
وللمقارنة فقط، فإنه في فترة تنفيذ القرار فإن متوسط الوحدات السكنية في المستوطنات التي يتم السماح بالبناء فيها اكبر بكثير من متوسط البناء داخل أراضي 48، فمثلا في مستوطنة 'معالي أدوميم' سيتم بناء 467 وحدة سكنية بينما في بلدات مماثلة داخل أراضي 48 مثل رأس العين سيتم 149 وحدة سكنية وديمونا 59 وبيسان 21 وسديروت 32 وفي مستوطنة مدعيم 860 .
وحسب تقارير مؤسسات ومنظمات دولية وإسرائيلية فإنه لا يوجد مراقبو بناء في المواقع المذكورة ويلاحظ في أغلب الشوارع الرئيسية والطرق الفرعية وجود لافتات كبيرة مكتوب عليها ممنوع دخول مراقبي البناء التابعين لبيبي أي 'رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو'، كذلك لافتات تدعو للتظاهر ضد القرار مقابل بيت رئيس الحكومة، بل هناك لافتات تدعو للعودة إلى موقع قبر يوسف في نابلس.
ورغم ادعاءات المستوطنين والحكومة الإسرائيلية عن حاجتهم للبناء بسبب النمو الطبيعي للسكان وعدم وجود أماكن لسكن العائلات الحديثة، إلا أن عمارات عدة اكتمل البناء بها ومعروضة للبيع والمشترون أقل من ذلك، بسبب ارتفاع الأسعار التي تصل من مليون ونصف إلى 2 مليون شيكل بوحدة مكونة من 5 غرف.
ويمكن القول أن نتنياهو اتخذ هذا القرار تحت ضغوط شديدة من الإدارة الأمريكية ومبعوثها جورج ميتشل في محاولة لإعادة الفلسطينيين إلى عملية التفاوض، بينما نتنياهو لا يريد إغضاب ناخبيه من أوساط المستوطنين وحلفائهم في حزب الليكود والأحزاب الأخرى التي تشكل الحكومة، بينما القرار في حقيقة الأمر مجرد خدعة وإدعاء ويكفي جولة لمدة ساعة في أنحاء الضفة الغربية لاكتشاف هذه الخدعة المسماة قرار التجميد، فأعمال البناء مزدهرة منذ مدة طويلة في المستوطنات حتى النائية منها وتدل على تعاون شديد بين المستوطنين وحكومة نتنياهو بارك، بل أن الحكومة بادرت بإعلام رؤساء المستوطنين وقادتهم بالقرار قبل صدوره بفترة طويلة، لذلك ازدادت حركة الاستيلاء على الأراضي قبل صدور القرار بفترة طويلة، كما ازدادت التراخيص الممنوحة لبناء وحدات سكنية إضافية، كما أن القرار صدر لمدة 10 أشهر فقط، أي أن المستوطنين لن يفرغوا من حركة البناء القادمة حسب التراخيص القديمة وإلا تكون العشرة أشهر قد انتهت وتعود الأمور إلى سابق عهدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار