الاثنين، 8 أغسطس 2011

دعوات إسرائيلية للاعتراف بالدولة الفلسطينية ومصير الأسد يقلق تل أبيب

بقلم محسن هاشم
"حماس بانتظار القاهرة في صفقة الأسرى".. "لماذا لا نعترف بالدولة الفلسطينية؟!" "محاولات للعودة إلى دولة الرفاه في إسرائيل ومنتجي الأجبان يدعون الحكومة لإنهاء المقاطعة".. "الأسد يتهم المخربين ويعد بإصلاحات
شاملة".. "روسيا تعارض التصويت ضد دمشق في مجلس الأمن".. "إسرائيل تصطحب معها مصورين خلال الحملة المقررة ضد أسطول الحرية 2".
هذه العناوين تلخص أبرز ما ورد في الصحافة الإسرائيلية خلال الأسبوع المنصرم، حاملةً معها أهم اتجاهات الاهتمام لدى الرأي العام الإسرائيلي والقضايا التي تشكل هذا الاهتمام في المرحلة الحالية.
وبطبيعة الحال والأهمية؛ فقد احتلت الأوضاع المأزومة لدى الجارة الشمالية الشرقية، سوريا، بجانب قضية الدولة الفلسطينية وصفقة تبادل الأسرى بين "إسرائيل" و"حماس"، والتي ترعاها القاهرة حاليًا، الاهتمام الأكبر للصحف الإسرائيلية، والتي تعكس اهتمامًا مماثلاً لدى الشارع في دولة الكيان الصهيوني.
كما كان من اللافت أنَّ تتصدر القضايا الاقتصادية واجهة الصحف الإسرائيلية؛ حيث أوردت صحف مثل اليديعوت أحرونوت والهآرتس أخبارًا عديدةً حول التحدي الذي يواجه المجتمع الإسرائيلي فيما يخص مجتمع الرفاه، وكذلك قضية الإضراب الذي دعا إليه نشطاء ومواطنون عاديون لمقاطعة منتجات الأجبان الإسرائيلية الصنع، والمطالب التي تقدم بها المنتجون للحكومة للعمل على وقف الإضراب.
كما كان من اللافت في عناوين الصحف الإسرائيلية خلال الفترة الماضية، ذلك التشابه القائم ما بين العناوين الرئيسية لها؛ حيث تكاد تتطابق عناوين الأخبار الرئيسية ومقالات الرأي في اليديعوت والهآرتس والمعاريف.
سوريا ومصير الأسد!!
وكانت التطورات الخاصة بالأوضاع في سوريا هي أبرز مثال على هذا التطابق، الذي إن دل على شيء؛ فإنما يدل على: أولاً، طبيعة الاهتمام الكبير الذي توليه إسرائيل لهذا الملف، ودرجة اهتمام الرأي العام به في الكيان الصهيوني، القلق على وجوده دائمًا، كذلك وجود درجة من درجات التوحد في المواقف بين مختلف القوى وشرائح الرأي العام في إسرائيل في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ هذا الكيان.
فعلى سبيل المثال: كان "المانشيت" الرئيس للصحف الإسرائيلية الرئيسية الثلاث هذه ليوم الاثنين 20-6-2011م عن سوريا، حيث ركزت كل من الـ"هآرتس" واليديعوت أحرونوت على الكلمة التي ألقاها الرئيس السوري، بشار الأسد، صبيحة الاثنين، حول الأحداث في بلاده، والتي اتهم فيها من وصفهم بـ"المخربين والمتطرفين" بالوقوف خلف الأحداث الدموية الحالية في بلاده؛ تناولت المعاريف بعضًا من التطورات القائمة على الأرض في سوريا، وموقف المحتجين في هذا الإطار.
وقالت المعاريف في تغطيتها للأحداث: "إن الرد الذي قدمه الشعب السوري على خطاب بشار هو خروج الآلاف إلى شوارع المدن السورية للمطالبة باستقالة الرئيس السوري الأسد الابن".
كما اهتمت اليديعوت في الإطار، بشكل خاص، بالموقف الروسي من الأحداث في سوريا؛ حيث أعلن الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، عن معارضة بلاده لأي قرار يدين سوريا، أو يدعو إلى استخدام القوة العسكرية ضدها كما في ليبيا، في مجلس الأمن الدولي.
اتجاهات الرأي في الصحف الإسرائيلية في هذا القضية كانت تتجه إلى إدانة الجرائم التي يرتكبها الرئيس السوري، بشار الأسد، ضد مواطنيه، ولكن من بين التعليقات اللافتة التي وردت في مواقف وآراء هذه الصحف هو ذلك الذي ورد في افتتاحية صحيفة "المعاريف" يوم الأحد التاسع عشر من يونيو.
فقد قالت الصحيفة في مستهل مقالها الافتتاحي الذي عنونته: "يلقون جثث المتظاهرين على شاطئ اللاذقية": "مع العنف الذي يُمارسه نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد على مواطني سوريا، تتساءل وسائل الإعلام العربية في الوقت الراهن كيف اتفق أن الحكام العرب يغضون النظر ويصمتون عما يُرتكب بحق الأبرياء من ظلم، في الوقت الذي تسعى فيه الدول الأوروبية والولايات المتحدة إلى فرض عقوبات ضد نظام بشار الأسد".
وفي حقيقة الأمر لا أحد يدري الإجابة على هذا السؤال؛ إلا أن المسالة مخجلة حقًّا، خصوصًا إذا ما جاء هذا التنويه من جانب طرف ينتمي إلى العدو الصهيوني.
وتضيف المعاريف في افتتاحيتها المُذِلَّة هذه قائلةً: "بالمقابل، فإن رئيس وزراء تركيا، رجب طيب أردوغان، الذي تقرب جدًّا من الأسد في السنوات الأخيرة، حظي بثناء شديد بعد أن اجتاز الخط الذي توقفت عنده باقي الدول العربية، واتخذ موقفًا فاعلاً حيال ما يجري لدى جارته الجنوبية".
وتزداد مرارة القارئ العربي لمواقف الصحف الإسرائيلية في هذا الجانب، عندما يقرأ ما كتبته اليديعوت أحرونوت، في أحد تقاريرها الإخبارية، عن الوضع في سوريا، تنتقد فيه وعود الرئيس السوري، بشار الأسد، بتطبيق حزمة إصلاحات، بينما قواته تواصل القمع الدموي للمحتجين!!
ملفات فلسطينية شائكة!!
وننتقل إلى القضية الفلسطينية، والتي اهتمت الصحف الإسرائيلية في تغطياتها الإخبارية واتجاهات الرأي فيها بالتعثر الحالي الموجود في موضوع تبادل الأسرى بين "إسرائيل" و"حركة حماس" بعد عودة مصر إلى رعايته.
اليديعوت أحرونوت قالت: "إن حماس تنتظر الموقف المصري لتحديد موقفها إزاء صفقة التبادل المقترحة، وتنقل عن الدكتور موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، قوله: "إن الحركة تنتظر تحركًا مصريًّا لدفع الأمور قدمًا فيما يخص قضية التبادل".
وتشير الصحيفة إلى أن مصر تولت الملف مرة أخرى بعد فشل المسعى الألماني لإتمام الصفقة.
وكانت القاهرة قد وجهت على لسان مسؤول أمني رفيع المستوى، يبدو أنه من فريق جهاز المخابرات العامة، الذي يتولى ملف الأسرى، انتقادات حادة، بسبب ما وصفه بالمماطلة الإسرائيلية في إتمام صفقة التبادل.
هذا هو ما ذكرته الهآرتس" الإسرائيلية، في عددها الصادر الأحد 19 يونيو، وتضيف عليه قول المصدر المصري، الذي لم تذكر اسمه: "السلوك الإسرائيلي، وممارسات المبعوث الإسرائيلي الجديد، ديفيد ميدان، من الممكن أن يؤديا إلى تفجر المحادثات، واختفاء جلعاد شاليط".
وفي ملف فلسطيني آخر، اهتمت الصحف الإسرائيلية بالتفاعلات الراهنة لقضية المسعى الفلسطيني للتقدم إلى مجلس الأمن الدولي لنيل اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967م.
وكان أبرز ما اهتمت به الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية في هذا المجال، تصريح رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يوم الثلاثاء الرابع عشر من يونيو، من أنه يعمل على تجنيد ما بين 30 إلى 50 دولة، تعارض الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، من بين 192 دولة عضوة في المنظمة الدولية، وذلك خلال لقاء جمع بين نتنياهو ورئيس البرلمان الأوروبي، البروفيسور جيرزي بوزيك.
ملف الدولة الفلسطينية أيضًا ارتبط بتصريحات ومواقف لرئيس دولة الكيان الصهيوني، شيمون بيريز، الذي أكد أولاً على ضرورة استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين "بصورة عاجلة"، كما أنه عبر عن مخاوفه من أن عدم الوصول إلى حل تفاوضي مع الفلسطينيين أساسه حل الدولتين، يهدد مصير الدولة الإسرائيلية، كما نقلت الهآرتس عنه يوم السبت الثامن عشر من يونيو.
ونقلت الهآرتس أن بيريز قال خلال الاحتفال بمرور أربعة أعوام على انتخابه رئيسًا لإسرائيل: "إن الأجواء في مكتبه "محبطة وقلقة على مصير دولة إسرائيل في ظل الجمود السياسي الراهن"، وأضاف: إن لديه "توقعات صعبة وقلقة بشأن مصير إسرائيل"، وأوضح بالقول: "أنا قلق من إمكانية نشوء دولة ثنائية القومية.. نحن على وشك الاصطدام بحائط، فنحن نتجه بسرعة كبيرة إلى حالة سنخسر فيها وجود إسرائيل كدولة يهودية".
اللافت للنظر أن هذه المخاوف التي عبر عنه بيريز حول مصير دولة الكيان الصهيوني ليست قاصرةً عليه، أو هواجس خاصة به، فقد كان هناك حالة عامة من الغضب لدى كتاب الرأي الإسرائيليين من تعنت رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في مسألة الحدود واللاجئين، وطالبه أكثر من كاتب ومحلل إسرائيلي بالعمل على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، "قبل أن يفرضها العالم على إسرائيل"، بحسب خبراء قانونيين إسرائيليين ومسؤولين في الجيش في الهآرتس واليديعوت.
ومن بين ما نشرته اليديعوت أحرونوت في هذا يوم الثاني عشر من يونيو مقالة شديدة الأهمية، كتبها روبي سيبل، المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، والخبير في القانون الدولي والسفير الإسرائيلي السابق لدى الاتحاد الأوروبي وألمانيا، آفي بريمور، طالبًا فيه نتنياهو بعدم اعتراض مشروع الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة؛ "لأن لديها بالفعل دعمًا دوليًا"، واعتراض المشروع في مجلس الأمن أو الجمعية العامة يعني المزيد من الإدانة الدولية لإسرائيل، التي تدهورت صورتها في أوروبا بالفعل.
كذلك طالب جدعون ليفي في الهآرتس يوم 19 يونيو بترك قافلة أسطول الحرية الثاني تذهب إلى قطاع غزة، ومدعاة طلب ليفي هذا هو أن إسرائيل سوف تتورط في مأزق قانوني وإنساني لو أصرت على منع القافلة من الوصول إلى قطاع غزة بالقوة العسكرية.
وقال في مقاله عبارة لافتة جدًّا، وجهها إلى "من سيصدون القافلة البحرية"، وقال فيها: "تصرفوا ولو هذه المرة بحكمة بحسب القانون الدولي والعدل البسيط.. يجوز لهؤلاء الناس أن يبلغوا غزة، ولا يجوز لإسرائيل أن تمنع ذلك".
مشكلة "الجبنة"!!
ونختم التقرير كما تعودنا بملف غير سياسي، ويحمل الكثير من الطرافة، وهو الجدال الدائر في "إسرائيل" حاليًا حول الجبنة ومنتجات الألبان؛ حيث قام عدد من نشطاء الفيس بوك بحملة لمقاطعة الأجبان الإسرائيلية، بسبب ارتفاع الأسعار، وهو ما استتبع قيام أصحاب الشركات الثلاث الإسرائيلية الرئيسية المنتجة للجبن، بمطالبة الحكومة بفض هذه المقاطعة الشاملة التي أضرت بمصالحهم.
إلا أنه، وبحسب الهآرتس؛ فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية يتجه إلى فتح باب الاستيراد أمام منتجات الألبان الأجنبية، سعيًا لتخفيض الأسعار.
وإجمالاً، فإننا نرصد عودة الأمور الاقتصادية بالفعل إلى واجهة الاهتمام في الإعلام الإسرائيلي؛ حيث أعلن رئيس حزب العمل الجديد، عمير بيرتس، عن برنامجه الذي من المفترض أنه سيشكل سياساته خلال الفترة المقبلة.
وقالت اليديعوت أحرونوت: "إنه على رأس أجندة بيرتس الذي شغل في الماضي منصب وزير الحرب، قضية استعادة دولة الرفاه في إسرائيل، وحماية متوسطي الدخل، في مواجهة سياسات الحكومات اليمينية التي حكمت "إسرائيل" في السنوات الأخيرة، والتي اتهمها بيرتس بأنها تعمل لصالح الأثرياء في المجتمع الإسرائيلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار