الاثنين، 8 أغسطس 2011

الشارع الإسرائيلي يضع حكومة نتنياهو على حافة الانهيار

بقلم محسن هاشم
اهتمت الصحافة ووسائل الإعلام في "إسرائيل" في الآونة الأخيرة بقضايا داخلية نوعية لم يسبق لها وأن انشغلت بها في خضم القضايا والملفات الأمنية والسياسية التقليدية التي دأب الإعلام الإسرائيلي على التركيز عليها،
وذلك لارتباطها على الأغلب بقضية الوجود والبقاء.
فقبل أيام اندلعت في "إسرائيل" سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية بسبب ارتفاع أسعار الوقود والمساكن، وسوء السياسات الحكومية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما كان أولاً أمرًا مستغربًا في ظل مستويات الدخل الفردي السنوية العالية في "إسرائيل"، والتي تعتبر من أعلى المعدلات في العالم، وثانيًا فتَح مجالاً واسعًا للحديث عن قضايا مثل العدالة الاجتماعية والسياسية، في بلد من المفترض أنه الأكثر ثراء وتقدمًا في الناحيتين السياسية والاقتصادية في إقليمه.
ومن خلال متابعة ما تكتبه أقلام كبار الكتاب الإسرائيليين، ومن بينهم كتاب من وزن جدعون ليفي؛ فإننا ندرك أن "إسرائيل" قد استفاقت على كابوس مخيف، أكثر رعبًا من مجرد الحديث عن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا؛ حيث المشكلة هذه المرة تشير إلى أن الحلم الإسرائيلي ببناء مجتمع الرفاه الاقتصادي والاجتماعي قد سقط سقوطًا ذريعًا تحت أقدام أكثر من 150 ألف متظاهر، وتم لفه في أكفان خيام المعتصمين في شوارع تل ونهاريا!!
كذلك كان هناك مصدر قلق كبير آخر لدى الصهاينة في الآونة الأخيرة، وهي الاستقالة الجماعية التي تقدمت بها قيادات الجيش التركي إلى رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، وهو ما سوف يسمح لأردوغان بوضع قيادات عسكرية أكثر قربًا من الحكومة على رأس المؤسسة العسكرية التي كانت تُعتبر صديق "إسرائيل" الوحيد في تركيا بعد انقلاب الحكومة والرأي العام في هذا البلد العربي المسلم على الكيان الصهيوني، بسبب جرائمه في غزة، وضد أسطول الحرية الأول في مايو 2010م.
الشعب يريد.. في إسرائيل!!
كان هتاف "الشعب يريد..." هو أحد الأيقونات الأهم في حراك الثورة المصرية والثورات الحالية التي تجتاح العديد من البلدان العربية في ربيعها الحالي، حتى ولو كان صيفها ملتهبًا، فهو بلا فساد أو استبداد.
المهم أن هذا الشعار الآن صار أحد مفردات الحياة العامة في "إسرائيل"، وذلك في تأثير تجاوز بالمطلق تخيل أيٍّ من المراقبين والمتابعين لتداعيات الثورات في مصر والعالم العربي على "إسرائيل"؛ حيث ظن الجميع أن التأثير سو ف يقتصر على الجوانب المتعلقة بالنواحي الأمنية، والعلاقات ما بين إسرائيل وبين مصر وغيرها من البلدان العربية.
ولنأخذ على ذلك نموذجًا لكاتب من أهم الكتاب في إسرائيل، وهو ناحوم برنياع، الذي كتب في اليديعوت أحرونوت مقالاً بعنوان "الشعب يريد عدالة اجتماعية وسياسية"، قال فيه: "إن أكبر إنجاز لحركة الاحتجاج هو دوامها، ففي دولة فتيل صبرها قصير بصورة مؤلمة، نتوقع أن نرى نتائج في بث حي، في الحال بعد الدعايات فإن قدرة هذه الحركة على أن تخرج الى الشارع جموعًا بالسبت الثاني مدهشة جدًّا".
وأضاف: "إن النواة الصلبة من المتظاهرين لم تعد إلى البيت؛ بل عادت إلى أحياء الخيام التي أُقيمت في مواقع مختلفة في البلاد، ومن هناك ستستمر على العمل والتثوير، وأن تقف مثل الشوكة في حلق الحكومة الإسرائيلية".
ويصف المشهد في "إسرائيل" يوم السبت الفائت، فيقول: "إذا جمعنا المظاهرات أمس؛ فقد كانت من المظاهرات الكبرى في تاريخ الدولة، كانت المظاهرات في الماضي من أجل أرض إسرائيل، أو السلام، أو إخفاقات في الحرب، ولكن من كان يصدق أن مائة وخمسين ألف إسرائيلي سيجهدون أنفسهم في الخروج إلى الشوارع من أجل إصلاحات اجتماعية".
ويستطرد: "(الشعب يريد عدالة اجتماعية).. هكذا صرخ المتظاهرون مرة بعد أخرى- ويبدو أن هذا المصطلح، وهو عام وغير ملزم كما هو، يمثل مشاعر أجزاء كبيرة جدًّا من الشعب، فقد توقع منظمو المظاهرة في القدس ألفي متظاهر، فأتى أكثر من عشرة آلاف".
وكان جزء من الشعارات التي رفعها المظاهرون، بحسب برنياع، "متطرفًا"، فقد دعت بعضها إلى ثورة اجتماعية في "إسرائيل"، وإلى تغيير عميق في ترتيب أفضليات الحكومة والمجتمع.
أما جدعون ليفي، فقد كتب مقالاً في الهآرتس بعنوان: لا يُوجد أية إمكانية لسوء الفهم فيه، وهو: "ابقوا في الخيام"(!!)، قال فيه ليفي: "إن الخطاب العام استيقظ من نومه، فثمة كلام وثمة برنامج عمل، وهاتان الظاهرتان جديدتان في سماء حياتنا، وهناك شباب لم يعودوا يكتفون بالسخافات، لقد استيقظ الشعب فجأة في الصباح، وشعر بأنه إنسان، إنسان جدًّا، وبدأ يسير".
ويضيف ليفي: "إن الاحتجاج نقل مركز القوة من الساسة إلى الجمهور، الذي يتحدث الآن، ربما لأول مرة بمصطلحات الفرد والمجتمع؛ لا بمصطلحات الدولة والجيش، ولا تستهينوا بهذا، وقد نقل مركز القوة أيضًا من جماعات الأقلية ذات القوة إلى الأكثرية التي كانت صامتة حتى الآن".
أردوغان.. أتاتورك الجديد!!
افتتاحية الهآرتس المنشورة يوم الأحد 31 يوليو، جاءت بعنوان: "أتاتورك الحديث.. عهد جديد في تركيا"، وتناولت فيها تبعات استقالة قيادات الجيش التركي على الأوضاع السياسية العامة في تركيا، مع مساس ذلك بالاتجاهات العامة للعلاقات ما بين الدولة العبرية وأنقرة.
وكان كل من رئيس الأركان التركي، الجنرال إيشيك كوشانير، وقائد القوات البرية، الجنرال آردال جيلان أوغلو، وقائد القوات الجوية، حسن أكساي، وقائد القوات البحرية، الأميرال أشرف أوغور ياقيت، قد تقدموا باستقالاتهم من مناصبهم قبل بضعة أيام، على خلفية خلاف مع رئيس الحكومة، أردوغان، بسبب استمرار اعتقال أكثر من 160 من العسكريين السابقين والحاليين في قضية تنظيم "أرجينيكون" الانقلابي.
وتقرأ الهآرتس أولاً دلالات هذا الأمر السياسية في تركيا، فتقول: "لأول مرة في التاريخ الحديث لتركيا تكون القيادة العسكرية هي التي تستقيل بسبب خلاف مع الحكومة، وليس الحكومة هي التي تُزاح".وتضيف الصحيفة قائلةً: "أردوغان الذي حظي بأغلبية جارفة في الانتخابات العامة الأخيرة، وينوي القيام بإصلاحات دستورية حظيت بتأييد الأغلبية بين الجمهور في استفتاء شعبي، يستكمل سيطرته على الجيش أيضًا، وهذا يجعله "أتاتورك الحديث"، مثل مؤسس تركيا العلمانية؛ حيث يسيطر من خلال نظام حزب واحد لا معارضة حقيقية له".
سموم أمريكية!!
وفي موضوع آخر، نشرت الهآرتس الإسرائيلية مقابلة يوم السبت الماضي مع نيوت جينجريتش، السياسي الجمهوري المخضرم، الذي أعلن اعتزامه الترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية، قال فيها: "إن انسحاب "إسرائيل" إلى حدود الـ67 هو بمثابة "انتحار".
وشن جينجريتش هجومًا حادًّا على الفلسطينيين وحركة حماس وعلى الإسلام السياسي(!!)، فنجده يقول: "إن الكثير من المحافظين الأمريكيين يرون أن أمن الولايات المتحدة و"إسرائيل" يواجهان التهديد نفسه"، وقال: إنه يعتقد أنه كان من الأفضل لإسرائيل أن يكون إجماع على أن بقاء الولايات المتحدة لا ينفصل عن بقاء "إسرائيل"، وأن "إسرائيل" هي قضية غير حزبية.
وقال أيضًا: "الإسلام المتطرف معادٍ للسامية منذ سنوات العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، قبل قيام إسرائيل"، وأضاف: "العداء لليهود في فلسطين كان غير عادي".
ووصف حركة "حماس" بأنها مثل الاتحاد السوفيتي السابق "إمبراطورية شر"، بسبب ما قال إنها تصرح به علانية، وتكرره في كافة وسائل الإعلام الممكنة، من أن هدفها هو "قتل اليهود، والقضاء على إسرائيل" بحسب قوله.
كما رفض فكرة إخلاء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، وقال: إن ذلك يسمح للفلسطينيين بالمزيد من المطالب!!
وأضاف واصفًا الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل بأنه لا يرى الصراع سياسيًّا، وإنما هو "صراع هوية أكثر منه سياسيًّا"!
المأزق الأمريكي!
آلون بنحاس كتب في المعاريف، في الأخير من شهر يوليو، مقالاً بعنوان "اليوم التالي للفيتو"، حول المأزق الأمريكي فيما يخص كيفية التعامل مع المسعى الفلسطيني للتقدم إلى مجلس الأمن الدولي؛ للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو من العام 1967م.
فيشير فيه إلى عدم وضوح الرؤية الأمريكية في هذا الجانب، وأن أيًّا من البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأمريكية لا يوجد لديه أية خطط للتعامل مع تبعات هذا الموقف في حال استخدام الولايات المتحدة لحق النقض "الفيتو" داخل مجلس الأمن.
ويقول بنحاس: "ليس لدى أحد في واشنطن شك في أنه ليس لدى الإدارة الأمريكية فكرة عما ينبغي عمله بعد لحظة، يوم، أسبوع أو شهر من استخدام الفيتو، الإدارة على علم جيد بمعنى استخدام الفيتو، من جهة الولايات المتحدة معنية بالمفاوضات، وبـ"مسيرة" سياسية، وترى أنه لا تُوجد أية جدوى من التوجه الفلسطيني أحادي الجانب إلى الأمم المتحدة".
ويضيف بنحاس قائلاً: "المشكلة هي أن لدى الفلسطينيين توجهًا إلى الأمم المتحدة أطلق بالفعل إلى فضاء العالم، ولإقناعهم بالتراجع عن هذا التوجه لطلب الاعتراف بدولة؛ فانه على البديل الأمريكي الأوروبي أن يكون مغريًا لدرجة أن حكومة (رئيس الوزراء الإسرائييلي بنيامين) نتنياهو لا يمكن لها أن تقبله، وعندها فإن الأمريكيين سيستخدمون مرة أخرى الفيتو على اقتراحهم أنفسهم"، في إشارة إلى التأييد الأمريكي المطلق لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.
مناورات أمريكية إسرائيلية
ولازلنا في إطار العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، فقد ذكرت الجيروزاليم بوست الإسرائيلية، في عددها الصادر يوم السادس والعشرين من يوليو، أن الولايات المتحدة وإسرائيل قررتا إجراء مناورات عسكرية مشتركة في بداية العام المقبل 2012م، وذكرت الصحيفة أن المناورات العسكرية المشتركة التي وصفتها بالكبيرة تحمل اسم "جونيبر كوبرا".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المناورات تأتي على خلفية مخاوف مشتركة بين واشنطن وتل أبيب من المساعي الإيرانية لامتلاك سلاح نووي، وقالت: إن المناورة تستهدف بالأساس التنسيق بين الأنظمة الدفاعية الأمريكية الإسرائيلية.
وسوف تشارك في هذه المناورات وحدات من منظومات الدرع الصاروخية "السهم 2"، و"القبة الحديدية" الإسرائيلية، ومنظومة "ثاد" الأمريكية، كما سيستخدم نظام الدفاع الصاروخي الباليستي "إيجس" البحري.
نتنياهو في مأزق!!
يوم الخامس والعشرين من يوليو نشرت اليديعوت أحرونوت تقريرًا في موقعها على شبكة الإنترنت قالت فيه: "إن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يواجه خطر انهيار حكومته، ودخول انتخابات مبكرة، وقالت: إن الحكومة في بداية مرحلة تفكك، مشيرة إلى أن وزراء نتنياهو بدأوا يشتمون رائحة انتخابات قريبة، "وعليه فهم لا يترددون في شن الهجوم عليه"، كما تقول.
وقالت: "إن كل شيء بدأ ينهار حول نتنياهو، وأن زمام الأمور بدأ يفلت من يده، وبات أعضاء حكومته وكتلته لا يخشون منه، مشيرة إلى أنهم "يرون الغضب في الشارع، ويقرءون العناوين، ويفحصون الاستطلاعات، ويشتمون رائحة "الدم" (في إشارة إلى الانتخابات)، ويوجهون الانتقادات ويسخرون".
وتضيف اليديعوت قائلة: "لقد بدأ موسم الانتخابات التمهيدية في الليكود، وليس من المستبعد أن تكون المعركة الانتخابية القادمة قد بدأت".
وأخيرًا، وفي خبر طريف نشرت صحيفة "إسرائيل هايوم"، أو "إسرائيل اليوم"، يوم 25 يوليو، تقريرًا تحت عنوان: "القاتل يُغدق الثناء على إسرائيل"، قالت فيه: "إن النرويجي، أندروز برايبيك، الذي نفذ المذبحة الأخيرة التي راح ضحيتها 75 شخصًا في العاصمة النرويجية أوسلو، يؤيد إسرائيل، وقال: إنه يُكنّ كراهية شديدة للعرب والمسلمين، وخصوصًا عرب 48"!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار