الأحد، 14 أغسطس 2011

تناقض إسرائيلي حول قصة جاسوس الموساد بمصر

بقلم محسن هاشم
يبدو أن الخسائر الإسرائيلية لن تتوقف عند ربيع الثورات الحالي في عالمنا العربي؛ والذي جعل إسرائيل تفتقد الكثير من حلفاء الأمس في القاهرة وتونس، وفي دمشق أيضًا؛ حيث إن الخسائر الإسرائيلية امتدت لتشمل تركيا أيضًا.
كما يبدو أن الحرائق الإسرائيلية لم تتوقف عند حد ما يجري على الجوانب المختلفة للحدود، كما في مصر وسوريا والأردن؛ حيث امتدت هذه الحرائق لتشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما ينذر بحريق قد يمتد إلى داخل إسرائيل نفسها؛ حيث أقدم المستوطنون في الضفة الغربية الأسبوع الفائت على إحراق مسجد بلدة المغير الكبير.
كما أن الاقتحامات الأخيرة المتكررة من جانب المستوطنين الصهاينة للمسجد الأقصى، خلال ذكرى احتلال القدس الشرقية وما يعرف بعيد نزول التوراة اليهودي، قد أدت إلى الكثير من الاحتقانات لدى المقدسيين العرب، ولدى الفلسطينيين عمومًا، بشكل يُنذر بوقوع مواجهات أعنف ما بين الطرفين من تلك التي جرت خلال الأيام الماضية.
اللافت أن الصحف الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضي لم تعط اهتمامًا كبيرًا لموضوع أسطول الحرية الثاني، بالرغم من اقتراب موعد إقلاعه في طريقه إلى قطاع غزة، فباستناء بعض التقارير التي تناولت أن إسرائيل تبذل بعض الجهود الدبلوماسية من أجل حمل الدول التي سوف تنطلق سفن الأسطول منها على منع انطلاقته.
الاهتمام الأكيد للصحف الإسرائيلية في الوقت الراهن هو المصالحة، وكذلك المسعى الفلسطيني للتوجه لمجلس الأمن الدولي في سبتمبر المقبل، للحصول على اعتراف من جانب الأمم المتحدة بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967م.
يضاف إلى ذلك المتابعات الإخبارية والمقالات التي ملأت الأعداد الصادرة يوم الإثنين الثالث عشر من يونيو حول القضية التي فجرتها مصر بالإعلان عن اعتقال ضابط في جهاز الموساد الإسرائيلي يدعى إيلان جابرييل، بتهمة التجسس، ومحاولة إشعال الفتنة في مصر خلال أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير، وما بعد جمعة الغضب 28 يناير.
الخارجية تنفي والصحف تؤكد
في البداية امتلأت الصحف الإسرائيلية خلال الأسبوع المنصرم بعدد يؤكد الأخبار التي أعلنتها القاهرة أمس حول الضابط الإسرائيلي المعتقل من أنه كان متواجدًا في مصر في فترة ثورة يناير، وكان يتنكر في أكثر من مظهر، بينها عالم أزهري، وأخرى كرجل بدوي، وذلك من أجل تغطية وقائع التطورات التي شهدتها مصر في تلك الفترة.
المتابع للتفاصيل الواردة في الصحف الإسرائيلية حول الجاسوس الإسرائيلي يكشف مجموعة من التناقض الدال على عدم المصداقية في التناول، حيث نرصد في بيان الخارجية الإسرائيلية (12/6/2011)، أنها لا تعلم إن كان أحد مواطنيها قد اعتقل في مصر، أو أنه كان في مصر من الأساس!!
فيما جاءت "المعاريف" لتكذب الخارجية الإسرائيلية فيما أذاعته، ونشرت تقريرًا تحت عنوان "الشاب القادم من الولايات المتحدة"، أكدت فيه على المعلومات التي ذكرتها الصحف المصرية نقلاً عن النيابة العامة والمخابرات العامة المصريَّتَيْن.
أما الـ"هآرتس" فقد نشرت الحوار الذي كانت قد أجرته معه في العام 2006م، بعد إصابته في عدوان الصيف على لبنان، ما بين يوليو وأغسطس من ذلك العام، فيما كانت الـ"يديعوت أحرونوت" أكثر حذرًا؛ فنشرت المعلومات الخاصة به، باعتبار أن ذلك الشخص "يبدو أنه هو ذلك الذي اعتقلته السلطات المصرية بتهمة التجسس"!!
وأجمعت الصحف الإسرائيلية الثلاثة على ذات المعلومات المتعلقة بجابرييل؛ من أنه يبلغ من العمر 23 عامًا، وأنه درس في جامعة بن جوريون في بئر السبع لعام دراسي واحد، قبل أن يقرر الانخراط في صفوف الجيش الإسرائيلي؛ ثم هاجر إلى الولايات قبل ثلاث سنوات من الحرب على لبنان، قبل أن يعود ليشارك في الحرب.
كبح جماح الحصان!!
في ملف آخر اهتمت الصحف الإسرائيلية بالانتخابات التركية، وبينما رأت صحفة "إسرائيل اليوم" أن معاناة إسرائيل سوف تزداد بالفوز الذي حققه حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي، بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، في الانتخابات العامة التي جرت في تركيا خلال هذا الأسبوع؛ فإن الـ"معاريف" تناولت الموضوع من زاوية أخرى، وهي أنه برغم الفوز الذي حققه أردوغان وحزبه في الانتخابات؛ إلا أن أردوغان لم يحقق النسبة التي كان يصبو إليها.
وتحت عنوان "كبح جماح الحصان"، نشرت الصحيفة تحليلاً إخباريًّا بقلم ماتان دروري، قالت فيه: إن حصول حزب أردوغان على ما يزيد قليلاً عن نصف عدد مقاعد البرلمان التركي، يعني أنه لن يكون بمقدوره تحقيق هدفه الأهم، وهو تعديل الدستور من أجل التقليص من مظاهر علمانية الدولة الموجودة في الدستور الحالي.
ضغوط؟!
الـ"هآرتس" الإسرائيلية، وكذلك اليديعوت تناولتا في أكثر من تقرير ومقال مسألة ما وصفتاه بـ"الضغوط" الأمريكية على رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، بنيامين نتنياهو، من أجل قبول مبدأ التفاوض مع الفلسطينيين على حدود الـ67 مع إمكانية تبادل للأراضي، وهو ما يرفضه نتنياهو؛ حيث يصر على مبدأ الاحتفاظ بالقدس الشرقية وغور الأردن ومستوطناتها الكبرى.
وفي حقيقة الأمر؛ فإن هناك الكثير من التساؤلات حول حقيقة هذه الضغوط، ومدى جدية الولايات المتحدة فيها بعد تراجع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عن مبادرته التي أيد فيها دولة فلسطينية على حدود الـ67، مع إمكانية تبادل للأراضي بعد ضغوط من نتنياهو ومن اللوبي اليهودي الأمريكي.
المهم أن الـ"هآرتس" نشرت خبرًا طريفًا يوم الأحد عن "حقيقة" موقف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، من خيارات الدولة الفلسطينية؛ حيث أكد أنه يفضل خيار المفاوضات "كأولوية أولى وثانية وثالثة" على خيار الذهاب إلى الأمم المتحدة، أو إعلان قيام دولة فلسطينية بشكل منفرد، و"برر" ذلك بأنه فقط لا يجد أن إسرائيل جادة في موضوع التفاوض هذا!!
إلا أن مسار الحديث في إسرائيل يميل إلى انتقاد نتنياهو في موقفه هذا؛ حيث نشرت الهآرتس تحقيقًا مع عدد من القانونيين والدبلوماسيين الإسرائيليين دعوا فيه نتنياهو إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولكن مع قبول مبدأ خيار تبادل الأراضي، والاتفاق مع الفلسطينيين على الأمور الأمنية، وذلك لأن مشروع الدولة الفلسطينية يحظى بتأييد دولي، وهو ما سيخلق مشكلة لإسرائيل لو رفضت الاعتراف بالوضع القائم.
حماس.. خارج السيطرة!!
حماس خارج السيطرة الإسرائيلية، هذا هو ما نخلص إليه من تقرير نشرته صحيفة "كالكليست" نقلت فيه معلومات لمركز بيريز للسلام قال: "إن إسرائيل فشلت في الحد من قوة حركة حماس المالية، مع ظهور تقديرات تشير إلى ارتفاع مستوى تمويلات الحركة من 40 مليون دولار سنة 2006م، إلى مستوى 500 مليونًا دولار في العام 2010م".
النقطة الأهم في هذا التقرير أن هذه التمويلات، التي جاءت أساسًا بسبب ما أطلق عليه المركز اسم "اقتصاد الأنفاق"، تم توجيهها لدعم أمور تنظيمية وتسليحية خاصة بالحركة، ولم يقتصر أثرها على الجانب الاقتصادي فحسب في قطاع غزة.
الأزمة في سوريا
من بين الملفات التي اهتمت بها الصحافة الإسرائيلية خلال الأسبوع المنصرم أيضًا: ملف الأوضاع في سوريا، وللغرابة أنها اهتمت من منطق متابعة مصير نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، باعتبار أن زواله من دمشق يهدد "هدوءًا مضمونًا"- بحسب تعبير "المعاريف" وغيرها من الصحف الإسرائيلية- كان قائمًا لما يقرب من أربعين عامًا على الحدود الشمالية الشرقية لإسرائيل.
اللافت أيضًا أن تغطيات الصحافة الإسيرائيلية للأوضاع في سوريا ربطت بين سوريا وتركيا من زاويتين، الأولى، وهي كانت موضع اهتمام اليديعوت والمعاريف أساسًا، بمسألة اللاجئين السوريين داخل الحدود التركية، والذين كسروا حاجز الخمسة آلاف، والثانية المتعلقة بموقف حكومة أردوغان بعد الفوز الأخير الذي حققه في الانتخابات العامة، وما إذا كان سوف يدفعه إلى المزيد من التدخل السياسي، وربما العسكري من أجل الحد من ممارسات نظام بشار الأسد في حق المواطنين السنة في سوريا.
من الداخل الإسرائيلي
بعيدًا عن السياسة نقلت الـ"معاريف" نبأ اعتصام الممرضات الإسرائيليات، بسبب تخفيض حجم العمالة في الأقسام الداخلية في المستشفيات، وكذلك خبر عن مشروع تأسيس مجلس للأمن الغذائي في إسرائيل.
كما اهتمت الصحف الإسرائيلية بنبأ الحكم على روني رون بالسجن مدى الحياة من محكمة بتاح تكفاه الجزئية، بسبب قيامة بقتل ابنتيه الصغيرتين، ورمي جثتيهما في نهر اليركون.
وفي الأخير، نورد خبرًا "شديد الأهمية" نقلته صحيفة الـ"هآرتس"، في عدد الاثنين 13-6، وأهميته تأتي من كونه منشورًا في الصفحة الرئيسية للصحيفة في الأخبار الرئيسية المصورة، والخبر ينتقد بشدة قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلية في الضفة الغربية باستخدام العنف خلال عملية اعتقال.
الجدير ذكره أن الاعتقال لم يكن من نصيب شاب فلسطيني؛ وإلا لم يكن هناك داع للانتقاد، أو للاهتمام بالخبر؛ وإنما كان ذلك بسبب أن المعتقل كان شابًا يهوديًّا يُدعى لوكاس، من ولاية فيلادلفيا الأمريكية!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار