الأحد، 14 أغسطس 2011

اسرائيل فى اسبوع : ميدان التحرير في قلب تل أبيب

بقلم محسن هاشم
مصر في قلب تل أبيب! هكذا تقول الشعارات التي رفعها المتظاهرون في "إسرائيل" الذين خرجوا بمئات الآلاف احتجاجًا على التفاوت في توزيع الدخول، وارتفاع الأسعار؛ حيث استلهم الكثيرون منهم روح ميدان التحرير في
مصر خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير، فرفع بعضهم لافتات كتب عليها "هنا مصر".
بلا شك كان ولا يزال الحدث الرئيس الذي ركزت عليه الصحف ووسائل الإعلام في "إسرائيل" هي موجات الاحتجاج الاجتماعي الحالية التي تحولت من مجرد مظاهرات ضخمة إلى ثورة اجتماعية شاملة، بحسب الهآرتس، في افتتاحيتها يوم الاثنين 8-8-2011م، والتي تهدد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالانزلاق نحو خيار الانتخابات المبكرة.
دلالات الثورة الاجتماعية الراهنة في "إسرائيل" لم تقف عند المستويات السياسية والاقتصادية لها؛ وإنما تتجاوز ذلك إلى آفاق أوسع تتعلق بصيرورات المشروع الصهيوني ذاته؛ حيث المعنويات الإسرائيلية في الوقت الراهن في تدني كبير، مع حالة من الدهشة التي تصل إلى درجة الذهول، في بلد ظل ينظر لنفسه على أنه على قدر من المناعة لا يمكن لأي شيء أن يمسها، وأنه "حلم" و"مثل أعلى" للكثيرين حول العالم!
ودعم من حجم الانكسار والذهول في الأوساط القيادية في "إسرائيل"، هو حجم الثقة المبالغ فيه في النفس الذي سبق هذه الأحداث؛ حيث اجتازت "إسرائيل" من قبل كوارث سياسية واقتصادية بكفاءة تُحسد عليها، حتى من جانب الأب الأمريكي الذي تسبب في أزمة اقتصادية عالمية في سبتمبر 2008م، تضرر العالم كله منها باستثناء "إسرائيل"!
الجانب الآخر لتأثيرات ما جرى في "إسرائيل" على الكتاب وأصحاب الرأي خصوصًا، كان في دفعهم إلى المزيد من الاهتمام بربيع الثورات العربية الحالي، والتعمق في دراسة أسبابه ونتائجه مع تكراره بشكل أو بآخر في "إسرائيل" في هذه الآونة.
إلا أنه، وعلى الرغم من سيطرة القضايا المرتبطة بالحراك الاجتماعي الحالي في إسرائيل؛ فقد استمرت بعض الملفات التقليدية في بؤرة اهتمام الإعلام الإسرائيلي، وخصوصًا اتجاهات العلاقات مع تركيا، على خلفية إصرار الحكومة التركية على الاعتذار الإسرائيلي عن جريمة أسطول الحرية الأول في مايو 2010م، لاستعادة وتيرة العلاقات ما بين البلدين، بالإضافة إلى سلسلة أخبار أخرى عن حزب الله وتسليح الجيش الإسرائيلي.
طوارئ بالكنيست!
البداية مع خبر نقلته صحيفة الهآرتس يوم الاثنين، الثامن من أغسطس؛ حيث ذكرت الصحيفة أن الكنيست الإسرائيلي قرر كسر عطلته الصيفية، وعقد جلسة خاصة لمناقشة الاحتجاجات الاجتماعية المتزايدة في أنحاء "إسرائيل"، بناء على طلب من أحزاب المعارضة.
وذكرت الصحيفة أن هذه الجلسة الطارئة سوف تعقد إما يوم الأربعاء المقبل أو يوم الاثنين التالي عليه على أقصى تقدير؛ حيث تضغط أحزاب المعارضة الإسرائيلية لأجل عقد هذه الجلسة، من أجل المحافظة على الاحتجاجات القائمة حاليًا على قيد الحياة.
يأتي هذا التطور مع دخول فئات وشرائح جديدة من المجتمع الإسرائيلي إلى ساحة الاحتجاجات؛ حيث نظم مئات من المتقاعدين وقفة احتجاجية أمام المجمع الحكومي في تل أبيب مطالبين الحكومة بتخفيض تكاليف العلاج، وإلغاء ضريبة القيمة المضافة على الضروريات الأساسية، ومنع خفض معاشاتهم التقاعدية.
ثورة في إسرائيل!
الهآرتس في ذات اليوم نشرت افتتاحية أكد فيها على أن ما يجري في "إسرائيل" تجاوز بكثير مرحلة الاحتجاجات الاجتماعية؛ لكي يصل إلى مستوى الثورة الشعبية، فتحت عنوان "وتحولت المظاهرات في إسرائيل إلى ثورة"، قالت الصحيفة: إن ما يجري في "إسرائيل" فتح المجال لتأطير ما وصفته بـ"الديمقراطية الشعبية"، وأنه أدى إلى تغيير جذري في بنية تفكير القيادات السياسية والأمنية.
وأشارت الهآرتس إلى أن "موجة الاحتجاج الاجتماعي الحالية التي لا مثيل لها في "إسرائيل"، والتي هزت المجتمع والنظام السياسي، أخذت منحى أكبر من مجرد أن تكون احتجاجات اجتماعية، بعد خروج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشارع مساء السبت الماضي".
نفس المصطلح، مصطلح "ثورة"، استخدمته صحيفة اليديعوت أحرونوت في وصف ما يجري في إسرائيل؛ فقد نشرت الصحيفة يوم السابع من أغسطس افتتاحية بعنوان "ثورة سياسية في إسرائيل"، وقالت الصحيفة: إن قادة "إسرائيل" السياسيين يجب عليهم الاستجابة إلى الثورة الاجتماعية الحالية، وإحداث ثورة سياسية مماثلة.
انهيار في البورصة
البورصة الإسرائيلية بدورها عرفت انهيارًا كبيرًا؛ حيث تم تعليق العمل فيها في اليوم الأول لعملها بعد الإجازة الأسبوعية، الأحد السابع من أغسطس، بسبب انخفاض مستوى المؤشرات والأسعار حوالي 6%.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة، أن البورصة افتتحت تعاملات الصباح يوم الأحد كالمعتاد، إلا أنه تم تعليق التعاملات عدة مرات بعد دقائق من الافتتاح بسبب تدهور اسعار الأسهم؛ حيث انخفض مؤشر "تي إيه – 100" الرئيسي بنسبة 5.73%، بينما انخفض مؤشر "تي إيه– 25" للشركات الممتازة بنسبة 5.42%، بحسب موقع بورصة تل أبيب.
تجميد مشروعات عسكرية
التطورات الحالية في "إسرائيل"، والتي مبعثها أسباب اجتماعية طالت حتى الجيش الإسرائيلي؛ حيث ذكرت "اليديعوت أحرونوت" يوم الخامس من أغسطس، أي قبل يوم من الاحتجاجات العارمة الأخيرة، أن وزارة الدفاع قررت تجميد خطة تطوير عسكرية كانت مقررة على مدى ستة سنوات قادمة، بسبب الاحتجاجات الشعبية التي سوف تقود إلى تعديلات في أولويات الموازنة العامة للدولة في "إسرائيل".
ونقل موقع الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي قرر تجميد خطة عسكرية باسم "حلميش" وضعها رئيس هيئة الأركان العامة، بيني جانتس، كان سيتم تنفيذها خلال السنوات من 2012م وحتى 2018م، بقيمة 1.76 مليار دولار، وذلك بسبب الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية التي تضرب "إسرائيل" في الوقت الحالي، والتي قد تنعكس على أولويات الموازنة العامة.
