الاثنين، 21 ديسمبر 2015

الاحتلال في الضفة ممرات إعدام وحصار للفلسطينيين /تقرير محسن هاشم



 

مع انطلاق "انتفاضة القدس" مطلع أكتوبر الماضي، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي من إقامة الحواجز العسكرية على مداخل المدن والبلدات الفلسطينية، في محاولة للتضييق على تحركات الفلسطينيين والحد من تصاعد عمليات المقاومة التي تستهدف نقاطاً إستيطانية وعسكرية إسرائيلية.
ويستخدم الاحتلال الحواجز التي تقطع أوصال الضفة الغربية المحتلة وتعزل مناطقها عن بعضها البعض، كوسيلة لفرض عقوبات جماعية على المواطنين الفلسطينيين.
ويقول تحسين عليان رئيس دائرة الرصد والتوثيق في "مؤسسة الحق المحامي"، إن "هذه الحواجز ليست مرتبطة فقط بحق الفلسطينيين بالتنقل والحركة، وإنما بحقوق أخرى كالحق في الصحة والتعليم والعمل وغيرها، لأنها تعيق حركة الفلسطينيين المرضى في الوصول إلى المستشفيات، وإلى المدارس وأماكن العمل".
وشدّد عليان على أن الحواجز تعبّر عن "انتهاك إسرائيلي لكثير من الحقوق المنصوص عليها بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي"، داعيا الدول التي وقعت على اتفاقيات جنيف الأربعة إلى العمل على ضمان احترام وحماية الحقوق الفلسطينية.
وأشار إلى أن "التوقيع على هذه الاتفاقيات، يعني أن تدمج الدول الموقعة عليها مبادئ ونصوص هذه الاتفاقيات في قوانينها المحلية من أجل محاسبة ومساءلة كل من يخرق هذه الاتفاقيات ليس من قبل مواطنيها فقط، وإنما كل من يخل بهذه الاتفاقيات من الدول الأخرى، مثل دولة الاحتلال".
ورأى الحقوقي الفلسطيني أن مساءلة الاحتلال بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية هي الآلية الوحيدة المتاحة لمواجهة السياسات الإسرائيلية، منوهاً لـ "محاولات لمحاسبة مسؤولين إسرائيليين بشكل فردي، باءت بالفشل لاعتبارات سياسية".
18 حاجزًا إسرائيليًّا في ألف متر!
من جانبه، أوضح عيسى عمرو منسق "تجمع شباب ضد الاستيطان"، أن الاحتلال ينشر 18 حاجزاً عسكرياً لقواته في مساحة أقل من ألف متر، ويمارس التنكيل بالمواطنين على مدار الساعة، كما لا يتورع الجنود عن إطلاق النار أو اعتقال أي فلسطيني لا يمتثل لتنفيذ الأوامر.
وأضاف أن "الاحتلال يمنع غير سكان البلدة القديمة، من الوصول إليها منذ بداية انتفاضة القدس ونشر تعزيزات عسكرية على هذه الحواجز، ويستعين بـ 95 عائق حركة وبوابة الكترونية وجدران وسواتر لإعاقة حركة المواطنين".
وأشار الناشط الفلسطيني، إلى أن الاحتلال قام بتحويل هذه الحواجز إلى "ميادين للإعدام" بعد فشله في الوصول إلى المصادقة على قانون الإعدام عن طريق الـ "كنيست"، مضيفاً "تم توكيل الجنود الإسرائيليين بتنفيذ هذه المهمة بشكل غير مباشر"، حسب قوله.
معتقلات صغيرة كبيرة
يقول المواطن مفيد الشرباتي، أحد سكان "شارع الشهداء" بمدينة الخليل، إن "البلدة القديمة تحولت إلى معتقل كبير ومنطقة عسكرية مغلقة، بفعل الحواجز المنتشرة والتي تمنع المواطنين من التنقل، بالإضافة إلى تنكيل الجنود بالمواطنين عبر تفتيشهم وتعرية البعض واستهداف الشبان بشكل خاص"، على حد قوله.
ويضيف "من يضطر من أبنائي للخروج من المنزل أودعه لأنه قد يعود شهيداً او جريحاً، فيما نستقبل في المساء من يعود منهم بالحمد والشكر لله، في مشهد يتكرر يومياً، ولم نعد نرصد عدد الانتهاكات من الجنود والمستوطنين من كثرتها".
ويشرح العامل حربي قاسم (46 عامًا)، من بلدة عقابا قضاء طوباس شمالي الضفة الغربية، معاناته اليومية مع حواجز داخل الأراضي المحتلة عام 1948، قائلا لـ "قدس برس" إنه ومن أجل الوصول للعمل باكرا، وتخطي حاجز "الجلمة" شمال الضفة الغربية، عليه أن يقضي الساعات في البرد القارس، ويتحمّل فظاظة الجنود الإسرائيليين ومزاجيتهم.
ويضيف قاسم: "الحاجز أحيانًا يكون مغلقًا حتى إشعار آخر، وعلينا في حينه البحث عن حاجز آخر قد يسمح لنا بالمرور، وفي أحيان أخرى يمزق جنود الاحتلال تصاريح العمال، تحت أي ذريعة".
وتشير الصحفية آمنة حساسنة من مدينة بيت لحم، إلى أنها اضطرت إلى تقديم استقالتها من العمل في رام الله بسبب الظروف الأمنية الصعبة، وبسبب ما تتعرض له من مضايقات من جنود الاحتلال على حواجزه المنتشرة بين مدن الضفة.
وتضيف حساسنة: "في الوضع الطبيعي احتاج لقرابة 50 دقيقة للوصول لعملي، لكن وبسبب حواجز الاحتلال، احتاج لما يقارب ثلاث ساعات حتى أصل رام الله، وفي بعض أيام نهاية الأسبوع يصل التأخير لخمس ساعات".
وتابعت: "الاحتلال يغلق حاجز جبع جنوب رام الله أغلب الأيام، ويترك مئات السيارات تنتظر، وحتى دون تفتيش، فيضطر السائق لطرق التفافية وعرة".
وأشارت الصحفية حساسنة، إلى "الخطر الداهم الذي بات يحيط بالمواطنين على الحواجز والإعدامات المتكررة، وخطر المستوطنين المنتشرين على طول الطريق من مدينتي بيت لحم ورام الله".
الطالبة حلا خلايلة (24 عامًا) من بيت صفافا قرب القدس المحتلة، شاهد آخر على معاناة الفلسطينيين على الحواجز الإسرائيلية، روت لـ "قدس برس" معانتها مع الحواجز، قائلة "أخرج من منزلي باكراً في محاولة للوصول على موعد المحاضرة، لكن حواجز الاحتلال تمنعني دائماً من الوصول في الوقت المحدد، خاصة في ظل التفتيش المستمر على كل حاجز نواجهه في الطريق".
وأضافت طالبة الدراسات العليا في جامعة "بيزيت"، أن "مزاج الجندي الإسرائيلي هو الذي يتحكم بتنقل الفلسطينيين على الحواجز، حيث يتم التنكيل بالمواطنين والطلاب، خلال إيقاف مركباتهم وتفتيشها وفحص هوياتهم.


التنقل "حصري" للمستوطنين
ووفق منظمة "بيتسيلم" الإسرائيلية، فإن القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على حركة تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية، تتّخذ عدة أشكال، من بينها الحواجز الثابتة والفجائية المتنقلة، بالإضافة إلى الشوارع التي يحظر تنقل الفلسطينيين فيها والبوابات على امتداد الجدار الفاصل.
وتشير المنظمة الحقوقية الإسرائيلية، في بياناتها حول ممارسات الاحتلال في هذا الإطار، إلى أن "القيود تتيح لدولة الاحتلال السيطرة على حركة الفلسطينيين في أنحاء الضفة وتقييدها، طبقا لاعتباراتها ومصالحها، من خلال الانتهاك الجارف لحقوق الفلسطينيين".
وتضيف أن "الفحوصات وعمليات التفتيش المستمرة التي يقوم بها الجنود الإسرائيليين على الحواجز، إلى جانب المعاملة المهينة تقلل حركة الفلسطينيين في جزء من الشوارع الرئيسية في الضفة الغربية، بينما تتوفر هذه الشوارع للاستعمال الحصري من قبل المستوطنين".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار