الجمعة، 16 مايو 2014

المشروع الصهيوني لا يزال يلتهم أرض فلسطين /بقلم الصحفى والاعلامى محسن هاشم مترجم اللغة العبرية





لا يزال الفلسطينيون يعانون ويلات النكبة التي حلت بهم قبل ستة وستين سنة، فيما واقع المأساة يلامس حاضرهم لدى الإنسان والأرض والتاريخ والحضارة عبر الأجيال التي تعاقبت على هذه الأرض،
 وطردت منها أو لا تزال تعايش مآسي النكبة.
خلقت النكبة واقعًا سياسيًّا جديدًا أوجد كيانًا سمي "إسرائيل" على أنقاض 78.5 بالمئة من مساحة دولة فلسطين التاريخية، والتي تشهد تغييرًا مستمرًا لخارطتها منذ 66 عامًا، ولم تعد سوى جزر منفصلة في محيط واسع بفعل الاستيطان والاحتلال.
النكبة.. الأرض والحضارة
ولم تقتصر أبعاد النكبة على اللجوء والتهويد، بل تعدتهما إلى نكبة للحضارة والهوية والتقدم.
كيف لا، وقد وصلت المدن العربية الفلسطينية قبل عام 1948 إلى مصافي المدن الحضارية الكبيرة لما شهدته من تطور اقتصادي وعلمي وثقافي، حيث اشتهرت آنذاك بالأسواق ودور السينما وكانت محطًا لزيارات العرب لفلسطين.
ووفقًا لمدير دائرة الخرائط والاستيطان في بيت الشرق بالقدس المحتلة خليل التفكجي؛ فإن مدينة يافا شهدت قبل النكبة بعدة سنوات مشاريع ضخمة وكانت ستصنف بالمدينة الأجمل في الشرق الأوسط عام 1958 لموقعها على البحر المتوسط ومستوى الحضارة الذي شهدته، فيما اشتهرت القدس بدور السينما في فترة مبكرة مقارنة بالدول العربية.
وشهدت الصحافة تطورًا كبيرًا في يافا وكانت حيفا مركز جذب للعمالة العربية، إلى أن حلت النكبة عام 1948 واقتلعت الإنسان وسلبت الأرض وهدمت الحضارة التطور وأرجعت هذه المدن سنوات طويلة للوراء حيث لم تتمكن إلى اليوم من العودة لموروثها الحضاري السابق.
النكبة.. الاستيطان
ويوضح خليل التفكجي لوكالة "قدس برس" أن النكبة أبقت 22 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية بيد الفلسطينيين، حيث خضعت الضِّفة الغربية للحكم الأردني وغزة للحكم المصري وتشرد الفلسطينيون وقسمت العائلات بين دول العالم وتحولوا من مالكي أراضي وتجار وأصحاب رؤوس أموال إلى متسولين في دوائر الأمم المتحدة والدول العربية، حيث تحول من مجتمع حضاري إلى مجتمع ضائع مسلوب الإرادة والقوة.
ويبدو أمر الاستيلاء على الأراضي لم يتوقف منذ ذلك الحين؛ فقد كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مؤخرًا أن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على أكثر من 85% من أرض فلسطين التاريخية.
ويتفق الباحث خليل التفكجي مع هذه المعطيات، بل يعتبر أن آثار نكبة الفلسطينيين لا تزال حاضرة ومستمرة، حيث إنهم لم يعودوا يسيطرون سوى على ثلث مساحة الضِّفة الغربية (5,860) وثلاثة عشرة في المئة من أراضي القدس التي تبلغ مساحتها 20 ألف دونم، وقطاع غزة 365 كيلومترًا مربعًا؛ حيث تحولت النكبة إلى صيغة استيطان وتهويد ومصادرة أراض.
من جانبه؛ يشير خبير شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش إلى أن الخارطة الجديدة لفلسطين في عام 2014 بالضِّفة الغربية تظهر أن الاحتلال يسيطر اليوم على مساحة 65 في المائة من مساحة الضِّفة الغربية خلال الاستيطان والشوارع الالتفافية وجدار الفصل العنصري.
وتبرز المعطيات التي كشف عنها حنتش - وفقًا لما يراه - "نكبة حقيقية تتعرض لها فلسطين بصورة ممنهجة وإستراتيجية، حيث إن إسرائيل تخطط لتحويل الضِّفة الغربية إلى جزر و"كانتونات" منفصلة عن بعضها البعض عبر مشاريع استيطانية ضخمة سواء في القدس أو في جنوب الضِّفة الغربية".
  نكبة مستمرة منذ 66 عامًا وتظهر هذه المعطيات أن المستوطنات تصادر ما مساحته أربعة في المئة من الضِّفة، فيما بلغ حجم البناء الاستيطاني 1.2 في المئة من مساحة الضِّفة وثلاثة في المئة من مساحة الضِّفة تم مصادرتها تحت مسمى "محميات طبيعية".
كما التهم جدار الفصل العنصري 12 بالمئة من مساحة الضِّفة، وجرى مصادرة ستة عشر ألف دونم من المنطقتين المسماتين "A" و"B"، واللتين تخضعان لسيطرة السلطة وضمها إلى منطقة "C" التي تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية، وتقع على مساحة 42 بالمئة من الضِّفة.
وأشار حنتش إلى أن مخططات الاحتلال لم تتوقف، فقد حول مليون ومئتَيْ ألف دونم إلى أراضي احتياط للاستيطان، وأسماها "أراضي دولة"، وقام في مدينة القدس مشروع (E-1) لربط القدس مع مستوطنة معاليه أدوميم لينقطع التواصل بين شمال الضِّفة وجنوبها، وينحصر عبر طريق استيطاني ونشر خطة (E-30)، والتي تهدف لربط القدس مع تجمعات عتصيون الاستيطانية وصولاً للقدس الكبرى عام 2020م.
واعتبر أن كافة هذه المخططات منذ النكبة حتى اليوم ضمن فلسفة وإستراتيجية صهيونية واضحة تسعى للمرحلة الأولى من إقامة إسرائيل الكبرى.
ويشدد الخبير الفلسطيني على أن النكبة لا تزال متواصلة وإفرازاتها مستمرة، مشيرًا إلى أنه "ليس المطلوب تهجير جديد وإنما سياسة تطهير عرقي بذات الطريقة التي جرت في النكبة لكن بصمت ومن خلال "التفنن" في الجرائم عبر إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم والسيطرة عليها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار