الثلاثاء، 7 فبراير 2012

مشاكل داخل اسرائيل

بقلم محسن هاشم
نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية اليوم الاثنين تحليلاً لاحد كبار محلليها عكيفا إلدار، تناول فيه التنبؤات المتعلقة بانتخابات زعامة حزب "ليكود"، ومدى حظوظ رئيسه الحالي بنيامين نتنياهو في الفوز. ويقول الدار ان نتنياهو لو لم يكن موجوداً لاضطر المستوطنون لاختراعه وانه اثبت ان بوسعه ابتلاع المزيد من اراضي الفلسطينيين والاحتفاظ في الوقت ذاته بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة واوروبا. وهنا نص التحليل:
"سواء وُجد موشيه فيغلين ام لا، فان بنيامين نتنياهو كان سيضطر لاختراعه. اذ كيف كانت ستبدو صورة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، لو كان زعيمها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد تنافس وحده على زعامة حزب "ليكود"؟
الا ان من غير المؤكد ان يكون نتنياهو يشعر حقا بالقلق في ما يتعلق باستطلاعات الرأي التي تكهنت ان فيغلين سيحصل على ما بين ربع وثلث اصوات اعضاء "ليكود". والا فما الذي يمكننا ان نقوله بشأن الدول المجاورة التي ينتخب رؤساؤها بنسبة تتراوح بين 90 و 95 في المائة من اصوات "الناخبين"؟.
والعامل الاكثر اهمية هو انه ينظر الى الانتخابات الاولية لـ"ليكود" في اسرائيل وفي انحاء العالم على انها سباق بين سياسي عملي وزعيم مجموعة مسيحية. وقد جعلت كلمات القذف التي تفوه بها فيغلين ضد "العرب" ما ادلى به نتنياهو من تصريحات عنصرية – ومنها "انهم يقتلون بينما نحن نبني" التي اطلقها في عزاء مقتل عائلة فوغل في الضفة الغربية – تبدو صحيحة سياسيا.
غير ان الفرق بين نتنياهو وفيغلين يظهر اساسا في اللهجة. فتصريحاتهما المتعلقة بالصراع مع الفلسطينيين تستقي ايحاءات من المصادر ذاتها.
لقد اخذ نتنياهو صك ملكية دولة اسرائيل في القرن الحادي والعشرين باعتبار انها ارض اسرائيل الكبرى رأسا من جدنا يعقوب "الذي عرف ايضا باسم اسرائيل". ففي خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة في أيلول (سبتمبر) قال ان بنيامين، الذي سمي هو باسمه، تاه مع اشقائه الاحد عشر في تلال يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) قبل 4000 عام، وان البلاد شهدت وجودا يهوديا منذئذ. واثبت للعالم حقنا في قدس "موحدة" (بما في ذلك مخيم اللاجئين في شعفاط وبيت حنينا في الجزء الشرقي من المدينة) مدعوما بقصة عن ختم "من ايام التوراة" – وهو ختم يخص مسؤولا باسم نتنياهو، وجد على مقربة من الحائط الغربي (المبكى/ حائط البراق).
ومثل فيغلين فان نتنياهو لا يعترف بحق الفلسطينيين بالسيادة على الارض ما بين البحر ونهر الاردن. وقد اُعد خطاب رئيس الوزراء في جامعة بار ايلان الذي تحدث فيه عن حل الدولتين، نتيجة قوة الظروف التي جاءت في اعقاب خطاب الرئيس (الاميركي) باراك اوباما في القاهرة. وكان ذلك عندما كان نتنياهو يخشى من رئيس (اميركي) ديمقراطي اسمه الاوسط حسين. وبدلا من القول لاوباما ان يذهب الى الجحيم بطلباته لتجميد الانشاءات في المستوطنات، ارهق نتنياهو كلا من اوباما والفلسطينيين بمفاوضات انتهت بتجميد جزئي لمدة عشرة شهور. وقد ادى ما سكبه المستوطنون على نتنياهو من الغضب الجم في اعقاب الابطاء الموقت (للبناء الاستيطاني) الىتحويله الىساع الى السلام لا يعرف الخوف.
ما الذي يريده اليمين المتطرف من الرفيق نتنياهو؟ كم عدد العشوائيات التي اخلاها منذ عودته الى مكتب رئاسة الوزراء؟ ومتى استمتع المستوطنون في حياتهم بهذه الميزانيات السخية؟ وخلال فترة حكم اي رئيس للوزراء سُن هذا العدد الكبير من القوانين الاثنية؟ وخلال حكم اي منهم صدر هذا العدد الكبير من المبادرات لكبح سلطات المحكمة العليا ومنظمات حقوق الانسان ولفرض مثل هذا الرعب في قلوب وسائل الاعلام؟ ومن هو الذي اوكل علاقات اسرائيل الخارجية الى مستوطن لا يهتم البتة ببقية العالم؟ واذا كان نتنياهو يهدد حقا بالتوصل الى اتفاق مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فلماذا يشعر الجانب الفلسطيني في محادثات السلام خلال اول فترة من فترات حكمه كرئيس للوزراء بالاحباط بهذا القدر الذي لم يشعر به قط من قبل؟
لو لم يوجد نتنياهو، لكان المستوطنون قد اجبروا على اختراعه. اذ لم يكلفه اي ثمن بخس ازالة بعض حواجز الطرق في الضفة الغربية، ورفع جزء من الحصار على قطاع غزة، واصدار تصريحات تدعي الحرص على "عملية السلام". ووقد تمكن من المحافظة على كل مصالح المستوطنين.
وتمكن نتنياهو من ان يفند الحكمة القائلة باستحالة امتلاك الكعكة واكلها ايضاً. واليكم هذه الحقيقة: ان من الممكن ابتلاع اراض اضافية وتصويره ايضاً على انه زعيم معتدل بينما يحافظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة واوروبا.
ان بوسع المستوطنين ان يسترخوا. ذلك ان المواقف التي عرضها الاسبوع الماضي في الاردن على الفلسطينيين مبعوث رئيس الوزراء المحامي اسحق مولخو لم يكن لها اي فرصة، حتى ولو ضئيلة، لكي تحدث اختراقاً في الموقف المستعصي المتعلق بالمسار الفلسطيني. اذ ان عرضه لم يكن سوى مجرد ممارسة اخرى هدفها تقديم نتنياهو كشريك سلام وتصوير الفلسطينيين بانهم الرافضون للسلام. وهذا اذاً جهد آخر لازالة خطر تقديم تنازلات على الطريق نحو حل الدولتين. وما كان بوسع فيغلين ان يفعل هذا بشكل افضل. وسيجلب نتنياهو نهاية للدولة اليهودية والديموقراطية بطريقة اكثر اناقةً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار