الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

إسرائيل إلى بقاء أم إلى زوال..؟ بقلم الصحفى محسن هاشم

يلاحظ أنه أخذت تطفو على سطح الجدل الفلسطيني- الفلسطيني، على المستوى القيادي تحديدًا في الآونة الأخيرة، مسألة جدلية استراتيجية تتعلق بمستقبل"إسرائيل" كدولة وكيان ووجود، وهل أقيمت تلك الدولة لتبقى أم لتزول..؟! جدل فلسطيني غريب عجيب من شأنه فقط أن يدخل الفلسطينيين في متاهة أخرى، تضاف إلى جملة من المتاهات الكبيرة التي أدخلت الفلسطينيين في نفق بلا أفق حتى الآن، فما للقيادات الفلسطينية ومثل هذا الجدل في هذا الوقت..؟ يمكننا أن نستوعب أن يعلن أقطاب"إسرائيل" منذ الآباء المؤسسين، مرورًا بعشرات القادة التاريخيين لهم، وصولا إلى نتنياهو ومن معه، ليل نهار"أن إسرائيل وجدت لتبقى"، ونفهم أن تتنطح الإدارات الأمريكية للمسألة، وتؤكد أيضًا "أن إسرائيل" وجدت لتبقى، ونتفهم أن تقف وراء بقاء"اسرائيل" بريطانيا العظمى التي منحتها وعدًا ووطنًا بلا حق، وكذلك الاتحاد الأوروبي، إما أن يتطوع بعض القادة الفلسطينيين ليتحدثوا عن "ان إسرائيل وجدت لتبقى لا لأن تزول"، فهذه زائدة عن اللزوم الفلسطيني، فما لهم وما لبقاء إسرائيل أو عدم بقائها في هذا الوقت، وفي ظل هذه المحنة العصيبة التي يواجهها الفلسطينيون قيادات وشعبًا وقضية..؟! لو طرحت القضية على مستوى جدلي فكري وفلسفي لقلنا: لا بأس، فهذا من نوع العصف الفكري، أما أن تتوه القيادات السياسية في مثل هذا الجدل، فهذه مسألة من شأنها فقط أن تضيف المزيد من الخلافات والمعاناة الفلسطينية إلى ما هو قائم. وفي صميم الجدل، وفي الحديث النظري عن "بقاء أم زوال إسرائيل"، تتفاوت الرؤى والتحليلات والاستخلاصات، وتطفو في هذا الصدد أسئلة من نوع: -هل ستزول "إسرائيل" من الوجود ؟ -هل ستعود فلسطين لنا بلا صهاينة؟ - إذا كان الجواب بنعم، فمتى وكيف؟ -وإذا كان الجواب بلا، فلماذا وما هي عوامل بقائها واستمرارها؟ -وما على الفلسطينيين والعرب أن يفعلوا لتسريع زوالها؟! -ثم ماذا يقول كبار الأنبياء والعلماء والمحللين في ذلك؟ إلى ذلك، هناك محددات وعناصر عديدة تدخل في حسم الجدل الفلسفي حول مسألتي البقاء أو الزوال، فتكون هناك معطيات ووقائع ومؤشرات وحسابات استراتيجية. لكن، مفيد في هذا الصدد ربما قراءة رؤى واستخلاصات عدد من كبار أنبياء زوال "إسرائيل"، فشهادة الواحد منهم بألف شهادة فلسطينية أو عربية، كونها على لسانهم، ومن أفواههم..! وربما يكون أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب، شلومو ساند، في مقدمة "أنبياء زوال إسرائيل"، حيث اصدر كتابًا في منتصف العام 2008 أثار الكثير من الغضب الصهيوني والاعتراضات والتنافس على دحض نظريته التي حملت عنوان: "متى وكيف نشأ الشعب اليهودي؟"، وأصبح أشهر مؤلفاته وأكثرها مبيعًا، وعالج فيه قضيتين أساسيتين لا يمكن، في نظر اليهود، أن تخضعا للنقاش أو الجدل: الأولى هي أن كل اليهود يرجعون إلى أصل واحد بغض النظر عن الاختلافات في اللون والشكل وغيرهما، والثانية هي قضية الشتات التي ينفيها المؤلف تمامًا، فهو يرى أن اليهود لم يتشتتوا على أيدي الرومان، وإنما على العكس، إذ بقي اليهود، كما يقول، في أرضهم، ولم يتعرضوا للشتات، ونتيجة لهذا فإن فكرة الرجوع إلى الوطن التي تتبناها الحركة الصهيونية هي فكرة كاذبة، ولا أساس لها تاريخيًا، والمؤلف يرفض الرأي الذي يقول: إن اليهود يتحدرون من أصل واحد، ويستدل بشكل مفصل على أنهم خليط من جماعات ذات أصول مختلفة تحولت إلى اليهودية في فترات مختلفة من التاريخ، وشكك العالم الصهيوني الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، "إسرائيل أومان"، باستمرار وجود الدولة العبرية على المدى البعيد، مشيرًا إلى "أن عددًا كبيرًا، وأكثر مما ينبغي من اليهود لا يدركون لماذا هم موجودون هنا"، وأضاف: "إذا لم ندرك لماذا نحن موجودون هنا، وأن إسرائيل ليست مجرد مكان للسكن فيه، فإننا لن نبقى". وفي المشهد الصراعي الفلسطيني- الإسرائيلي المتبلور في ظل الحراكات والأوضاع العربية الجديدة، تتوافر مؤشرات متزايدة متراكمة على أن ما كان قبل هذه الحراكات، لن يكون ما بعدها على مستوى المنطقة برمتها، فنحن أمام تاريخ جديد تجري صياغته، وأمام تداعيات ومعادلات مختلفة أخذت تتسيد الشرق الأوسط، وأمام عودة بالصراع مع المشروع الصهيوني إلى البدايات، والأبرز في كل ذلك أننا أمام أدبيات ونظريات صهيونية جديدة تبعث لديهم هواجس القلق والوجود والمصير، فظهر هناك في المشهد الإسرائيلي من يطلق عليهم "أنبياء زوال - نهاية إسرائيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار