الأحد، 10 يوليو 2011

استمرار "القلق الوجودي فى اسرائيل

بقلم محسن هاشم
"هناك حالة من القلق العام في إسرائيل".. هذا هو ما يمكن استخلاصه من خلال قراءة في أبرز عناوين الأخبار والتقارير واتجاهات الرأي من مقالات وتحليلات حفلت بها الصحف الإسرائيلية خلال الأسبوع المنصرم، والتي
تناولت، كالعادة، في هذه الفترة العصيبة من تاريخ كيان الدولة العبرية، الكثير من القضايا المتنوعة سياسية واقتصادية واجتماعية.
فبجانب القضايا "المثيرة للقلق الوجودي" لدى إسرائيل، وهو موجود دائمًا منذ مذبحة قلعة مِسعدة أو المَساداة بالعبرية قبل ما يقرب من ألفي عام؛ فإن نبرة الخطاب ذاتها تعكس الكثير والكثير مما يدور في العقول من أفكار سوداء، وفي القلوب من خوف غير مبهم من المستقبل القريب، ألا يحمل ما يثير التفاؤل لدى الكيان الصهيوني ومشروعه الإقليمي.
ويدعم هذا التوجه طريقة تناول الصحف الإسرائيلية للعديد من القضايا البسيطة في الغالب في أي مجتمع، مثل أزمة إضراب شرائح عريضة من الإسرائيليين عن استهلاك الجبن المحلي الصنع، فهذه القضية العادية للغاية في أي بلد طبيعي، أثارت الكثير من القلق داخل المجتمع الإسرائيلي لدرجة أن كبار منتجي الأجبان في إسرائيل ذهبوا إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لعلاج المشكلة!
وبطبيعة الحال فقد سيطرت القضايا المرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي على اهتمامات الصحافة الإسرائيلية في الأسبوع الفائت، فمن ملف صفقة تبادل الأسرى في الذكرى الخامسة لأسر الجندي الصهيوني، جلعاد شاليط، على يد المقاومة الفلسطينية، إلى المسعى الفلسطيني لإعلان الدولة من خلال الأمم المتحدة، مرورًا بسوريا وثورتها.
كذلك كان ملف العلاقات الإقليمية أحد أبرز الملفات التي اهتمت بها الصحافة العبرية خلال الأيام القليلة الماضية، مثل العلاقات الإسرائيلية التركية والعلاقات الإيرانية مع دمشق وحزب الله وتطوراتها في السياق الإقليمي العادي، وفي إطار تفاعلات ربيع الثورات العربية الحالي، والذي تحول إلى صيف ساخن ملتهب في ليبيا وسوريا واليمن.
القافلة!!
البداية مع قافلة أسطول الحرية الثاني التي انطلقت بعض سفنها بالفعل من أوروبا متجهةً إلى قطاع غزة، الخبر الرئيسي الذي صدرت به كل من اليديعوت أحرونوت والجيروزاليم بوست صدر صفحاتها الاثنين 27 يونيو، كان عن الأوامر التي أصدرتها الحكومة الإسرائيلية للقوات البحرية باعتراض أية سفينة تقترب من سواحل قطاع غزة.
الصحف الإسرائيلية كافة اهتمت بهذه المسألة من مختلف زواياها، فالمعاريف والهآرتس ركزتا على جزئية أن الأسطول بدأ يفقد زخمه، واستندتا في ذلك إلى إعلان المؤسسة التركية للإغاثة الإنسانية، التي تعتبر الشريك الرئيس في تنظيم أسطول الحرية الثاني، عن أن السفينة "مرمرة" التي تعرضت لجريمة اعتداء من جانب إسرائيل خلال حملة أسطول الحرية الأول في مايو الماضي، لن تكون ضمن الأسطول
كذلك أعلنت شركتان من شركات التأمين الأوروبية على الأسطول سحبها لتأمينها على سفن تابعة له، وذلك في إطار الضغوط الإسرائيلية، كما اهتمت الصحف الإسرائيلية كافة بإبراز خبر التحذير الذي وجهته الخارجية الأمريكية إلى مواطنيها من السفر على سفن الأسطول المتجهة إلى قطاع غزة، وهو ما يشير إلى أن واشنطن على علم بأن إسرائيل سوف تقوم بعمل عسكري عدائي ضد الأسطول، أكثر مما يعكس موقفًا سياسيًّا أمريكيًّا منه.
الطريف أن الهآرتس أعلنت أن محررتها السياسية أميرة هاس، سوف تكون على متن السفينة الأمريكية التي ستغادر إلى قطاع غزة، والتي تشارك فيها الناشطة والكاتبة اليهودية الأمريكية، جين هيرشمان، التي قالت: إنها تشعر بالفخر لمشاركتها في هذه القافلة.
الدولة الفلسطينية
الملف الثاني الذي كان في صدارة الاهتمام هو ملف التوجه الفلسطيني للذهاب إلى الأمم المتحدة من أجل نيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال دورة الجمعية العامة في سبتمبر المقبل.
ومبعث الاهتمام الإسرائيلي في هذا الاتجاه، من خلال اتجاهات الرأي والتحليلات التي تناولت هذه المسألة، هو ارتباط هذا المسعى الفلسطيني، الذي أبلغت الولايات المتحدة السلطة الفلسطينية رسميًّا أنها سوف تستخدم الفيتو ضده في مجلس الأمن، بقضية صورة الدولة العبرية المتدهورة أصلاً في العالم.
كذلك أثار عددٌ من الكتاب الصهاينة قضية مشروعية ومصير المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة في حالة إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد، وفي حقيقة الأمر؛ فإن هاجس الشرعية هذا بات مسيطرًا على الكثير من أقلام الكتاب اليهود الذين يتناولون قضايا الصراع مع الفلسطينيين بوجه عام.
وهو ما دعا اليديعوت أحرونوت إلى نشر افتتاحية بعنوان "أسطورة نزع الشرعية"، ردت فيها على الكثير مما جاء في كتابات كُتاب الرأي والمقالات في الصحف الإسرائيلية في الآونة الأخيرة حول ضرورة اعتراف إسرائيل بالدولة الفلسطينية قبل إقرارها في الأمم المتحدة، وهو ما سوف تمنعه واشنطن، بحسب ما قاله رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أو بشكل منفرد، وهو ما سوف تكون له عواقب سياسية وقانونية وخيمة على إسرائيل.
وينحو الكثير من كتاب الرأي في إسرائيل إلى أن هذا الإعلان المنفرد من جانب الفلسطينيين لدولتهم لو تم ولقي اعترافًا دوليًا؛ فإن إسرائيل ستجد نفسها في حكم دولة احتلال وفق قواعد القانون الدولي العام، وهو ما سوف يطرح أسئلة جمة حول مصير مئات الآلاف من المستوطنين اليهود في الضفة الغربية.
سوريا والمستقبل الغامض!
الأوضاع المتغيرة والمتقلبة في سوريا كانت أحد أعقد وأهم الملفات التي تناولتها الصحافة الإسرائيلية خلال الأسبوع المنصرم على تشعب ارتباطاتها.
فالهآرتس نقلت يوم السبت الماضي 25-6-2011م، عن مصادر دبلوماسية فرنسية وإسرائيلية، أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، الجنرال آفيف كوخافي، قام بزيارة إلى الولايات المتحدة، وأجرى خلالها محادثات مع مسؤولين دبلوماسيين واستخباريين أمريكيين وآخرين من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي حول مخاطر سقوط نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، على إسرائيل!
ومن بين ما طرحه كوخافي في هذا السياق أن تقع أسلحة سوريا غير التقليدية وصواريخها في أيدي حزب الله أو حركة حماس.
كما يرتبط ملف الأوضاع في سوريا بملف آخر مهم بالنسبة لإسرائيل في هذه الآونة، وهو ملف إصلاح العلاقات مع تركيا.
ومن خلال التقارير التي تنشرها الصحف الإسرائيلية الرئيسية ومقالات الرأي لكبار الكتاب فيها؛ فإنه بات من الواضح أن ملف تحسين العلاقات مع تركيا موضوع على رأس أولويات الحكومة الإسرائيلية، إلا أنه يبدو أن هناك خلاف في الحكومة ما بين نتنياهو ووزير خارجيته، أفيجدور ليبرمان، في هذا الجانب؛ حيث تغيب تمامًا وزارة الخارجية الإسرائيلية عن هذه الجهود لتحسين العلاقات، والتي ترعاها الولايات المتحدة.
ويلخص المحلل والكاتب الإسرائيلي، تسفي برئيل، في الهآرتس، يوم 26 يونيو، الموقف في هذا كله في ذهنية صناع القرار في إسرائيل، وخصوصًا فيما يتعلق بدور الأوضاع في سوريا في طرح ملف إصلاح العلاقات ما بين تركيا وإسرائيل.
ويقول برئيل: "دار فلك الشرق الأوسط مرة أخرى نصف دورة، وظهرت فيه فسيفساء جديدة.. إن رسالة التهنئة التي أرسلها بنيامين نتنياهو إلى رئيس حكومة تركيا، رجب طيب أردوغان، لفوز حزبه الكاسح في الانتخابات، جزء واحد فقط من أجزاء الصورة الجديدة".
ويضيف قائلاً: "في السنة الأخيرة، وفي الأسابيع الأخيرة بقدر أكبر، حاول ذوو إرادة خيِّرة من إسرائيل وتركيا الإفضاء إلى إصلاح العلاقات بين الدولتين، وساعدتهم على ذلك الأحداث في سوريا، والتي برَّدت العلاقات بين تركيا وسوريا، وأثارت التفكير من جديد في وزارة الخارجية التركية، وفي مكتب أردوغان، يتعلق بسياسة تركيا في المنطقة".
وبعيدًا عن تركيا؛ فإنه ثمة نقطة أخرى اهتمت بها الصحف الإسرائيلية في الأسبوع الفائت فيما يخص الأوضاع في سوريا، وهي وجود "أدلة" على تورط الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في قمع الاحتجاجات في سوريا، وبالبحث في هذه الأدلة، وُجد أن كل ما تملكه الصحف الإسرائيلية في هذا الجانب يتعلق بمعلومات تشير إلى وجود "ملتحين" في صفوف قوات الأمن والجيش السوريين التي تقمع المتظاهرين.
وقالت الهآرتس: إن الجيش السوري يمنع إطلاق اللحية، وبما أن هناك ملتحين في صفوفه؛ فهذا يعني أن هؤلاء من الحرس الثوري وحزب الله
طبعًا المنطق الإسرائيلي خاطئ بكل تأكيد، فباسل الأسد، الشقيق الأكبر لبشار، والذي قتل في ظروف غامضة في التسعينيات، كان يطلق لحيته وهو طيار في الجيش السوري!!
شاليط
الملف الآخر الذي استحوذ على اهتمام الصحف الإسرائيلية في هذا الأسبوع، هو ملف صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة حماس، ولقد حفلت الصحف الإسرائيلية في الإطار بما يشبه "المناحة" أو "المرثيات" حول الجندي الصهيوني الأسير لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، جلعاد شاليط، في الذكرى الخامسة لأسره.
اليديعوت استحضرت التاريخ وهي تصف المناسبة، فوصفت أسر شاليط بـ"السبي" في إشارة إلى أن الأمر يشبه ما تعرض له اليهود على أيدي البابليين في القرن السابع قبل الميلاد، بينما أبرزت الجيروزاليم بوست والهآرتس الخطاب الذي بعث به ناعوم شاليط، والد جلعاد، إلى رئيس الوزراء، نتنياهو، يحذره فيه من أن الموت ينتظر ابنه ما لم تنجز الحكومة الإسرائيلية صفقة التبادل مع الفلسطينيين.
كما اهتمت الصحف الإسرائيلية بالتصريح الأخير للمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، في العاصمة الألمانية برلين، حول ضرورة إطلاق سراح شاليط.
وفي قضية الأسرى أيضًا أبرزت المعاريف والبوست الإسرائيلية موقف المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية الرافض لما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة في شأن التضييق على الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، ومن بين ذلك حرمانهم من الدراسة.
المعاريف وصحف إسرائيلية أخرى عن قيادات أمنية إسرائيلية، أن ذلك من شأنه عرقلة صفقة التبادل، ودفع الأمور إما إلى مواجهة مع الأسرى، أو إلى انتفاضة ثالثة بسبب ذلك.
الأخبار المتنوعة، نجد أن المعاريف نشرت خبرًا يتعلق باعتقال الحاخام دوف ليئور بالقرب من مستوطنة كريات أربع، والتحقيق معه من جانب السلطات الإسرائيلية فيما يتعلق بتصريحات له أجاز فيها قتل غير اليهود!
بينما أبرزت الجيروزاليم بوست خبرًا يتعلق بتدهور الحالة الصحية للرئيس الفنزويلي، هوجو تشافيز، والذي ذكرت تقارير صحفية أنه يُحتضر، وأكدت الصحيفة الإسرائيلية أن تل أبيب بدأت في التخطيط لمرحلة ما بعد تشافيز في العلاقات مع فنزويلا وأمريكا اللاتينية بوجه عام.
الهآرتس أبرزت لقاء الرئيس الإيراني أحمدي نجاد مع وزير الخارجية اللبناني، عدنان منصور، السبت الماضي، وقالت الصحيفة الإسرائيلية: إن محطة "برس" التلفزيونية الإيرانية ذكرت أن نجاد ووزير الخارجية اللبناني، قد أجريا محادثات مساء السبت على هامش قمة الإرهاب الدولية المنعقدة في طهران، أكدا خلالها على أن إسرائيل "لا تزال تشكل التهديد الرئيس، ومصدر رئيس للإرهاب وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط".
وفيما يخص إيران أيضًا، نشرت الجيروزاليم بوست خبرًا مفاده: أن البرلمان الإيراني قد استدعى نجاد لاستجوابه في إطار الأزمة الداخلية التي يواجهها نجاد بسبب خلافته مع المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دفتر الزوار