حرب جديدة؟
في صحيفة الهآرتس قال الكاتب والمحلل الإسرائيلي، يوسي ميلمان، يوم السادس من أغسطس: "إن الاحتجاجات الحالية في "إسرائيل" قد تدفع الحكومة هناك إلى خوض مغامرة عسكرية، مشيرًا في هذا السياق إلى حرب يونيو من العام 1967م، التي كان من بين بواعث "إسرائيل" لخوضها إخراج البلاد من حالة ركود اقتصادي، وتوحيد الجبهة الداخلية.
وأشار في هذا السياق إلى أنه في العام 1966م، كانت "إسرائيل" في حالة ركود اقتصادي، وأدت خيبة الأمل واليأس إلى موجة هجرة من البلاد "لدرجة أنه جرى تعليق لافتة في مطار بن جوريون كُتب عليها "يُطلب من المغادر الأخير أن يطفئ الأضواء"، ولكن بعد مرور أقل من عام واحد انقلبت الأوضاع بشكل تام"، بحسب ميلمان المخضرم.
وبحسب الكاتب، فإن سبب التغيير هو حرب 1967م، ويقول: "إنه بعد الحرب أشارت تقديرات إلى أن القيادات السياسية الإسرائيلية كانت معنية بتصعيد الأوضاع، وخصوصًا مع سوريا تحت مبرر قيام الأخيرة بتحويل مجرى نهر الأردن، وذلك في محاولة من القيادة السياسية للفت الأنظار عن الركود الاقتصادي، والحد من الهجرة الخارجية.
صفحة جديدة مع العرب!
وبعيدًا عن الثورة الحالية في "إسرائيل"، نطالع تقريرًا من صحيفة "إسرائيل هايوم" نشرته يوم الأحد الماضي حوى تفاصيل المؤتمر الصحفي الذي عقده المتحدث الجديد باسم الجيش الإسرائيلي، يوآف موردخاي، في تل أبيب، وتحدث فيه باللغة العربية، والذي قال فيه: "إن المتغيرات الحالية التي يشهدها العالم العربي "تساهم في خلق أنظمة ديمقراطية تحرص على توطيد علاقتها بتل أبيب".
وفي الإطار، أشار موردخاي إلى أن "إسرائيل" تولي اهتمامًا بالغًا بالحفاظ على اتفاقيات السلام التي أبرمتها مع مصر والأردن، وأنها تتطلع إلى حفاظ الأنظمة الجديدة سواءٍ في مصر، أو في غيرها من الدول العربية، على علاقات سياسية واقتصادية مع تل أبيب.
وفيما يتعلق بتطورات الأوضاع في سوريا، أشار موردخاي إلى أن دوائر تقدير الموقف العسكري في "إسرائيل" "تعي جيدًا فقدان المنظومة العسكرية في دمشق السيطرة على الثوار، ولعل ذلك بات واضحًا في أعقاب ظاهرة إحراق أعلام إيرانية، وأخرى لحزب الله في قلب العاصمة السورية".
وأضاف المسؤول الإسرائيلي بالقول: "ومن هذا يتضح مدى التحول الجذري في علاقة الشعب السوري بالإيرانيين وقوى حزب الله في الجنوب اللبناني، وربما يعكس ذلك إلى حد كبير ملامح النظام الجديد حال سقوط نظام الأسد".
كلينتون والمعارضة السورية
يوم الثالث من أغسطس، نقلت صحيفة اليديعوت أحرونوت على لسان مراسلها في الولايات المتحدة، أن وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، استضافت معارضين سوريين في مقر وزارة الخارجية في واشنطن، الأمر الذي اعتبرته على أنه إشارة من جانب إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، للمعارضين السوريين بالتعاون مع الولايات المتحدة، وافتراضًا من الإدارة الأمريكية أن النظام السوري سوف ينتهي في غضون شهور قليلة قادمة.
وكتبت الصحيفة تقول: "إنه على خلفية قصف مدينة حماة بالدبابات حيث قتل العشرات في الأيام الأخيرة، صعدت عناصر دبلوماسية دولية من تصريحاتها وخطواتها تجاه النظام السوري، بالرغم من أن مجلس الأمن لم يتمكن من بلورة اتفاق حول مخسودة لتشديد العقوبات على النظام السوري".
ونقلت الصحيفة عن كيلنتون: "إنها قالت للمعارضين الذين اجتمعت بهم أن الولايات المتحدة "ستواصل دعم الشعب السوري، ودعم الانتقال سلميًّا إلى الديمقراطية"، كما قالت: "إن الولايات المتحدة لن تربح شيئًا من نظام يقتل ويعتقل ويعذب مواطنيه؛ للحفاظ على السلطة".
الدولة اليهودية مرة أخرى!
يوم الخميس الماضي 4 أغسطس شُغِلَت وسائل الإعلام الإسرائيلية بمشروع قانون الأساس الذي تقدم به عدد من نواب الكنيست الإسرائيلي من الليكود وكاديما، والذي يستبدل تعريف "إسرائيل" من "دولة يهودية ديمقراطية" إلى "الدولة القومية للشعب اليهودي"، وتتضمن بأن يكون "النظام الديمقراطي متماشيًا مع تعريفها كدولة قومية للشعب اليهودي".
وجاء في المشروع الجديد الذي قدمه وزير الأمن الداخلي السابق وعضو كاديما، آفي ديختر، وزئيف ألكين، من الليكود، ودافيد روتم من "إسرائيل بيتنا"، ليصوغ من جديد مسلمات أساسية بشأن طابع "إسرائيل" كدولة عنصرية.
ومن بين ما جاء في مشروع القانون الأساس الجديد، الذي تمت بلورته بالتعاون مع معهد الاستراتيجية الصهيونية، اعتبار اللغة العبرية هي اللغة الرسمية الوحيدة لإسرائيل، بدلاً من اعتبار اللغات الثلاث، العبرية والعربية والإنجليزية، كلغات رسمية، واستبدلت مكانة اللغة العربية من "رسمية" إلى "مكانة خاصة".
ويتضمن اقتراح القانون بندًا آخر يعتبر أن "القضاء العبري" مصدرًا للمشرع والمحاكم "بحيث يتوجب على أعضاء الكنيست أن يعملوا بروح القضاء العبري، وأن تصدر المحاكم أحكامها استنادًا إليه في الحالات التي لا يُوجد فيها قانون واضح".
وجاء في الاقتراح أيضًا أن الدولة تعمل على "تجميع الشتات اليهودي، والاستيطان اليهودي فيها، وتخصص الموارد لهذه الأهداف"، ويتحفظ على إقامة تجمعات سكنية لقوميات أخرى، ويترك القرار بشأن ذلك بيد الدولة.
محاولة اغتيال!
يوم 2 أغسطس، اهتمت الصحف الإسرائيلية بما نشرته صحيفة "الجريدة" الكويتية، نقلاً عن مصادر لم تسمها، أن التفجير الذي وقع في الضاحية الجنوبية لبيروت في منطقة الرويس يوم الجمعة قبل الماضية، كان يستهدف الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وأن "إسرائيل" تقف وراءه، فيما عقلت صحيفة "اليديعوت أحرونوت" على الخبر، بأن الأمر لا يعدو إلا أن يكون مجرد تكهنات تقف وراءها تقارير غير مؤكدة.
وقالت اليديعوت أحرونوت: "إن وسائل الإعلام العربية التي تناولت الانفجار أشارت إلى أن المستهدف به كان سمير القنطار، الذي أفرجت عنه "إسرائيل" في العام 2008م، بعد حوالي ثلاثة عقود من الحكم عليه بالسجن مدى الحياة بعد تنفيذه عملية فدائية في بلدة نهاريا الإسرائيلية، إلا أن القنطار ظهر بعد ذلك في المستشفى يحتفل بمولوده الجديد لتبديد الشائعات التي تحدثت عن إصابته في الانفجار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار